عقدة الأجنبي

ياسمينيات
عقدة الأجنبي
ياسمين خلف

ياسمين خلف

أكثر ما يثير حنقي حقا الاستهزاء بقدرات الموظف البحريني وتبجيل زميله الأجنبي، ولنقل تقدير الأجنبي وتفضيله على البحريني، وهي حقيقة مهما حاول البعض التشكيك فيها، الواقع العملي يثبتها، وكأننا كبحرينيين – وأعني هنا أصحاب الأعمال – مصابون بعقدة أسمها ‘’أجنبي’’، فأن يكون كذلك، فهو يمتلك قدرات لا توجد عند بني جلدتنا، وأن لا يتكلم العربية، فهو يفهم في كل شيء، وفي أي شيء، ويمكن أن يقوم بأي شيء، وخصوصا إن كان ذو عينين خضراوين وبشرته وردية، وكأن كل أجنبي عبقري وكل بحريني خلاف ذلك! وأبواب الخير ستنفتح وعلى مصراعيها لو كانت فتاة، وطبعا لا تملك أي خطوط حمراء بشأن ما تلبس.
البحريني للأسف لا يُعطى فرصته ليثبت قدراته، وإن اعترفوا بقدراته وإمكاناته أو حتى ذكائه الخارق، ووجدوا أن لا مناص من استبداله بآخر أجنبي سيكون تقديره ماديا أقل بكثير مما لو كان من يحل محله أجنبي، ومن دون امتيازات كتلك التي يحصل عليها الأجنبي، والتي منها بدل إيجار الشقة، وتدريس أبنائه في مدارس خاصة، وتأمين صحي، وتذاكر سفر .. وأشياء أخرى ربما.
هل لا كرامة لنبي في وطنه حقا، أم أن البحريني لا يصلح لأن يدير ويخطط ويكون مستشارا، ولا يستحق أن يعيش في بحبوحة، وعليه أن يرضى أن يعيش حتى آخر عمره مكافحا ويكتفي بما يسد رمقه ورمق عياله! البحريني يعطي أكثر مما يأخذ من عمله – وذلك ليس بتعميم بقدر ما هو لحالات كثيرة لا يمكن التغاضي عنها – ولا يخطئ المثل المصري فيهم، إذ يقول ‘’يأخذوا لحم ويرموه عظم’’، فعدد لا يستهان به من الموظفين يُخلصون لأعمالهم لدرجة إفناء أعمارهم في العمل ودون مقابل عند الكثيرين منهم؛ حبا في العمل وحفظا للعشرة، إلا أنهم للأسف لا يجدون من يقف معهم لو أصيبوا فجأة بمرض يمنعهم من مواصلة العمل أو وقعوا في مشكلة يحتاجون إلى من ينتشلهم منها.
الكثير من البحرينيين يحملون أعلى الشهادات وأرفعها وأثبتوا أنهم متفوقون حتى على زملائهم في الخارج ‘’الأجانب طبعا’’، لدرجة أن بعض الدول الكبرى تحاول إقناعهم بالبقاء في رحابها معززين مكرمين برواتب أربعة أضعاف رواتبهم في البحرين، إلا أنهم يؤثرون تربة بلادهم على تلك الامتيازات التي تصبح أقرب إلى الأحلام منهم من الحقيقة، ورغم ذلك يرجعون، ولكن لا يقدَّرون فـ’’مطربة الحي لا تطرب’’، ويمكن أن يقدر زميل له أقل خبرة وإمكانات منه؛ فقط لأنه ‘’أجنبي’’.

