الخميس الموافق 26/2/2015 م
ما يصلي ولا يعرف القبلة
فجأة، صرخت من بين جموع الحاضرات، أبدت امتعاضها من موضوع المحاضرة، مقترحة تغييره!، المُحاضِرة وعدتها خيرًا، ولكن في المحاضرات المقبلة، وأكملت ما بدأت به، إلا أن تلك المرأة زادت من حدّة صوتها، وأخذت تمتعض من كل كلمة تقولها المحاضرة، حتى ظننت أن مشاجرة سوف تحدث بينهما، ورغم ذلك استمرّت المحاضِرة في موضوعها وبكلّ هدوء ورباطة جأش، وسط دهشة الحاضرات، ونظراتهن التي تتحدث عن استغرابهن مع ضحكات بعضهن المكبوتة.
لا أنكر حكمت عليها سريعًا بأنها إنسانة “متفلسفة” – كما نقول باللغة الدارجة – تريد أن تثبت حضورها، وأن تلفت الأنظار إليها، وندمت على ظني السيئ هذا، وحكمي الظالم المتسرع بعدها. إذ وخلال لحظات، بين همس تلك، وكلمة من تلك، عرفت أنها امرأة تعاني من لوثة في عقلها، إثر تعرضها لنكسة نفسية شديدة بعد اقتران زوجها بامرأة أخرى. ورغم ما بدت به من مظهر وأسلوب قد لا يوحي بما كانت عليه قبل مرضها، إذ كانت تعمل كممرضة، وكم ابتعثت لفرنسا للمشاركة في دورات ومحاضرات. إلا أن تدهور نفسيتها، كان سببًا فيما كانت تقوم به من أفعال، ووراء ما كانت تهذي به من كلام.
ظننا السوء، وأحكامنا المتسرعة نظلم فيها من حولنا، وقد نتسبب دون قصد، ودون تعمد في خلق مشاكل للآخرين، بل وفي منع الخير عنهم، أو حتى بناء سمعة سيئة عنهم، ماذا لو تريثنا قليلاً، وتحققنا مما يثير فضولنا، وقبل كل شيء متى نستوعب مقولة “دع الخلق للخالق”، وإن “لسانك حصانك”، فبعد القيل وقال، لن ينفع “بأني كنت أعتقد فقلت”!، هذا إن لم تترتب على تلك الظنون السيئة ردات أفعال، وقرارات لا يمكن أبدًا التراجع عنها أو تصحيحها.
المشكلة، إن وجد البعض من يؤيدهم في ظنونهم السيئة، ويبارك لهم تفكيرهم السيئ، وتبدأ الأقاويل والشائعات التي تضرّ وتشوّه السمعة، كأولئك الذين لم يتورعوا عن كيل ظنونهم الخاطئة ضد زميلهم في العمل، بأنه شاب متهور وغير ملتزم بدينه، فقط لأنهم لم يروه – رؤى العين- يصلي جماعة معهم في مقرّ العمل، إلى أن تنامى الحديث لأحد زملائهم الذي كان صديقًا لذاك الشاب، ويعلم بالسبب الذي يمنعه من أداء صلاته أثناء تواجده في ساعات الدوام، فأوقف تلك الألسن عن تلك الظنون، بأنه يعاني من مرض يفقده طهارته باستمرار، وأنه ينتظر عودته للمنزل لأداء صلاته على طهارة!، ماذا لو أراد هذا الشاب الزواج مثلاً، وسأل أهل العروس أولئك الزملاء، وقالوا إنه إنسان مستخف بصلاته، و “ما يصلي ولا يعرف القبلة”، أليس من المحتمل أن تضيع عليه الفرصة تلو الأخرى، وتتشوّه سمعته فقط لأن ظنون البعض، جرتهم للحكم المتسرع، فقالوا ما ظنوا وليس بما يعلمون؟.
