الخميس الموافق 24/4/2014 م
صور الموتى
قبل عام من الآن تقريباً، فتحت عيني صباحاً على رسالة مرفقة بصورة من أحد الحسابات في برنامج الأنستجرام، كانت الرسالة استفهامية جعلتني أوجم في مكاني من هول الحدث، كانت تسأل إن كانت هذه الجثة الملقاة على الطريق إثر حادث مروري مروع تعود لزوج إحدى قريباتي المتزوجة حديثاً!
لا داعي لأن أقول ما الذي حدث لي حينها، فالأمر أكبر من أن يوصف، هذا أنا، والشاب زوج إحدى قريباتي، فما بال حال أهله، أمه، زوجته، أخواته، خالاته، عماته وغيرهم ممن هم أقرب مني إليه عندما تصلهم هذه الرسالة من هنا أو هناك؟، لا استبعد أن يصاب أحدهم بسكتة قلبية ويفقد حياته من هول الصدمة ومفاجئتها، وليس غريباً إذا ما أصيب أحدهم بشلل أو جلطة أو غيرها من الاحتمالات، فالناس ليسوا سواسية في القدرة على التحمل والتعامل مع الصدمات والمفاجآت وخصوصاً السيئة منها، إذ ليس من السهل على أي منا أن يرى عزيزا عليه جثة هامدة مقطعة الأوصال، والدماء تصبغ محياها، فرؤية السيارة المهشمة المحطمة وحدها كفيلة بانهيار أقرباء الضحية، فما بال إن وصلتهم صورة الفقيد مضرجاً بدمائه مفضوخ الرأس؟
ما الفائدة من نشر صور الموتى في موقع الحادث، وتبادلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتنافس في السبق في نشرها وتوزيعها على القروبات؟ أين صون حرمات الموتى؟ أين الإحساس بمشاعر الأهل المفجوعين فيمن فقدوا من أعزاء وأحباب؟ هل فكر يوماً من وقف على رأس الموتى وبالذات ضحايا الحوادث المرورية، أنه قد يقف غيره يوماً على رأسه ليصوره وهو ملطخ بدمائه، وأشلاؤه مبعثرة هنا وهناك؟
هل أصبحت “اللايكات” عندنا أهم من مراعاة مشاعر الغير، لدرجة أن البعض من الناس بات أسرع من فرق الإنقاذ – من إسعاف ودفاع مدني- في الوصول إلى موقع الحادث لالتقاط الصور قبل أن يمنعوا! فبدلاً من أن يكون همهم إنقاذ الضحية إن كان به رمق أخير، أصبح جل همهم أن تكون هواتفهم النقالة الذكية معهم لالتقاط الصور وإرسالها بأسرع وقت عبر برامج التواصل الاجتماعي محققين السبق؟
استثني طبعاً من كل هؤلاء المصورين الإعلاميين الذين يقومون بمهمتهم ودورهم الإعلامي، والذين يزنون الأمور وتضبطهم أخلاقيات مهنة الصحافة التي تمنع من نشر صور الموتى وخصوصاً الشنيعة منها، ليس فقط حفاظاً على مشاعر الأهل، وإنما حفاظاً على مشاعر القراء والجمهور، والذين لا تربطهم نعم “لا تربطهم” به أي علاقة، لا دم، ولا معرفة، ولا عشرة فهل لنا في ذلك تأمل؟
ياسمينة: احفظوا حرمات الموتى، تحفظ حرماتكم يوم تلقون وجه ربكم الكريم، الدنيا دوارة، فلن ينفعك حينها سبق أو “لايك”.
Yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال
الخميس الموافق 24/4/2014 م
صور الموتى
قبل عام من الآن تقريباً، فتحت عيني صباحاً على رسالة مرفقة بصورة من أحد الحسابات في برنامج الأنستجرام، كانت الرسالة استفهامية جعلتني أوجم في مكاني من هول الحدث، كانت تسأل إن كانت هذه الجثة الملقاة على الطريق إثر حادث مروري مروع تعود لزوج إحدى قريباتي المتزوجة حديثاً!
لا داعي لأن أقول ما الذي حدث لي حينها، فالأمر أكبر من أن يوصف، هذا أنا، والشاب زوج إحدى قريباتي، فما بال حال أهله، أمه، زوجته، أخواته، خالاته، عماته وغيرهم ممن هم أقرب مني إليه عندما تصلهم هذه الرسالة من هنا أو هناك؟، لا استبعد أن يصاب أحدهم بسكتة قلبية ويفقد حياته من هول الصدمة ومفاجئتها، وليس غريباً إذا ما أصيب أحدهم بشلل أو جلطة أو غيرها من الاحتمالات، فالناس ليسوا سواسية في القدرة على التحمل والتعامل مع الصدمات والمفاجآت وخصوصاً السيئة منها، إذ ليس من السهل على أي منا أن يرى عزيزا عليه جثة هامدة مقطعة الأوصال، والدماء تصبغ محياها، فرؤية السيارة المهشمة المحطمة وحدها كفيلة بانهيار أقرباء الضحية، فما بال إن وصلتهم صورة الفقيد مضرجاً بدمائه مفضوخ الرأس؟
ما الفائدة من نشر صور الموتى في موقع الحادث، وتبادلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتنافس في السبق في نشرها وتوزيعها على القروبات؟ أين صون حرمات الموتى؟ أين الإحساس بمشاعر الأهل المفجوعين فيمن فقدوا من أعزاء وأحباب؟ هل فكر يوماً من وقف على رأس الموتى وبالذات ضحايا الحوادث المرورية، أنه قد يقف غيره يوماً على رأسه ليصوره وهو ملطخ بدمائه، وأشلاؤه مبعثرة هنا وهناك؟
هل أصبحت “اللايكات” عندنا أهم من مراعاة مشاعر الغير، لدرجة أن البعض من الناس بات أسرع من فرق الإنقاذ – من إسعاف ودفاع مدني- في الوصول إلى موقع الحادث لالتقاط الصور قبل أن يمنعوا! فبدلاً من أن يكون همهم إنقاذ الضحية إن كان به رمق أخير، أصبح جل همهم أن تكون هواتفهم النقالة الذكية معهم لالتقاط الصور وإرسالها بأسرع وقت عبر برامج التواصل الاجتماعي محققين السبق؟
استثني طبعاً من كل هؤلاء المصورين الإعلاميين الذين يقومون بمهمتهم ودورهم الإعلامي، والذين يزنون الأمور وتضبطهم أخلاقيات مهنة الصحافة التي تمنع من نشر صور الموتى وخصوصاً الشنيعة منها، ليس فقط حفاظاً على مشاعر الأهل، وإنما حفاظاً على مشاعر القراء والجمهور، والذين لا تربطهم نعم “لا تربطهم” به أي علاقة، لا دم، ولا معرفة، ولا عشرة فهل لنا في ذلك تأمل؟
ياسمينة: احفظوا حرمات الموتى، تحفظ حرماتكم يوم تلقون وجه ربكم الكريم، الدنيا دوارة، فلن ينفعك حينها سبق أو “لايك”.
Yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال
أحدث التعليقات