العدد 1174 السبت 14 جمادة الأولى 1430 هـ – 9 مايو 2009

ياسمينيات
عقدة الأجنبي
ياسمين خلف

ياسمين خلف

أكثر ما يثير حنقي حقا الاستهزاء بقدرات الموظف البحريني وتبجيل زميله الأجنبي، ولنقل تقدير الأجنبي وتفضيله على البحريني، وهي حقيقة مهما حاول البعض التشكيك فيها، الواقع العملي يثبتها، وكأننا كبحرينيين – وأعني هنا أصحاب الأعمال – مصابون بعقدة أسمها ‘’أجنبي’’، فأن يكون كذلك، فهو يمتلك قدرات لا توجد عند بني جلدتنا، وأن لا يتكلم العربية، فهو يفهم في كل شيء، وفي أي شيء، ويمكن أن يقوم بأي شيء، وخصوصا إن كان ذو عينين خضراوين وبشرته وردية، وكأن كل أجنبي عبقري وكل بحريني خلاف ذلك! وأبواب الخير ستنفتح وعلى مصراعيها لو كانت فتاة، وطبعا لا تملك أي خطوط حمراء بشأن ما تلبس.
البحريني للأسف لا يُعطى فرصته ليثبت قدراته، وإن اعترفوا بقدراته وإمكاناته أو حتى ذكائه الخارق، ووجدوا أن لا مناص من استبداله بآخر أجنبي سيكون تقديره ماديا أقل بكثير مما لو كان من يحل محله أجنبي، ومن دون امتيازات كتلك التي يحصل عليها الأجنبي، والتي منها بدل إيجار الشقة، وتدريس أبنائه في مدارس خاصة، وتأمين صحي، وتذاكر سفر .. وأشياء أخرى ربما.
هل لا كرامة لنبي في وطنه حقا، أم أن البحريني لا يصلح لأن يدير ويخطط ويكون مستشارا، ولا يستحق أن يعيش في بحبوحة، وعليه أن يرضى أن يعيش حتى آخر عمره مكافحا ويكتفي بما يسد رمقه ورمق عياله! البحريني يعطي أكثر مما يأخذ من عمله – وذلك ليس بتعميم بقدر ما هو لحالات كثيرة لا يمكن التغاضي عنها – ولا يخطئ المثل المصري فيهم، إذ يقول ‘’يأخذوا لحم ويرموه عظم’’، فعدد لا يستهان به من الموظفين يُخلصون لأعمالهم لدرجة إفناء أعمارهم في العمل ودون مقابل عند الكثيرين منهم؛ حبا في العمل وحفظا للعشرة، إلا أنهم للأسف لا يجدون من يقف معهم لو أصيبوا فجأة بمرض يمنعهم من مواصلة العمل أو وقعوا في مشكلة يحتاجون إلى من ينتشلهم منها.
الكثير من البحرينيين يحملون أعلى الشهادات وأرفعها وأثبتوا أنهم متفوقون حتى على زملائهم في الخارج ‘’الأجانب طبعا’’، لدرجة أن بعض الدول الكبرى تحاول إقناعهم بالبقاء في رحابها معززين مكرمين برواتب أربعة أضعاف رواتبهم في البحرين، إلا أنهم يؤثرون تربة بلادهم على تلك الامتيازات التي تصبح أقرب إلى الأحلام منهم من الحقيقة، ورغم ذلك يرجعون، ولكن لا يقدَّرون فـ’’مطربة الحي لا تطرب’’، ويمكن أن يقدر زميل له أقل خبرة وإمكانات منه؛ فقط لأنه ‘’أجنبي’’.

العدد 1174 السبت 14 جمادة الأولى 1430 هـ – 9 مايو 2009

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

One Comment on “عقدة الأجنبي

  1. تعليق #1
    كثيرة هي التساؤلات التي تحيكها أدمغتنا!
    ولكن هنالكـ سؤال مهم:
    لو كانت أوطاننا فقيرة النفط وذهبنا للعمل في الدول العربية أو الآسيوية التي نوظف أبناءها “بالهبل” هل سنحصل على وظيفة ماسح أحذية؟؟!
    ::
    مقال جريء يتناول هموم الكثيرين ممن يمتلكون شهادات عالية ولكن- للأسف نطبق : عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب وهذه مشكلة أزلية لا تحل إلا بالتزود بـ فيتامين واو!

