بقلم : ياسمين خلف
يقال أنك لو ضربت ابنك ضربة خفيفة وأنت توبّخه لبكى، ولو ضربته ضربة أقوى منها وأنت تمازحه لضحك. فالألم المعنوي أشد إيذاءً على النفس من الألم الجسدي بمرات.
والأسلوب في التحدّث، وفي المناصحة، وحتى في إلقاء الأوامر يُحدث فرقاً كبيراً في مدى تقبّله من الطرف الآخر، سواءً كان طفلاً أو شاباً أو حتى رجلاً كبيراً، فما تريد أن تقوله سيصل للطرف الآخر بأي أسلوب كان نعم، ولكن الفرق أن أسلوبك إما أن يجعل منك شخصاً قاسياً، عديم الرحمة، ومكروهاً أو أن يجعل منك شخصاً محبوباً تُلبى لك مطالبك حتى قبل أن تتحدّث، ومن ذلك نبرة الصوت وحدّته.
وأسوأ ما يكون أن تجرح بكلماتك وأسلوبك الفض طفلاً لا يُدرك بعد ماهية الحياة ولا أسلوب التعامل مع الكبار، ولا يعرف غير العفوية وحُسن النية. طفل في الصف الأول الابتدائي، فُك رباط حذائه، ولم يعرف كيف يعقد ربطاته، فيداه الصغيرتان الغضتان لم تتعودا بعد على ربط تلك الخيوط التي تشكّل له لغزاً، لا تعرف حله إلا والدته التي تعوّد أن يلجأ إليها، ولأنه في المدرسة، وكما علّمته والدته أن المعلمة أم ثانية له في المدرسة، طلب منها وبعفوية وببراءة مساعدته في ربط تلك الخيوط، فزجرته – ربما لاعتقادها أن دورها يقتصر على التدريس وليس أي شيء آخر- وطلبت منه وبأسلوب قاسٍ أن يطلب من والدته أن تشتري له حذاءً آخر بدون ربطات، وبحسب والدته، أن طفلها سرد لها الحادثة بقلب مكسور. أليس بمقدور هذه المعلّمة أن تطلب من ذاك الطفل بأسلوب آخر دون أن تجرحه أو تفطر قلبه؟، أتقبل هذه المعلمة ومن على شاكلتها أن يعامل أطفالهن بذات الأسلوب؟ وماذا ستكون ردة فعلها لو كان ذاك الطفل طفلها؟ تساؤلات نقلتها الأم بقلب محترق.
مهنة الرسل مهنة لابد أن تُحترم، وقبل أن نطلب من الآخرين احترامها يجب أن يحترم حامل رايتها مبادئ هذه المهنة، وأن يكون على قدر عالٍ من الأخلاق والتهذب، فالطفل يجد معلمه قدوة يحتذي بها، وإحداث شرخ في نفسية الطفل في سنوات عمره الأولى يبقى أثره طويلاً في نفسيته بل وحتى على سلوكه المستقبلي.
لا نعمِّم أبداً، فهناك مربون نرفع لهم قبعاتنا لما يتمتعون به من أخلاق وأسلوب راقٍ في التعامل مع الطلبة، إذ يعتبرونهم أبناء لهم لا طلبة، يخافون عليهم، ولا يبخلون عليهم لا بعلم ولا بعاطفة أو بحنان، كتلك المعلّمة التي وبعد أن قدّمت قطعة بسكويت لطفل لتهدئ من روعه، تفاجأت بعد نحو 20 عاماً من الحادثة يقول لها وعبر الفيسبوك “شكراً على معاملتك الحانية فلم أنس لطفك معي”.
ياسمينة: كاد المعلم أن يكون رسولاً.
yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال
https://www.instagram.com/p/BB7hsH-Bbkl1mM3r3uKxlcPFEvf2lQIP7ROrNI0/
بقلم : ياسمين خلف
يقال أنك لو ضربت ابنك ضربة خفيفة وأنت توبّخه لبكى، ولو ضربته ضربة أقوى منها وأنت تمازحه لضحك. فالألم المعنوي أشد إيذاءً على النفس من الألم الجسدي بمرات.
والأسلوب في التحدّث، وفي المناصحة، وحتى في إلقاء الأوامر يُحدث فرقاً كبيراً في مدى تقبّله من الطرف الآخر، سواءً كان طفلاً أو شاباً أو حتى رجلاً كبيراً، فما تريد أن تقوله سيصل للطرف الآخر بأي أسلوب كان نعم، ولكن الفرق أن أسلوبك إما أن يجعل منك شخصاً قاسياً، عديم الرحمة، ومكروهاً أو أن يجعل منك شخصاً محبوباً تُلبى لك مطالبك حتى قبل أن تتحدّث، ومن ذلك نبرة الصوت وحدّته.
وأسوأ ما يكون أن تجرح بكلماتك وأسلوبك الفض طفلاً لا يُدرك بعد ماهية الحياة ولا أسلوب التعامل مع الكبار، ولا يعرف غير العفوية وحُسن النية. طفل في الصف الأول الابتدائي، فُك رباط حذائه، ولم يعرف كيف يعقد ربطاته، فيداه الصغيرتان الغضتان لم تتعودا بعد على ربط تلك الخيوط التي تشكّل له لغزاً، لا تعرف حله إلا والدته التي تعوّد أن يلجأ إليها، ولأنه في المدرسة، وكما علّمته والدته أن المعلمة أم ثانية له في المدرسة، طلب منها وبعفوية وببراءة مساعدته في ربط تلك الخيوط، فزجرته – ربما لاعتقادها أن دورها يقتصر على التدريس وليس أي شيء آخر- وطلبت منه وبأسلوب قاسٍ أن يطلب من والدته أن تشتري له حذاءً آخر بدون ربطات، وبحسب والدته، أن طفلها سرد لها الحادثة بقلب مكسور. أليس بمقدور هذه المعلّمة أن تطلب من ذاك الطفل بأسلوب آخر دون أن تجرحه أو تفطر قلبه؟، أتقبل هذه المعلمة ومن على شاكلتها أن يعامل أطفالهن بذات الأسلوب؟ وماذا ستكون ردة فعلها لو كان ذاك الطفل طفلها؟ تساؤلات نقلتها الأم بقلب محترق.
مهنة الرسل مهنة لابد أن تُحترم، وقبل أن نطلب من الآخرين احترامها يجب أن يحترم حامل رايتها مبادئ هذه المهنة، وأن يكون على قدر عالٍ من الأخلاق والتهذب، فالطفل يجد معلمه قدوة يحتذي بها، وإحداث شرخ في نفسية الطفل في سنوات عمره الأولى يبقى أثره طويلاً في نفسيته بل وحتى على سلوكه المستقبلي.
لا نعمِّم أبداً، فهناك مربون نرفع لهم قبعاتنا لما يتمتعون به من أخلاق وأسلوب راقٍ في التعامل مع الطلبة، إذ يعتبرونهم أبناء لهم لا طلبة، يخافون عليهم، ولا يبخلون عليهم لا بعلم ولا بعاطفة أو بحنان، كتلك المعلّمة التي وبعد أن قدّمت قطعة بسكويت لطفل لتهدئ من روعه، تفاجأت بعد نحو 20 عاماً من الحادثة يقول لها وعبر الفيسبوك “شكراً على معاملتك الحانية فلم أنس لطفك معي”.
ياسمينة: كاد المعلم أن يكون رسولاً.
yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال
https://www.instagram.com/p/BB7hsH-Bbkl1mM3r3uKxlcPFEvf2lQIP7ROrNI0/
أحدث التعليقات