قطة أحن من أمه

بقلم : ياسمين خلف

لم يرقّ قلبها، ولم يفق ضميرها الذي مات وهي تضع مولودها في صندوق كارتوني على ناصية الطريق، لتتركه يصارع وحده البرد القارس في أحد الأحياء الروسية، لتتخلص من ثمرة الإثم الذي ارتكبته، لتعرّي بذلك أخلاق البشر وتكشف مدى قسوة قلوب الآدميين، ومدى انحطاط القيم الإنسانية مقابل الرحمة التي تملكها بعض الحيوانات.

“ماشا” هو الاسم الذي أُطلق على القطة التي أنقذت ذلك الطفل، بعد أن حاولت أن تحافظ على حياته إلى أن تصل إليه يد تنتشله من المصير الذي رمته فيه والدته. فقد حاولت تلك القطة بفرائها الكثيف ووزنها الثقيل نسبيًا أن تغطي الطفل، لتوفّر له الدفء وسط عواصف البرد الشديدة، وبقيت ترفع من صوتها في المواء عاليًا طالبة النجدة إلى أن سمعها أحد المُقيمين الذي هرع بدوره إلى طلب النجدة للطفل.

وبقيت ماشا القطة ملاصقة للطفل إلى أن وصل رجال الإسعاف، بل وحاولت دخول سيارة الإسعاف كما لو كانت تريد أن تطمئن أكثر على سلامته.

فهل جاء الوقت لنعدّل مصطلحاتنا ونستبدل كلمتي القيم الإنسانية إلى قيم حيوانية لتتوافق مع ما آلت إليه أخلاق ودوافع وسلوكيات بعض البشر؟ تلك ترمي فلذة كبدها في المرحاض، وأخرى أمام بوابة المسجد، وتلك تذبح أطفالها، وذاك يغتصب ابنته، فيما يقطع ذلك الرؤوس بدم بارد، وتلك تقطع زوجها إربًا اربًا وتذيب لحمه لينتهي به الأمر في مواسير المجاري!، ومع كل ذلك يطلق عليهم للأسف “بشر”، في الوقت الذي يحقر الحيوان الذي يمتلك ما لا يملكون من رحمة وعاطفة ومشاعر، وربما يملك قيمًا والتزامات أخلاقية، أهناك أوفى من الكلب؟ ألم تسمعوا وتشاهدوا تلك اللبؤة التي انقضّت وبشراسة على الأسد لتمنعه من الاقتراب من طفل سقط بالخطأ في قفصهم خلال نزهته مع عائلته، كما لو كانت أمًا تحمي أحد صغارها من وحش كاسر؟ ألا تقام محكمة علنيّة يجتمع فيها الغربان حال ثبوت جريمة خيانة أو زنا إحدى الغربان مع غير زوجها، لينتهي بها الأمر بالرجم حتى الموت؟! ألم تشاهدوا ذاك الفهد الذي تولى عملية تربية قرد حديث الولادة بعدما ولدته أمه أثناء انقضاضه عليه بُغية افتراسها ليفاجأ بمخاضها!. مؤسف ما نراه من تراجع أخلاقي وقيمي بين الناس، رغم التطوّر المُتسارع للتكنولوجيا، ورغم حصصهم من التعليم والثقافة، ومؤلم أن يدفع من لا حول لهم ولا قوة فاتورة هذا التراجع الأخلاقي والقيمي.

 

ياسمينة: تجرد البشر من الأخلاق التي كان من المفترض أن ترتقي بهم عن باقي مخلوقات الله، لتتفوق عليهم بعض الحيوانات! فمتى يعود بنو آدم لإنسانيتهم؟.

 

yasmeeniat@yasmeeniat.com

وصلة فيديو المقال
https://instagram.com/p/9Teh4LhbuDrf8_FYEFfIkD2e-c5HyInnsKueg0/

بقلم : ياسمين خلف

لم يرقّ قلبها، ولم يفق ضميرها الذي مات وهي تضع مولودها في صندوق كارتوني على ناصية الطريق، لتتركه يصارع وحده البرد القارس في أحد الأحياء الروسية، لتتخلص من ثمرة الإثم الذي ارتكبته، لتعرّي بذلك أخلاق البشر وتكشف مدى قسوة قلوب الآدميين، ومدى انحطاط القيم الإنسانية مقابل الرحمة التي تملكها بعض الحيوانات.

“ماشا” هو الاسم الذي أُطلق على القطة التي أنقذت ذلك الطفل، بعد أن حاولت أن تحافظ على حياته إلى أن تصل إليه يد تنتشله من المصير الذي رمته فيه والدته. فقد حاولت تلك القطة بفرائها الكثيف ووزنها الثقيل نسبيًا أن تغطي الطفل، لتوفّر له الدفء وسط عواصف البرد الشديدة، وبقيت ترفع من صوتها في المواء عاليًا طالبة النجدة إلى أن سمعها أحد المُقيمين الذي هرع بدوره إلى طلب النجدة للطفل.

