لم أكن لأتخيل يوما أن يكون عمودي الأول في جريدة ‘’الوقت ‘’ ان يكون في رثاء والدتي رحمها الله، وبالتحديد في أربعينيتها، أراها الآن وأنا اخط حروف المقال ويداي لا تسعفاني حتى على أن أتنقل بين أزرار الكمبيوتر وهي تنظر إلي بعينيها الواسعتين اللتين تسع طيبة وجمال الكون فيهما وهي تهز إلي رأسها إعجابا وأنا أقول إليها أبيات الشاعر السعودي خالد المريخي، أمي ما هي أم.. أمي كنز حنيه.. حنان الكون كله منوخذ منها..
أتذكر وليت الأيام تعود، المرة الأولى التي قلت لها تلك الأبيات، وكيف أنها للوهلة الأولى زعلت، حيث قلت البيت الأول وبنبرة تمتزج فيها الحسرة والألم وتوقفت، وكأني أقول لها كما فهمت وأردت أن أفهمها بأن أمي ليست كأمهات الغير، وأنا محقه فمن هو في طيبتها !، وكيف انشرحت أساريرها عندما أكملت البيت الأول (أمي كنز حنيه)، حتى باتت تضحك علي وأنا أردد هذه الأبيات حتى أيام وفاتها الأخيرة. حسرة ومرارة تركتها والدتي وألم لن تمحيه أيام عمري المتبقية، من يقول أن الزمان كفيل بنسيانها؟ من يقول أن هناك بعدها من يحمل لي الحب الصادق؟ ألم يرد الى معلوماتك أن يوم وفاة الأم يصرخ ملك في السماء ليقول ‘’ يا عبد مات أول وآخر من أحبك بصدق’’ خمسون دقيقة فقط فصلت رؤيتي إليها وهي تشاركنا مشاهدة التلفاز وبين إعلان وفاتها، ذبلت وهي مازالت نضرة، غسلت وكفنت ودفنت وبقيت خالدة في أعماقنا نحن أبناؤها. لم تشأ أن تتركنا. أنا أعلم ذلك علم اليقين ولكنه قضاء الله، لم تكن حتى تستطيع أن ترانا نبكي أو نحزن فكيف بها سترضى أن يطعننا خنجر فراقها للأبد ليستوطننا الحزن في البقية المتبقية من أعمارنا؟ زارتني في منامي أكثر من خمس مرات وكذلك فعلت لأخواتي، وأقسمت بأنها لن تتركنا وحدنا وأنها معنا (ويقولون أنها ماتت؟) حتى اللحظة أنسى أنها في عداد الأموات وأدعي لها في كل صلاة بأن يطيل الله في عمرها ويغدق عليها الصحة والعافية، ويقولون أنها ماتت ؟… أعود للذكرى لأجدها وهي تقول دائما بأنها تريد أن تموت وهي في صحة وعافية حتى لا ترى يوما تجد فيه نفسها وهي عاجزة عن قضاء احتياجاتها، وكأن الله استجاب إلى دعائها وأماتها وهي كذلك، في الثانية والخمسين من عمرها، رددت إحدى صديقاتها في المقبرة وقت دفنها أنها من الأموات السعيدين، عاشت غنية وماتت قويه بحسب تعبيرها، ماتت بهدوء لم تشأ أن تكلف أحدأً عناء الاهتمام بها.
قبل ستة أشهر بالضبط من وفاتها وبالتحديد في الحادي والعشرين من شهر ديسمبر/ كانون الثاني توفي ابن خالي وزوجته العروسان في حادث سيارة مروع، حزنت عليه حزنا أدمانا نحن أبناءها، بكت عليه حتى جفت عينيها من الدموع لتلحق به في ذات اليوم (الثلثاء) وفي ذات التاريخ، ولم تكتف بذلك لتدفن جنبا الى جنب منه وكأنها أبت أن تعيش في عالم خالى منه.
هو ذاته الباب يطرق علي للمرة الثانية ليشيع إلي خبر وفاة أعز خلق الله علي، والدي ووالدتي رحمهما الله، كرهت الباب وكرهت الغرفة برمتها، دمعتي على والدي لم تجف بعد، صورته لا تجرأ عيناي حتى اللحظة على رؤيتها، وكيف بي وأنا اليوم أضم صورة من حملتني تسعا وأغدقتني حنانا تغبطنني عليه كل صديقاتي إليه؟ قاسية هي الدنيا.. ولكن وكما يقول الشاعر جزى الله المصائب كل خير ولو كانت تشرّقني بريقي فما شوقي لهافا ولكن، تعرفني عدوي من صديقي.
فكم اكتشفت أقنعة لبسها الكثيرون قبل وفاة والدتي وأزالوها أو أزالتها المصيبة لا أدري بالضبط، لأعرف أنهم ليسوا سوى منافقين لم يعد لهم بين قلبي ولا عقلي أي مكان يذكر، وعلى النقيض اكتشفت مدى إخلاص الكثيرين وحبهم من هذه الفاجعة التي ألمت بي.
لا أحزنكم الله في عزيز ولا فرق الله شملكم ولا أراكم مكروها، وشكرا لكل من قدم لنا التعازي في والدتنا، شخصيا أو عبر الهاتف أو من خلال البرقيات.
لم أكن لأتخيل يوما أن يكون عمودي الأول في جريدة ‘’الوقت ‘’ ان يكون في رثاء والدتي رحمها الله، وبالتحديد في أربعينيتها، أراها الآن وأنا اخط حروف المقال ويداي لا تسعفاني حتى على أن أتنقل بين أزرار الكمبيوتر وهي تنظر إلي بعينيها الواسعتين اللتين تسع طيبة وجمال الكون فيهما وهي تهز إلي رأسها إعجابا وأنا أقول إليها أبيات الشاعر السعودي خالد المريخي، أمي ما هي أم.. أمي كنز حنيه.. حنان الكون كله منوخذ منها..
