من القلب إلى القلب

ياسمينيات
من القلب إلى القلب
ياسمين خلف

ياسمين خلف

لمحتها تنتقل من مريضة لأخرى في الجناح تضحك معهم تساعدهم في الذهاب إلى دورات المياه، تتبادل معهم أطراف الحديث، لم تكن مريضة في الجناح ولم تكن ممرضة، قادني الفضول لأعرف من هي فقالت وهي تبتسم ”أنا أعمل منظفة في المستشفى وبعد أن أنهي نوبة عملي أقصد الأجنحة لأساعد المرضى، أكسب الأجر من خلالهم فهم يكسرون الخاطر ويستحقون يدا تساعدهم فيكفيهم ما فيهم ” بصراحة دهشت وفرحت في ذات الوقت من جوابها، فثقافة التطوع ولاسيما في المستشفيات لم نعتد على رؤيتها في مجتمعنا البحريني ولو كانت منتعشة كما هي في بعض البلدان الأجنبية وحتى بعض الدول العربية والتي منها لبنان لساعدت في سد نواقص في الخدمات ولاسيما النقص في عدد الممرضات، إذ مع توافر متطوعين يمكن أن تسند إليهم بعض المهام التي لا تعتبر خطيرة أو صعبة ويمكن لأي منا القيام بها، كما أن وجودهم بين المرضى يمكن أن يساعد في رفع مستوى معنوياتهم خصوصا أنهم ”المتطوعين” يأتون بمحض أرادتهم بمعنى أنهم أحبوا عمل الخير دون مقابل وغير مرغمين عليه فتكون مساعدتهم من القلب إلى القلب ولن يتذمروا على العمل الذي يقومون به.
ما رأيته في هذه المتطوعة أعاد ذاكرتي لأحدى البلدان التي زرتها و استغربت من وجود عدد من كبيرات السن يعملن في إحدى المحلات التابعة للمستشفى، بصراحة ضحكت مع أختي وقلنا متندرات ”ما شاء الله لو كن هؤلاء العواجيز في البحرين لرأيتهن في دار العجزة لا يتمكن حتى من الحركة” وتبين لنا بعد أن سألن عن سر السماح لهن للعمل وهن في أرذل العمر، بأنهن متطوعات وما يجنينه من العمل يذهب ريعه للمستشفى! وهذا يقودنا إلى مسألة أخرى ألا وهي أن تطوع المتقاعدين عن العمل في أي من الأعمال الخيرية يمكن أن يكون له مرود مضاعف، أولا سيعيدون بذلك العمل التطوعي الحيوية إلى أنفسهم التي غالبا ما تصاب بالهرم والموت أن ما قاتلها الفراغ والملل وثانيا تطوعهم يعني تقديم المساعدات التي يمكن تدعم العمل وتعزز الخدمات.
للأسف رغم أن ديننا الإسلامي يحثنا على عمل الخير إلا أن الأجانب يتفوقون علينا وبمراحل في مسألة تقديم الدعم والمساعدة للغير دون انتظار المقابل، وأن أحببنا أن نزرع هذه الروح في الأجيال القادمة علينا أن نعزز روح تقديم المساعدة في أطفالنا ليكبروا وهم يقبلون على عمل الخير دون أن يشعروا بأنه عمل ثقيل على النفس، إحدى المتطوعات من طالبات جامعة البحرين والتي دأبت على مساعدة المعاقين من الطلبة قالتها ذات مرة بأن حبها للمساعدة جاء لحب والدتها ومن قبلها جدتها لمساعدة من حولهن حتى كبرت على هذه الروح بل وتخاف من اليوم الذي لا تجد فيه الفرصة لتقديم المساعدة لمن يحتاجها.