وبقيت ماشا القطة ملاصقة للطفل إلى أن وصل رجال الإسعاف، بل وحاولت دخول سيارة الإسعاف كما لو كانت تريد أن تطمئن أكثر على سلامته.

فهل جاء الوقت لنعدّل مصطلحاتنا ونستبدل كلمتي القيم الإنسانية إلى قيم حيوانية لتتوافق مع ما آلت إليه أخلاق ودوافع وسلوكيات بعض البشر؟ تلك ترمي فلذة كبدها في المرحاض، وأخرى أمام بوابة المسجد، وتلك تذبح أطفالها، وذاك يغتصب ابنته، فيما يقطع ذلك الرؤوس بدم بارد، وتلك تقطع زوجها إربًا اربًا وتذيب لحمه لينتهي به الأمر في مواسير المجاري!، ومع كل ذلك يطلق عليهم للأسف “بشر”، في الوقت الذي يحقر الحيوان الذي يمتلك ما لا يملكون من رحمة وعاطفة ومشاعر، وربما يملك قيمًا والتزامات أخلاقية، أهناك أوفى من الكلب؟ ألم تسمعوا وتشاهدوا تلك اللبؤة التي انقضّت وبشراسة على الأسد لتمنعه من الاقتراب من طفل سقط بالخطأ في قفصهم خلال نزهته مع عائلته، كما لو كانت أمًا تحمي أحد صغارها من وحش كاسر؟ ألا تقام محكمة علنيّة يجتمع فيها الغربان حال ثبوت جريمة خيانة أو زنا إحدى الغربان مع غير زوجها، لينتهي بها الأمر بالرجم حتى الموت؟! ألم تشاهدوا ذاك الفهد الذي تولى عملية تربية قرد حديث الولادة بعدما ولدته أمه أثناء انقضاضه عليه بُغية افتراسها ليفاجأ بمخاضها!. مؤسف ما نراه من تراجع أخلاقي وقيمي بين الناس، رغم التطوّر المُتسارع للتكنولوجيا، ورغم حصصهم من التعليم والثقافة، ومؤلم أن يدفع من لا حول لهم ولا قوة فاتورة هذا التراجع الأخلاقي والقيمي.

 

ياسمينة: تجرد البشر من الأخلاق التي كان من المفترض أن ترتقي بهم عن باقي مخلوقات الله، لتتفوق عليهم بعض الحيوانات! فمتى يعود بنو آدم لإنسانيتهم؟.

 

yasmeeniat@yasmeeniat.com

وصلة فيديو المقال
https://instagram.com/p/9Teh4LhbuDrf8_FYEFfIkD2e-c5HyInnsKueg0/

عن الكاتب

ياسمينيات

ياسمين خلف حاصلة على درجة البكالوريوس في تخصص الإعلام مع تخصص مساند في علم النفس من جامعة الكويت عضو في جمعية الصحفيين بمملكة البحرين أمضت أكثر من 14 سنة في القطاع الصحافي والإعلامي ، ( سبتمبر 2000- 2005 / في صحيفة الأيام ) ( 2005 - 2010 في صحيفة الوقت ). (2008- حتى الان كاخصائية إعلام ومسئولة عن مجلة آفاق الجامعية التابعة لجامعة البحرين) (2013- حتى الان كاتبة عمود في جريدة الراية القطرية ) (2013 وحتى الان مراسلة مجلة هي وهو القطرية ) شاركت في العديد من دورات التطوير المهني في البحرين وخارجها ومنها : تأهيل و إعداد الصحافيين وزارة الأعلام – مملكة البحرين فن الكتابة الصحفية جامعة البحرين فن و مهارات المقابلة الصحفية و التحقيق الصحفي جامعة البحرين أساسيات المهنة و أخلاقياتها جمعية الصحفيين – البحرين الصحافة البرلمانية جمعية الصحفيين – البحرين فن كتابة الخبر الصحفي جمعية الصحفيين – البحرين فن كتابة التحقيق الصحفي جمعية الصحفيين – البحرين دورة في اللغة الإنجليزية (3) المركز الأمريكي للثقافة و التعليم – البحرين دورة تدريبية في تكنولوجيا المعلومات اتحاد الصحفيين العرب – مصر الكتابة الصحفية مؤسسة الأيام للصحافة – البحرين دورة في اللغة الإنجليزية (2) مركز الخليج الدولي – البحرين المشاركة في اللجنة المشتركة للشباب البرلمانيين وممثلي المؤسسات الحكومية لجمعية البحرين للصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة . المشاركة في دورة حول القانون الدولي الإنساني للجنة الدولية للصليب الأحمر . دورة تدريبية حول تكنولوجيا المعلومات في الإتحاد الصحفيين العرب في القاهرة . للتواصل: yasmeeniat@yasmeeniat.com

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.