السلمانية يتلقى 80 بلاغاً يومياً 90% منها حالات غير طارئة

العدد172- الجمعة 17 رجب 1427 هـ -11 أغسطس 2006  

«999 إسعاف».. الخدمة إنسانية ولكن البعض يسيئ الاستخدام
السلمانية يتلقى 80 بلاغاً يومياً 90% منها حالات غير طارئة

الوقتياسمين خلف:
الاصل في الاتصال بالإسعاف هو الحاجة الى إنقاذ سريع لحالات تكون بين الحياة والموت، ويكون لكل ثانية ثمنها في انقاذ شخص عزيز لدى المتصل. ولكن الواقع يشير الى غير ذلك حيث يستقبل مراقبو قسم الإسعاف في مجمع السلمانية الطبي أكثر من 80 بلاغاً يومياً يؤكد المسعفون ان أغلبها بلاغات غير طارئه، ورغم ذلك وبحسب ما يقوله رئيس القسم محمد عبد الرحيم يهرع إليها المسعفون تسابق سياراتهم أنفاسهم خوفا على أرواح يمكن أن تنقذ بين ايديهم.
البلاغات التي تتقاطر على القسم تختلف وتتنوع باختلاف وتنوع مصادرها. تلك تتكلم بهدوء ينافس هدوء الليل، وذاك يضحك ويتكلم وكأن شيئا لن يحدث للمريض الذي اتصل لإنقاذه، ثالث يطلب المسعفين لا لشيء سوى للإستفسار عن رقم بدالة مجمع السلمانية الطبي. إنها نماذج صارخة للإستخدام غير الواعي لوظيفة المسعفين وللإسعاف . أحد المسعفين يعلق ‘’من نبرة صوت المتصل أعرف إذا كانت الحالة طارئة أم لا. يكفي أن بعضهم لا يتمالك نفسه ويبدأ في البكاء ولا يعرف حتى أن يعطينا رقم الهاتف أو عنوان المنزل، فيما البعض الآخر على النقيض تجده يتكلم بهدوء شديد وبدون لهفة حينها طبعا نعرف كمتلقين ان الحاله غير مستعجلة’’. لا ينكر أحد أن هناك العشرات بل المئات يلجأون الى خدمات الإسعاف لإنقاذ ذويهم من مشكلات صحية طارئة مهددة لحياتهم، وفي المقابل لا ينكر أحد وجود من يستغل تلك الخدمة في خدمات غير طارئة يمكن أن تتم من غير الاستعانة بسيارة الإسعاف، ويكفي أن يضع أحدنا نفسه في موقف حرج يتطلب مساعدة عاجلة من المسعفين ليتصل ويجد أن كافة السيارات المتواجدة بالمستشفى تؤدي خدمات (غير عاجله)، وأن لا سيارة واحدة يمكن أن تنقذ روح عزيز له. المستمع للبلاغات قد ينتابه الضحك حينا والحزن أحيانا كثيرة على أوضاع صحية مفاجئة مهددة حياة الكثيرين من جهة، ومن جهة أخرى على الوعي الغائب عن الكثيرين، رغم ما عرف عن الشعب البحريني من وعي وثقافة يفتخر بها دائماً.
التجربة من الواقع