العدد 1047 الجمعة 5 محرم 1430 هـ – 2 يناير 2009

ياسمينيات
من القلب إلى القلب
ياسمين خلف

ياسمين خلف

لمحتها تنتقل من مريضة لأخرى في الجناح تضحك معهم تساعدهم في الذهاب إلى دورات المياه، تتبادل معهم أطراف الحديث، لم تكن مريضة في الجناح ولم تكن ممرضة، قادني الفضول لأعرف من هي فقالت وهي تبتسم ”أنا أعمل منظفة في المستشفى وبعد أن أنهي نوبة عملي أقصد الأجنحة لأساعد المرضى، أكسب الأجر من خلالهم فهم يكسرون الخاطر ويستحقون يدا تساعدهم فيكفيهم ما فيهم ” بصراحة دهشت وفرحت في ذات الوقت من جوابها، فثقافة التطوع ولاسيما في المستشفيات لم نعتد على رؤيتها في مجتمعنا البحريني ولو كانت منتعشة كما هي في بعض البلدان الأجنبية وحتى بعض الدول العربية والتي منها لبنان لساعدت في سد نواقص في الخدمات ولاسيما النقص في عدد الممرضات، إذ مع توافر متطوعين يمكن أن تسند إليهم بعض المهام التي لا تعتبر خطيرة أو صعبة ويمكن لأي منا القيام بها، كما أن وجودهم بين المرضى يمكن أن يساعد في رفع مستوى معنوياتهم خصوصا أنهم ”المتطوعين” يأتون بمحض أرادتهم بمعنى أنهم أحبوا عمل الخير دون مقابل وغير مرغمين عليه فتكون مساعدتهم من القلب إلى القلب ولن يتذمروا على العمل الذي يقومون به.
ما رأيته في هذه المتطوعة أعاد ذاكرتي لأحدى البلدان التي زرتها و استغربت من وجود عدد من كبيرات السن يعملن في إحدى المحلات التابعة للمستشفى، بصراحة ضحكت مع أختي وقلنا متندرات ”ما شاء الله لو كن هؤلاء العواجيز في البحرين لرأيتهن في دار العجزة لا يتمكن حتى من الحركة” وتبين لنا بعد أن سألن عن سر السماح لهن للعمل وهن في أرذل العمر، بأنهن متطوعات وما يجنينه من العمل يذهب ريعه للمستشفى! وهذا يقودنا إلى مسألة أخرى ألا وهي أن تطوع المتقاعدين عن العمل في أي من الأعمال الخيرية يمكن أن يكون له مرود مضاعف، أولا سيعيدون بذلك العمل التطوعي الحيوية إلى أنفسهم التي غالبا ما تصاب بالهرم والموت أن ما قاتلها الفراغ والملل وثانيا تطوعهم يعني تقديم المساعدات التي يمكن تدعم العمل وتعزز الخدمات.
للأسف رغم أن ديننا الإسلامي يحثنا على عمل الخير إلا أن الأجانب يتفوقون علينا وبمراحل في مسألة تقديم الدعم والمساعدة للغير دون انتظار المقابل، وأن أحببنا أن نزرع هذه الروح في الأجيال القادمة علينا أن نعزز روح تقديم المساعدة في أطفالنا ليكبروا وهم يقبلون على عمل الخير دون أن يشعروا بأنه عمل ثقيل على النفس، إحدى المتطوعات من طالبات جامعة البحرين والتي دأبت على مساعدة المعاقين من الطلبة قالتها ذات مرة بأن حبها للمساعدة جاء لحب والدتها ومن قبلها جدتها لمساعدة من حولهن حتى كبرت على هذه الروح بل وتخاف من اليوم الذي لا تجد فيه الفرصة لتقديم المساعدة لمن يحتاجها.

العدد 1047 الجمعة 5 محرم 1430 هـ – 2 يناير 2009

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

2 Comments on “من القلب إلى القلب

  1. فارس الوقت

    الناس مشغولة بالأزمة المالية وغزة والمجنسين والمقداد في السجن ومحرم وتطوير الطرق المتواصل للأبد وطبعا الموازنة كلها واقفه بأنتظار خمس ورقات من فئة بو عشرة دينار ورجوع السعيدي….
    وأنتي للحين مع موضوع السكلر.. محد بيسمعش… محد بيقرا مقالاتك.. محد بيفهمش… عندي عشرة دينار اتبرع فيها لغزة ولا لأهلي وللأطفال اللي عندهم سكلر… ؟؟ الحكومة قررت غزة أولا .. الشعب قرر جمعية الأصلاح والعراق أولا… وأنتي للحين ما يأستي…
    ياسمين… الكتابة في عمود ما راح تكفي….
    ياسمين خذي فكرتي وانا بساعدك فيها إذا أنتي بدأتي..
    بدل ما نحرق الشوارع ونشيل لافتات حق العراق وغزة ولبنان ونطلع المسيرات.. خلينا مرة وحده نطلع مسيرة سكلر.. كلش كلش نطبع منشورات ونوقف عند وزارة الصحة .. لا لمصلحة شخصية ولا لمصلحة دينينة ولا لمصلحة دنيوية بل للأطفال… صدقيني ساعتها الكل راح يقدرنا ويفهم إن أحنا فهمنا معنى حرية الرأي …
    بدل مظاهرات لفلسطين بدل مسيرات لغزة وشغب لبعض أبطالنا المعتقلين…
    خلينا ننشر ونطالب وبأعلى صوت مسيرة للسكلر… نعم فقط لهؤلاء.. والله لو كان فيهم شدة كانوا هم بيسونها قبلنا…
    ياسمين تعرفين أن الملك اعطانا الحق ان احنا انسوي إعلان في الجرائد المحلية لمسيرة مثل هل المسيرة… يعني لو كنت انا الملك .. كنت راح اقول أخيرا طلعوا مسيرة .. سوو إنشالله شغب بس مو حق آخرين مو حق ناس قادرين بل لأطفال ديرتنا…
    وانا بدفع قيمة الأعلان يا ياسمين..
    خلينا مرة وحدة نستخدم الحرية اللي عندنا في محلها….
    طبعا نقدر نستمر في باقي المسيرات.. وطبعا في بعض المسيرات طلعت لنفس الشعارات.. بس مو بنفي الحماس…
    خلينا نسميها المسيرة الجماهيرية الحرة لأيتام السكلر… بدون توعية ما نبي أي توعية ..شبعنا توعية نبي حل وبعدين توعية …
    وتحياتي

