نشرت فى : يناير 14, 2016

جرب نار الغيرة

بقلم : ياسمين خلف

الزائد كالناقص، وخير الأمور أوسطها، هكذا تردّد على مسامعنا منذ أن كنا أطفالاً، وها هي الحياة تثبت لنا ذلك كل حين، فلا المبالغة في الأمور، ولا شحّها حدّ البخل فيها ينفع، كذلك الأمر بالنسبة للغيرة بين الأزواج. فزيادتها تخنق الحب بينهما، وعدم وجودها يطفئ الحب حتى ولو كان لهيب العشق يضطرم في قلبيهما.

الزواج لا يعني التملك ولا الاحتكار، ولا يعني أن على الزوجين أن يعتزلا العالم ويقبعا في قمقم وحدهما بعد عقد قرانهما، ولا يعني طبعاً أن يترك كلاهما الآخر ليعيش مستقلاً دون لوم أو عتاب أو حتى إبداء وجهة نظر فالزواج غير العزوبية!. فإن تلذذت الزوجة بغيرة زوجها في الأشهر الأولى من زواجهما، واهمة نفسها بأن الزوج كلما أبدى غيرته عليها يعني أنه يحبها أكثر، فإنها وبلا شك ستدرك أن الحقيقة غير ذلك، وستملّ حياتها وتضجر كلما وجدت أن حبل الغيرة قد بدأ يضغط أكثر وأكثر حول رقبتها حدّ الاختناق، في الوقت الذي لن تتمكن حينها من الإفلات من هذا الحبل بسهولة بعد أن تعوّد زوجها الإمساك بطرفيه معاً.

والأمر لا يختلف كثيراً بالنسبة للزوج الذي يظنّ خطأً بأن تتبع زوجته له كل نصف ساعة بالمسجات والمكالمات بأنها تعيش حالة من الاشتياق والهيام به، ولا يعلم بأن كل ذلك ربما هي مؤشرات لزوجة ستقيس حتى عدد السنتميترات ما بين عينيه وبين شاشة التلفاز متى ما ظهرت ممثلة أو مغنية، وستفتح ألف تحقيق وتحقيق إن رنّ هاتفه وكان وراءه جنس لطيف، حتى وإن كان اتصالاً بالخطأ، أو لأمور متعلقة بالعمل!.

الغيرة المرضيّة ما هي إلا شك وعدم ثقة بالشريك، وإحساس بالنقص وعدم الثقة بالنفس، وشعور باطني يهمس له كل حين بأنه مهدّد بالفراق متى ما دخل بينهما منافس.

فالغيرة المقبولة وفي حدود المعقول أمر طبيعي، بل أمر ضروري أحياناً كونها تُشعر الطرف الآخر بالارتياح وربما قد تزيد من ارتباط الشريكين، ولكن حذارِ من زيادتها فتنفر الشريك، وحذارِ من نقصانها لدرجة إحساسه باللامبالاة أو عدم الأهمية. فكم من بيوت هُدمت بسبب غيرة تعاظمت فأصبحت شكاً مدمراً أحرقت كل مشاعر الحب وأوغرت الصدور، فابتعد عن نار الغيرة ولا تسمع نصيحة الراحلة وردة الجزائرية ولا تجرّب نارها.

 

ياسمينة: هناك فرق بين الغِيرة والغَيرة، فالأولى تحرق وتدمّر الحياة، والأخيرة من صميم الأخلاق.

 

Yasmeeniat@yasmeeniat.com

وصلة فيديو المقال

https://www.instagram.com/p/BAhUHCnhbuA_iCSsj5aeSnhK7QaA_kKYgj7npU0/

بقلم : ياسمين خلف الزائد كالناقص، وخير الأمور أوسطها، هكذا تردّد على مسامعنا منذ أن كنا أطفالاً، وها هي الحياة تثبت لنا...

إقرأ المزيد »

يهدون الموت لأبنائهم

بقلم : ياسمين خلف

كان يمتلك معرضاً لبيع السيارات الرياضية، فأهدى ابنه أكثرها تميزاً وسرعة، طار الابن فرحاً بها، فأراد أن يضفي عليها بعض المميزات التي تجعل منها طائرة على الأرض عوضاً عن كونها سيارة، وكان له ما أراد طار بها إلى السماء وعانقت روحه الشابة بارئها.

وآخر.. أهدى ابنه ذا الثلاثة عشر ربيعاً دراجة نارية بعد خضوعه لعملية جراحية، “أردت أن أدخل الفرحة على قلبه بعدما مر به من تجربة صحية مؤلمة” هكذا فكر وقال والده! فرح بها يوما، يومين، ثلاثة لينتهي به المطاف بعد أسبوع واحد في العناية المركزة بعدما سقط منها، وأصيب بنزيف في الدماغ وكسر في الجمجمة!.

من حيث لا يعلم الأهل أحياناً يهدون فلذات أكبادهم الموت على طبق من ذهب، هم يعتقدون أنهم بتوفير ما يتمنى أبناؤهم، يعبرون عن حبهم، ولا يدرون أنهم يعرضونهم للخطر، وفي أحيان أخرى إلى فقدانهم لحياتهم في غمضة عين.

التهور إن كان هو صفة الأبناء ولا سيما المراهقين منهم والشباب، إلا أن تهور آبائهم أكبر، إذا ما صعروا خدهم لأبنائهم أمام تلك الرغبات، ووفروا لهم ما يدفعهم إلى ترجمة طيش أفكارهم إلى أفعال. فحتى لو طلب ابن الثالثة عشرة دراجة نارية، وألح في طلبها، وأبدى رغبته الجامحة لاقتنائها، فليس من الحكمة ولا التعقل والتدبر أن تسلم مفاتيحها إليه، على اعتبار أنها هدية ستدخل البهجة والفرحة إلى قلبه. فها هي الفرحة تنقلب إلى حزن ودموع، وخوف من تأثير الإصابة على حياته، والتي كان قاب قوسين أو هو أقرب فيها إلى الموت، وفي أفضل الحالات إصابته بالشلل أو تأثير الإصابة على قدراته العقلية.

هب أن طفلك ذا العامين يتوسلك باكياً لتسلمه السكين التي بين يديك ليلعب بها، صحيح أنك إن سلمته إياها سيتوقف عن البكاء، وسيضحك ملء فيه فرحاً، ولكن هل من التعقل في شيء أن تسلمه ما يعرض سلامته وحياته للخطر؟ المراهق والشاب في مقتبل عمره لا يختلفان عن ذاك الطفل كثيراً، سوى بضع سنوات، ومراحل من التفكير والتجربة، إلا أن التهور، والطيش، وعدم احتساب عواقب الأمور مازالت تفور في دمه، ورغباته تطورت فأخذ يحلم بالسيارة، والدراجة النارية، إلا أنه مازال لا يدرك مخاطر ما يقدم عليه من تصرفات.

ياسمينة: مؤلم أن تجد شبابا فقدوا القدرة على الحركة، وأصيب آخرون بالشلل الكلي، أو تزهق أرواحهم في عز شبابهم فقط لأن آباءهم أرادوا إدخال الفرحة على قلوبهم فقتلوهم.

 

yasmeeniat@yasmeeniat.com

وصلة فيديو المقال

https://www.instagram.com/p/BAR0EDzBbo4vQIh0Rgj4MZiXPOFjEXNaL6Bswg0/

بقلم : ياسمين خلف كان يمتلك معرضاً لبيع السيارات الرياضية، فأهدى ابنه أكثرها تميزاً وسرعة، طار الابن فرحاً بها، فأراد أن...

إقرأ المزيد »