(الوقت) عاشت التجربة وسجلت عينة مما يتلقاه القسم من بلاغات يومية، فهذا شاب يتصل ليطلب الإسعاف لوالده الذي يعاني من انتفاخ في رجله، ورغم كون الحالة غير طارئة، فانه يعاود الإتصال بعد أقل من 4 دقائق أخرى تتصل لتطلب خدمة الإسعاف لجدها الذي تجاوز المائة من عمره حيث أصيب بهبوط في مستوى السكر في الدم (…) أحدهم ـ وهو أجنبي ـ يتصل بعد مشاجرة مع زوجته حيث وقعت مغما عليها، وبعد أن أخذها الإسعاف الى المستشفى تبين أنها لا تعاني من شيء سوى أنها ربما أرادت لفت نظر زوجها إليها. يوم جمعة تتصل إحداهن للإسعاف ليحضروا ويأخذوا والدها الى قسم الأشعة بحجة أن موعده في ذاك اليوم، رغم كونها إجازة رسمية ولا يعمل موظفو الأشعة، أحدهم طلب خدمة ألإسعاف وهو في الشارع في طريقه للمنزل ولا يعرف حتى ما الذي حصل بوالده، وما أن وصل منزله حتى عاود الاتصال ليلغي البلاغ حيث نقل أخوته الوالد الى المستشفى . وتتواصل البلاغات. مواطنة تطلب خدمة الأسعاف لعدم مقدرتها على رفع والدها المريض لثقل وزنه، وأخرى تطلب رقم هاتف جناح 66 في مجمع السلمانية الطبي (…) مراهق يتصل ليطلب الإسعاف لنقل صديقه الى الطوارئ حيث سقط من فوق الدراجة الهوائية ولم ينفعه علاج المركز الصحي، ولما سأله متلقي البلاغات عن هويته ورقم هاتفه قال أنا صديقه أمه قالت لي أن آخذه الى المركز وها أنا ذا واقف أمام باب المركز الصحي في انتظاركم، وليتأكد قال بصوت طفولي (بجون أنتظركم يعني؟) ويقصد هل ستلبون ندائي وتأتون هل أنتظركم؟
وبلاغ لم يكن على البال ولا الخاطر طبيبة من دولة فلسطين تستفسر عن أحد الأطباء وبعدها تسأل عن قسم التسجيل والتراخيص في وزارة الصحة، بعدها يتصل احدهم ليطلب خدمة الإسعاف لزوجته التى أخذت جرعة زائدة من الحبوب وأغمي عليها، وآخر يستفسر عن مريض تم ترقيده في المستشفى ويسأل عن الطابق الذي هو فيه؟. الأغرب أن صاحب محل تجاري يطلب من الإسعاف أن يأتي ليأخذ متسول كبير في السن من أمام محله، وآخر يسأل عن المكان الذي يمكنه أن يأخذ إليه زوجته الحامل (الشهر الخامس) والتي تعاني من الآلام في الظهر.
الضمير قبل الهاتف
خلاصة القول ان عدداً هائلاً من البلاغات لا داعي لها، وأن كانت هناك بلاغات عاجلة وضرورية فهي لا تتجاوز 10% فقط، بحسب ما يذكر مراقب قسم الإسعاف محمد عبدالرحيم الذي يؤكد ان نحو 90% من البلاغات لحالات غير طارئة ولكنها تحدث ارتباكا في عمل المسعفين. وتبقى مشكلة الإستخدام الخاطئ لخدمات الإسعاف قائمة حتى يتفهم الناس طبيعة الخدمة، والتى لا تتطلب سوى تحكيم الضمير قبل رفع سماعة الهاتف وإدارة الرقم.