    رد
  2. تعليق #1
    انا فاخور من اختى ياسمين من المقالات التى تكتبها والتى فيها تحاول ان تستخلصها من ارض الواقع انا اراى انها من الواقع العملى شكرا جزيلا واتمنى المزيد لك
    محمد ثروت الجمعة 2 يناير 2009
    تعليق #2
    فعلا نفتقد لمثل هذه الاحاسيس في هذه الايام , شكرا لهذا المقال الرائع يا عصفورة الجريدة .
    بوجمعة الجمعة 2 يناير 2009
    تعليق #3
    الممارس للرياضه يفيد نفسه اولا واخيرا
    والمتطوعين يفيدون المجتمع وانفسهم
    بتحريك اجسادهم عن الخمول والتيبس
    ومن المؤكد انهم يستمتعون بهذا العمل
    لان فيه رضا لانفسهم وربهم ومجتمعهم. ارى ان المجتمع والحكومه لا يشجعون كثيرا على العمل التطوعي.
    موضوعك جميل ومفيد شكرا
    hassan الجمعة 2 يناير 2009
    تعليق #4
    المحترمة ياسمين..
    ما عادتْ ثقافة العمل التطوّعي تسترعي انتباهنا نحن الشرقيين؛ لأننا – مع الأسف – نشعر بأحد أمرين: إما باستغلال مؤسسات بعينها سواء كانت أهلية أو حكومية، أو بفقدان التقدير المعنوي. ومن ثَمَّ العزوف. ياسمين .. قلمكِ الحر حرِيٌّ به أن يحدثَ صدىً وتأثيراً على القارئ يُضاف إلى تأثير قلم الأستاذة سبيكة النجار وصداه في مقال عدد الأمس في صحيفة الوقت أيضا والموسوم بـ “العمل التطوعي ذلك العلاج الناجح”، لنكون أصحاب حضارة إنسانية نابعة من ديننا القويم. مساع ٍ مباركة.
    يحذرُ الآخرةَ الجمعة 2 يناير 2009
    تعليق #5
    ملاحظتك جداً ممتازة, لم لا تحولين هذه الفكرة إلى حملة تنشرين بها ثقافة جديدة للتغيير في العمل التطوعي….
    أقترح إنشاء اتحاد خاص بالمتطوعين في هذا المجال وأن يُشرف على تدريبهم جهة حكومية بحيث توزع المهام عليهم وتنظم طاقاتهم. وأيضا من واجبنا تشجيع الشباب على هكذا أعمال وخصوصا أن هناك أعداد فلكية من العاطلين الذين بإمكاننا توجيه طاقاتهم لما ينمي روح الإنتماء والمبادرة لديهم….
    و بالإمكان عمل جوائز تشجيعية وتقديرية للمتطوعين لخلق الدافع الإنساني لديهم….

    يجب أن لا ننتظر إلى الغد وأن نأخذ بما قاله رسول (ص): “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان” فحن وما نحمله من دين وعقائد أفضل من الأجانب بكثير وهذا من صميم مسيرتنا لله ومسؤليتنا تجاه وططننا الحبيب…
    بوركت على هكذا أفكار ووفقك الله …..
    صفاء حسن الجمعة 2 يناير 2009
    تعليق #6
    شكرا اختي ياسمين على الموضوع المهم, برأي المشكلة ترى مو في الناس اللي ما يبون يتطوعون. المشكلة في المؤسسات التي تحتاج متطوعين. ما في تواصل مع المجتمع و إعلانات عن الحاجة للمساعدة. صار لي سنة و أنا أمشي و أسأل وين ممكن أتطوع و محد عاطني وجه في حين لما أفتح الإنترنت الاقي قائمة بمجالات التطوع في كل بلد إلا البحرين. ساعدوني يالأجاويد.
    اميرة الجمعة 2 يناير 2009
    تعليق #7
    كل عاو وانتي بخير ياياسمين والي اداره الجريده الموقره ولجميع العملين اما بخصوصو الموضوع فهو جيد ورائع لاخذ العبر منه تحياتي من الامارات
    صلاح الجمعة 2 يناير 2009
    تعليق #8
    مساء الخير اختي ياسمين

    هناك القليل منا من يحمل في قلبه الرحمه في زمننا هذا ..

    يعطيها ربي الف عافيه وعن جد فرحتينا بهالمقال والله يكثر من امثالها واجره على رب العالمين ..
    الفجـ روح ـر الجمعة 2 يناير 2009

    رد

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.