أتذكر وليت الأيام تعود، المرة الأولى التي قلت لها تلك الأبيات، وكيف أنها للوهلة الأولى زعلت، حيث قلت البيت الأول وبنبرة تمتزج فيها الحسرة والألم وتوقفت، وكأني أقول لها كما فهمت وأردت أن أفهمها بأن أمي ليست كأمهات الغير، وأنا محقه فمن هو في طيبتها !، وكيف انشرحت أساريرها عندما أكملت البيت الأول (أمي كنز حنيه)، حتى باتت تضحك علي وأنا أردد هذه الأبيات حتى أيام وفاتها الأخيرة. حسرة ومرارة تركتها والدتي وألم لن تمحيه أيام عمري المتبقية، من يقول أن الزمان كفيل بنسيانها؟ من يقول أن هناك بعدها من يحمل لي الحب الصادق؟ ألم يرد الى معلوماتك أن يوم وفاة الأم يصرخ ملك في السماء ليقول ‘’ يا عبد مات أول وآخر من أحبك بصدق’’ خمسون دقيقة فقط فصلت رؤيتي إليها وهي تشاركنا مشاهدة التلفاز وبين إعلان وفاتها، ذبلت وهي مازالت نضرة، غسلت وكفنت ودفنت وبقيت خالدة في أعماقنا نحن أبناؤها. لم تشأ أن تتركنا. أنا أعلم ذلك علم اليقين ولكنه قضاء الله، لم تكن حتى تستطيع أن ترانا نبكي أو نحزن فكيف بها سترضى أن يطعننا خنجر فراقها للأبد ليستوطننا الحزن في البقية المتبقية من أعمارنا؟ زارتني في منامي أكثر من خمس مرات وكذلك فعلت لأخواتي، وأقسمت بأنها لن تتركنا وحدنا وأنها معنا (ويقولون أنها ماتت؟) حتى اللحظة أنسى أنها في عداد الأموات وأدعي لها في كل صلاة بأن يطيل الله في عمرها ويغدق عليها الصحة والعافية، ويقولون أنها ماتت ؟… أعود للذكرى لأجدها وهي تقول دائما بأنها تريد أن تموت وهي في صحة وعافية حتى لا ترى يوما تجد فيه نفسها وهي عاجزة عن قضاء احتياجاتها، وكأن الله استجاب إلى دعائها وأماتها وهي كذلك، في الثانية والخمسين من عمرها، رددت إحدى صديقاتها في المقبرة وقت دفنها أنها من الأموات السعيدين، عاشت غنية وماتت قويه بحسب تعبيرها، ماتت بهدوء لم تشأ أن تكلف أحدأً عناء الاهتمام بها.
قبل ستة أشهر بالضبط من وفاتها وبالتحديد في الحادي والعشرين من شهر ديسمبر/ كانون الثاني توفي ابن خالي وزوجته العروسان في حادث سيارة مروع، حزنت عليه حزنا أدمانا نحن أبناءها، بكت عليه حتى جفت عينيها من الدموع لتلحق به في ذات اليوم (الثلثاء) وفي ذات التاريخ، ولم تكتف بذلك لتدفن جنبا الى جنب منه وكأنها أبت أن تعيش في عالم خالى منه.
هو ذاته الباب يطرق علي للمرة الثانية ليشيع إلي خبر وفاة أعز خلق الله علي، والدي ووالدتي رحمهما الله، كرهت الباب وكرهت الغرفة برمتها، دمعتي على والدي لم تجف بعد، صورته لا تجرأ عيناي حتى اللحظة على رؤيتها، وكيف بي وأنا اليوم أضم صورة من حملتني تسعا وأغدقتني حنانا تغبطنني عليه كل صديقاتي إليه؟ قاسية هي الدنيا.. ولكن وكما يقول الشاعر جزى الله المصائب كل خير ولو كانت تشرّقني بريقي فما شوقي لهافا ولكن، تعرفني عدوي من صديقي.
فكم اكتشفت أقنعة لبسها الكثيرون قبل وفاة والدتي وأزالوها أو أزالتها المصيبة لا أدري بالضبط، لأعرف أنهم ليسوا سوى منافقين لم يعد لهم بين قلبي ولا عقلي أي مكان يذكر، وعلى النقيض اكتشفت مدى إخلاص الكثيرين وحبهم من هذه الفاجعة التي ألمت بي.
لا أحزنكم الله في عزيز ولا فرق الله شملكم ولا أراكم مكروها، وشكرا لكل من قدم لنا التعازي في والدتنا، شخصيا أو عبر الهاتف أو من خلال البرقيات.
One Comment on “أمي ما هي أم…!”
فاطمة المبارك
كنت حتى هذه اللحظة التي قرات فيها المقال اخشى من شيء واحد:
اخشى من سؤالك: كيف ماتت؟؟
بالتاكيد لست بحاجة لان اسالك عن مشاعرك في فقدها
ولن اسال هذا السؤال
وانما : كيف ماتت؟؟
لا اعتراض على حكمه ابدا
فاننا ان شاء الله من المؤمنين بقضائه وقدره
ولكن:
كيف ماتت؟؟
اعذريني يا صديقتي العزيزة
دائما كنت تعتبرينني الاجرا والاسعد من بين الصديقات
ولكني
جبانة
جبانة
جبانة جدا ناحية تلك المشاعر التي ذكرتها
جبانة حتى الموت