    سأغمض عيني فقط وأغني بأمل”أنا عم بحلم”
    ::

    الجميلة ياسمين
    صبآحكـ أمل لا يذبل…
    بتول حميد السبت 9 مايو 2009
    تعليق #2
    مع إحترامي للكاتبة الجميلة، لا أظن أن مقالها صحيح، وبخاصةٍ الفقرة الأخيرة، حيث لم تقدم دليلاً يثبت رأيها
    مارك علي السبت 9 مايو 2009
    تعليق #3
    أعرف أجانب وآخرين معي في العمل يتقاضون مرتبات اكثر مما يتقاضونه في بلدانهم بعشرين مره ، تخيل انك بحريني ذهبت لبلد أجنبي وأعطوك مرتب اكبر بعشرين مره ما يتقاضاه ابن البلد مع السكن والمميزات الاخرى كالتأمين الصحي وتعليم الابناء ، الن يكون أدائك في العمل أفضل من ابن البلد ؟ وانا اعمل في شركة وطنية فاشلة وخسرانه من زمان ، لو طلب الاجنبي أن يدرس ابناءة في وكالة ناسا للفضاء لدفعوا له مصاريف الدراسة.
    حسين السبت 9 مايو 2009
    تعليق #4
    كلامك صحيح 100%. وصل الأمر في بعض المؤسسات أن يأتون بالأجنبي يتدرب سنتين، ثم يهاجر سنتين ويرجع برتبة كبير مدراء ثم يهاجر سنتين ويرجع برتبة مدير عام وهكذا وعندي أسماء وأدلة كثيرة (للعلم أعمل في شركة وطنية منذ 30 سنة وهذا ديدنهم) ومع كل الميزات – تعليم – تذاكر سنوية- سكن – تأمين صحي وغيرها. أما البحريني فالراتب المتواضع فقط وعليه الباقي .
    لكن عندنا حتى المقاولين لا يحصلون على مشاريع كبيرة غذا لم يوقع على أوراق المشروع مهندس أجنبي وإذا لا يوجد مدير أو مهندس أجنبي في المشروع فوزارة الأشغال لا تقبل مشاريع بدون أجانب من أصحاب البشرة الوردية. المشكلة أن هذه الأشياء ليست مكتوبة لكنها مطبقة. إسألي كبار المقاولين!!

    تحياتي
    حسن السبت 9 مايو 2009
    تعليق #5
    يا ياسمين | ان بلدك هذا هو من زرع هذه العقدة ودليل ذلك فقد جلب لنا قطعان الشام وبلدان اسيا والمغرب العربي فاصبح الاجانب لدينا من كل حدب وصوب ينسلون ،، حيث تريد ان تستبدل شعبها بشعب اخر ذا ألوان متعددة ولهجات وثقافات فتزدهر الثقافة لدينا وليذهب البحريني الى الجحيم
    خالد الجاسم السبت 9 مايو 2009
    تعليق #6
    هذه من العجائب في البحرين بلد العجائب والغرائب، تجد هذه الحقيقة وبالخصوص في القطاع الخاص .. تجد البحرينيين من أصحاب الكفاءات يعملون بالوظائف الدنيا والأجانب يعملون في الوظائف الادارية العليا .. وحتى اذا صار شاغر في احدى الوظائف الادارية مع وجود كفاءات وطنية يتم جلب اجنبي من الخارج ليشغله ..
    الله يعيننا على هالحالة
    أبو زينب السبت 9 مايو 2009
    تعليق #7
    صباح الخير آنسة ياسمين خلف

    تحيه شكر لج على مقال اليوم في صفحه المنتدى تحت عنوان ( عقدة الأجنبي ) اللي لمستي فيه توجه كثير من اصحاب الاعمال في تفضيل الاجنبي ع البحريني وهي حقيقه ملموسة فعلا

    البحريني قادر على تأديه مهام الموظف الاجنبي بكفاءه عاليه ايضا .. لكن بعض الاحيان يبقى المؤهل الاكاديمي حاجز امام الموظف البحريني ، في نسبه كبيره من الموظفين يكتفون بشهاده البكالوريوس في تخصصهم ثم ينصرفون لحياتهم العمليه او الخاصه ولا يجدون الوقت من اجل الاستمراريه في طلب العلم او دراسه شهادات احترافيه فضلا على الكم الهائل من المؤسسات التعليميه ( الجامعات الخاصه ) اللي قاعده توزع شهادات الماجستير بساعات اكاديميه بسيطه وبشروط بسيطه مما ادى الى افقاد هذه الشهاده لقيمتها في السوق تقريبا