ياسمينة: نظلم أنفسنا قبل أن نظلم الآخرين بظنوننا السيئة…فنحمل أوزرًا نحن في غنىً عنها.
yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال
https://instagram.com/p/zjifv_Bbrg/
الخميس الموافق 26/2/2015 م
ما يصلي ولا يعرف القبلة
فجأة، صرخت من بين جموع الحاضرات، أبدت امتعاضها من موضوع المحاضرة، مقترحة تغييره!، المُحاضِرة وعدتها خيرًا، ولكن في المحاضرات المقبلة، وأكملت ما بدأت به، إلا أن تلك المرأة زادت من حدّة صوتها، وأخذت تمتعض من كل كلمة تقولها المحاضرة، حتى ظننت أن مشاجرة سوف تحدث بينهما، ورغم ذلك استمرّت المحاضِرة في موضوعها وبكلّ هدوء ورباطة جأش، وسط دهشة الحاضرات، ونظراتهن التي تتحدث عن استغرابهن مع ضحكات بعضهن المكبوتة.
لا أنكر حكمت عليها سريعًا بأنها إنسانة “متفلسفة” – كما نقول باللغة الدارجة – تريد أن تثبت حضورها، وأن تلفت الأنظار إليها، وندمت على ظني السيئ هذا، وحكمي الظالم المتسرع بعدها. إذ وخلال لحظات، بين همس تلك، وكلمة من تلك، عرفت أنها امرأة تعاني من لوثة في عقلها، إثر تعرضها لنكسة نفسية شديدة بعد اقتران زوجها بامرأة أخرى. ورغم ما بدت به من مظهر وأسلوب قد لا يوحي بما كانت عليه قبل مرضها، إذ كانت تعمل كممرضة، وكم ابتعثت لفرنسا للمشاركة في دورات ومحاضرات. إلا أن تدهور نفسيتها، كان سببًا فيما كانت تقوم به من أفعال، ووراء ما كانت تهذي به من كلام.
ظننا السوء، وأحكامنا المتسرعة نظلم فيها من حولنا، وقد نتسبب دون قصد، ودون تعمد في خلق مشاكل للآخرين، بل وفي منع الخير عنهم، أو حتى بناء سمعة سيئة عنهم، ماذا لو تريثنا قليلاً، وتحققنا مما يثير فضولنا، وقبل كل شيء متى نستوعب مقولة “دع الخلق للخالق”، وإن “لسانك حصانك”، فبعد القيل وقال، لن ينفع “بأني كنت أعتقد فقلت”!، هذا إن لم تترتب على تلك الظنون السيئة ردات أفعال، وقرارات لا يمكن أبدًا التراجع عنها أو تصحيحها.
المشكلة، إن وجد البعض من يؤيدهم في ظنونهم السيئة، ويبارك لهم تفكيرهم السيئ، وتبدأ الأقاويل والشائعات التي تضرّ وتشوّه السمعة، كأولئك الذين لم يتورعوا عن كيل ظنونهم الخاطئة ضد زميلهم في العمل، بأنه شاب متهور وغير ملتزم بدينه، فقط لأنهم لم يروه – رؤى العين- يصلي جماعة معهم في مقرّ العمل، إلى أن تنامى الحديث لأحد زملائهم الذي كان صديقًا لذاك الشاب، ويعلم بالسبب الذي يمنعه من أداء صلاته أثناء تواجده في ساعات الدوام، فأوقف تلك الألسن عن تلك الظنون، بأنه يعاني من مرض يفقده طهارته باستمرار، وأنه ينتظر عودته للمنزل لأداء صلاته على طهارة!، ماذا لو أراد هذا الشاب الزواج مثلاً، وسأل أهل العروس أولئك الزملاء، وقالوا إنه إنسان مستخف بصلاته، و “ما يصلي ولا يعرف القبلة”، أليس من المحتمل أن تضيع عليه الفرصة تلو الأخرى، وتتشوّه سمعته فقط لأن ظنون البعض، جرتهم للحكم المتسرع، فقالوا ما ظنوا وليس بما يعلمون؟.
ياسمينة: نظلم أنفسنا قبل أن نظلم الآخرين بظنوننا السيئة…فنحمل أوزرًا نحن في غنىً عنها.
yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال
https://instagram.com/p/zjifv_Bbrg/
أحدث التعليقات