مساحة حرة
سخرية القدر
جاء أيل يقتله الظمأ الي نبع ماء ليشرب، وبعد أن أرتوي لاحظ أن صورته المرتسمهة علي الماء صورة جميلة، فشعر بالفخر والزهو، لقرون الوعل العظيمة التي يحملها، لكنه لم يرتح لمنظر ساقية الضعيفتين الهزيلتين.
وبينما هو مستغرق في تفكيره، رآه أسد وجري نحوه، لكنه أفلت منه اذ فر سريعاً وسبقه بسهولة، لأن قوة الغزال تكمن في رجليه بينما قوة الأسد في شجاعة قلبه. وكلما كانت الأرض منبسطة أمامه أسرع الأيل وكان آمناً، لكن عندما وصلا الي الغابة تشابكت قرونه مع أفرع الأشجار وعاقه ذلك عن الجري فلحق به الأسد. قال وهو يكاد يحتضر: (وا اسفاه! الأرجل التي كنت أعيبها هي التي حافظت علي بقائي وقرون الوعل التي كنت أفاخر بها هي التي أهلكتني فيا لسخرية القدر!!
تلك حكاية من الحكايات الشعبية اليونانية التي نسبها اليونانون الي (إيسوب) وهي شخصية خرافية لعدم معرفتهم المؤلف الحقيقي لها.. تحمل من الدروس الكثير، منها بأن الصديق المخلص كما نعتقد يخون تلك الثقة في أصعب المواقف وأحرجها، والعدو (كما نعتقد) كذلك نعرف أنه هو الصديق الحق بعدما ينتشلنا من وسط النار.. حينها فقط نعرف صديقنا من عدونا ولكن للأسف بعد فوات الآوان!!
فالطعنة في الظهر غالباً ما تكون من صديق قريب لك، فثقتك الزائدة عن حدها تجعلك تأمن غدره وتستبعد خيانته، علي عكس من تحذر منه وتتوقع منه الغدر، فتبقي بعيداً عنه لكيلا تطالك يديا، علي الرغم أنه قد يكون كافياً شره بخيره، بل قد تكون النصيحة هي ما يقوم بها، فتجعل أذنيك حماء وكأنك أصبت (بالطرش) ولم تعد قادراً علي السمع، فالقدماء لم يغفلوا هذا الأمر وقالوا: رحم الله عدواً أبكاني، ولا صديقاً يضحك علي.
فالأول قد يبكيك لصراحته التي هي في صالحك، والآخر ينافقك فيبهجك في الظاهر ويضرك في الباطن.
وعلي الجانب الآخر من القصة التي حكاها (إيسوب) علي حد قول اليونانيين سنجد ان ما قد يكره الانسان قد يكون في صالحه وما يحبه في طالحه.. وكما قال عز وجل في كتابه الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم (وعسي أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسي أن تحبوا شئ وهو شر لكم) صدق الله العلي العظيم.
فالانسان لجهله ينظر بعين واحدة، وطبعاً تلك التي تري السيء من الأمور، ويغلق عينه الأخري التي تري محاسنها، دون أن يحمد الله علي النعم التي أنعمها عليه والتي هي بلا شك في صالحه.
ياسمين خلف
catfeat
2003-06-13
مساحة حرة
سخرية القدر
جاء أيل يقتله الظمأ الي نبع ماء ليشرب، وبعد أن أرتوي لاحظ أن صورته المرتسمهة علي الماء صورة جميلة، فشعر بالفخر والزهو، لقرون الوعل العظيمة التي يحملها، لكنه لم يرتح لمنظر ساقية الضعيفتين الهزيلتين.
وبينما هو مستغرق في تفكيره، رآه أسد وجري نحوه، لكنه أفلت منه اذ فر سريعاً وسبقه بسهولة، لأن قوة الغزال تكمن في رجليه بينما قوة الأسد في شجاعة قلبه. وكلما كانت الأرض منبسطة أمامه أسرع الأيل وكان آمناً، لكن عندما وصلا الي الغابة تشابكت قرونه مع أفرع الأشجار وعاقه ذلك عن الجري فلحق به الأسد. قال وهو يكاد يحتضر: (وا اسفاه! الأرجل التي كنت أعيبها هي التي حافظت علي بقائي وقرون الوعل التي كنت أفاخر بها هي التي أهلكتني فيا لسخرية القدر!!
تلك حكاية من الحكايات الشعبية اليونانية التي نسبها اليونانون الي (إيسوب) وهي شخصية خرافية لعدم معرفتهم المؤلف الحقيقي لها.. تحمل من الدروس الكثير، منها بأن الصديق المخلص كما نعتقد يخون تلك الثقة في أصعب المواقف وأحرجها، والعدو (كما نعتقد) كذلك نعرف أنه هو الصديق الحق بعدما ينتشلنا من وسط النار.. حينها فقط نعرف صديقنا من عدونا ولكن للأسف بعد فوات الآوان!!
فالطعنة في الظهر غالباً ما تكون من صديق قريب لك، فثقتك الزائدة عن حدها تجعلك تأمن غدره وتستبعد خيانته، علي عكس من تحذر منه وتتوقع منه الغدر، فتبقي بعيداً عنه لكيلا تطالك يديا، علي الرغم أنه قد يكون كافياً شره بخيره، بل قد تكون النصيحة هي ما يقوم بها، فتجعل أذنيك حماء وكأنك أصبت (بالطرش) ولم تعد قادراً علي السمع، فالقدماء لم يغفلوا هذا الأمر وقالوا: رحم الله عدواً أبكاني، ولا صديقاً يضحك علي.
فالأول قد يبكيك لصراحته التي هي في صالحك، والآخر ينافقك فيبهجك في الظاهر ويضرك في الباطن.
وعلي الجانب الآخر من القصة التي حكاها (إيسوب) علي حد قول اليونانيين سنجد ان ما قد يكره الانسان قد يكون في صالحه وما يحبه في طالحه.. وكما قال عز وجل في كتابه الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم (وعسي أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسي أن تحبوا شئ وهو شر لكم) صدق الله العلي العظيم.
فالانسان لجهله ينظر بعين واحدة، وطبعاً تلك التي تري السيء من الأمور، ويغلق عينه الأخري التي تري محاسنها، دون أن يحمد الله علي النعم التي أنعمها عليه والتي هي بلا شك في صالحه.
ياسمين خلف
catfeat
2003-06-13
أحدث التعليقات