    الموظف الجيد هو الذي يحاول يطور من نفسه ويجهز نفسه لاي فرصه سانحه للارتقاء الوظيفي .. لكي ارتقى في وظيفتي لابد ان يكون لدي خبرة عمليه وان تكون لدي شهاده اكاديميه سواء احترافيه او شهاده في الادارة او اي مؤهل عالي المستوى يؤهلني لتحمل المسؤوليه ، لابد للموظف ان يسعى لتطوير نفسه تعليميا في المنشاة اللي يشتغل فيها ، فحين تسنح الفرصه للارتقاء الوظيفي يكون الموظف جاهز وقادر ان يقدم اوراقه ويتقدم ليشغل المنصب

    الوضع السائد حاليا ان الموظفين ينتظرون الارتقاء الوظيفي وبعد ذلك يفكرون في الدراسه لهذا المنصب ، يمعنى ان حصلت على المنصب راح ادرس واطور نفسي اكاديميا سواء على حساب المنشأة او على حسابي الخاص .. ولذلك هذا التفكير من وجهة نظري يؤثر على فرصهم في الارتقاء في السلم الوظيفي
    Les Feuilles Mortes الأحد 10 مايو 2009
    تعليق #8
    هذه العقدة ليست فقط في البحرين بل في كل بلدان الخليج العربي و قد لمستها بنفسي حتى نحن الأجانب ( حتى العربي يعتبر أجنبي) هناك تمييز فيما بيننا فالأمريكي و الإنجليزي يتقاضى راتبا خياليا و من بعدها تأتي الجنسيات الأوروبية الأخرى و العرب ثالثا و في الدرجة الرابعة الهنود. الشكلة أني عملت مع أميركان و إنجليز و لم أرهم هؤلاء المتفوقين في عملهم بل هم ممن يعيشون على راتب البطالة في بلدانهم و يأتون إلينا على أنهم على درجة عالية من الذكاء. هناك دراسة تشير أن نسبة الذكاء الفردي لدى شعوب الشرق الأوسط من أعلى النسب و لكن ينقصها التخطيط الجماعي ليس إلا فلماذا يتبوأ العرب مناصب رفيعة في الغرب في حين أنهم محرومون منها في بلدانهم. أود أن أشير إلى أنه حدثت معي حوادث بسيطة في المطارات و البنوك فأنا أشقر البشرة و عيوني خضراء و ملامحي قريبة من الغربيين و أحيانا يأتيني أحد ما و يتحدث معي بالإنجليزية و ما أن أرد عليه بالعربية فإن النظرة تتغير قليلا فأنا لا أحمل جواز سفر غربي.
    Mamdouh Hatem الثلاثاء 19 مايو 2009
    تعليق #9
    شكرا على الموضوع الجميل
    واعتقد ان الكل قد رائ هذا الموضوع بعينه
    ولاكن هولاء من يفضلون الاجانب بهم نقص
    ام انهم خائفون من شي ما مما يجعلهم يحبون الاجنبي للتستر عليهم
    والاجنبي يتستر عليهم خوفا من مسالة تجديد العقود
    انها حلقة النفاق

    وفي الاخير انه مجرد راي
    محمد الأربعاء 9 سبتمبر 2009
    تعليق #10
    الله يعينا والله يا ياسمين الواحد تجيه حرة تبط مصارينه بط على هالعيشة انا عن نفس راح أنطرد من بيت عمي والسبب ما في مكان والأجنبي يجي وكل شئ جاهز وموفر له، إحنا يالبحرينين كله عبالهم إن ما نشتغل لا ويحرمونه من أبسط حقوقنا الله يعزك بس يبونا حمير شغل لا حوافز لا ترقيات عادي عندهم أنا زوجي يشتغل 10 سنوات في شركة وراتبه بس 160 دينار على قولتهم المفروض 200 دينار بس يخصمون فلوس التأمين لكن الله على الظالم وفوق ذي كله أجارات الشقق اللي كلها فوق مو قلنا الأجانب بس هم اللي يقدرون يدفعون أما إنت يا البحريني ففي الطقاق
    زهراء الأربعاء 21 أكتوبر 2009

    رد

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.