العدد172- الجمعة 17 رجب 1427 هـ -11 أغسطس 2006  

«999 إسعاف».. الخدمة إنسانية ولكن البعض يسيئ الاستخدام
السلمانية يتلقى 80 بلاغاً يومياً 90% منها حالات غير طارئة

الوقتياسمين خلف:
الاصل في الاتصال بالإسعاف هو الحاجة الى إنقاذ سريع لحالات تكون بين الحياة والموت، ويكون لكل ثانية ثمنها في انقاذ شخص عزيز لدى المتصل. ولكن الواقع يشير الى غير ذلك حيث يستقبل مراقبو قسم الإسعاف في مجمع السلمانية الطبي أكثر من 80 بلاغاً يومياً يؤكد المسعفون ان أغلبها بلاغات غير طارئه، ورغم ذلك وبحسب ما يقوله رئيس القسم محمد عبد الرحيم يهرع إليها المسعفون تسابق سياراتهم أنفاسهم خوفا على أرواح يمكن أن تنقذ بين ايديهم.
البلاغات التي تتقاطر على القسم تختلف وتتنوع باختلاف وتنوع مصادرها. تلك تتكلم بهدوء ينافس هدوء الليل، وذاك يضحك ويتكلم وكأن شيئا لن يحدث للمريض الذي اتصل لإنقاذه، ثالث يطلب المسعفين لا لشيء سوى للإستفسار عن رقم بدالة مجمع السلمانية الطبي. إنها نماذج صارخة للإستخدام غير الواعي لوظيفة المسعفين وللإسعاف . أحد المسعفين يعلق ‘’من نبرة صوت المتصل أعرف إذا كانت الحالة طارئة أم لا. يكفي أن بعضهم لا يتمالك نفسه ويبدأ في البكاء ولا يعرف حتى أن يعطينا رقم الهاتف أو عنوان المنزل، فيما البعض الآخر على النقيض تجده يتكلم بهدوء شديد وبدون لهفة حينها طبعا نعرف كمتلقين ان الحاله غير مستعجلة’’. لا ينكر أحد أن هناك العشرات بل المئات يلجأون الى خدمات الإسعاف لإنقاذ ذويهم من مشكلات صحية طارئة مهددة لحياتهم، وفي المقابل لا ينكر أحد وجود من يستغل تلك الخدمة في خدمات غير طارئة يمكن أن تتم من غير الاستعانة بسيارة الإسعاف، ويكفي أن يضع أحدنا نفسه في موقف حرج يتطلب مساعدة عاجلة من المسعفين ليتصل ويجد أن كافة السيارات المتواجدة بالمستشفى تؤدي خدمات (غير عاجله)، وأن لا سيارة واحدة يمكن أن تنقذ روح عزيز له. المستمع للبلاغات قد ينتابه الضحك حينا والحزن أحيانا كثيرة على أوضاع صحية مفاجئة مهددة حياة الكثيرين من جهة، ومن جهة أخرى على الوعي الغائب عن الكثيرين، رغم ما عرف عن الشعب البحريني من وعي وثقافة يفتخر بها دائماً.
التجربة من الواقع
(الوقت) عاشت التجربة وسجلت عينة مما يتلقاه القسم من بلاغات يومية، فهذا شاب يتصل ليطلب الإسعاف لوالده الذي يعاني من انتفاخ في رجله، ورغم كون الحالة غير طارئة، فانه يعاود الإتصال بعد أقل من 4 دقائق أخرى تتصل لتطلب خدمة الإسعاف لجدها الذي تجاوز المائة من عمره حيث أصيب بهبوط في مستوى السكر في الدم (…) أحدهم ـ وهو أجنبي ـ يتصل بعد مشاجرة مع زوجته حيث وقعت مغما عليها، وبعد أن أخذها الإسعاف الى المستشفى تبين أنها لا تعاني من شيء سوى أنها ربما أرادت لفت نظر زوجها إليها. يوم جمعة تتصل إحداهن للإسعاف ليحضروا ويأخذوا والدها الى قسم الأشعة بحجة أن موعده في ذاك اليوم، رغم كونها إجازة رسمية ولا يعمل موظفو الأشعة، أحدهم طلب خدمة ألإسعاف وهو في الشارع في طريقه للمنزل ولا يعرف حتى ما الذي حصل بوالده، وما أن وصل منزله حتى عاود الاتصال ليلغي البلاغ حيث نقل أخوته الوالد الى المستشفى . وتتواصل البلاغات. مواطنة تطلب خدمة الأسعاف لعدم مقدرتها على رفع والدها المريض لثقل وزنه، وأخرى تطلب رقم هاتف جناح 66 في مجمع السلمانية الطبي (…) مراهق يتصل ليطلب الإسعاف لنقل صديقه الى الطوارئ حيث سقط من فوق الدراجة الهوائية ولم ينفعه علاج المركز الصحي، ولما سأله متلقي البلاغات عن هويته ورقم هاتفه قال أنا صديقه أمه قالت لي أن آخذه الى المركز وها أنا ذا واقف أمام باب المركز الصحي في انتظاركم، وليتأكد قال بصوت طفولي (بجون أنتظركم يعني؟) ويقصد هل ستلبون ندائي وتأتون هل أنتظركم؟
وبلاغ لم يكن على البال ولا الخاطر طبيبة من دولة فلسطين تستفسر عن أحد الأطباء وبعدها تسأل عن قسم التسجيل والتراخيص في وزارة الصحة، بعدها يتصل احدهم ليطلب خدمة الإسعاف لزوجته التى أخذت جرعة زائدة من الحبوب وأغمي عليها، وآخر يستفسر عن مريض تم ترقيده في المستشفى ويسأل عن الطابق الذي هو فيه؟. الأغرب أن صاحب محل تجاري يطلب من الإسعاف أن يأتي ليأخذ متسول كبير في السن من أمام محله، وآخر يسأل عن المكان الذي يمكنه أن يأخذ إليه زوجته الحامل (الشهر الخامس) والتي تعاني من الآلام في الظهر.
الضمير قبل الهاتف
خلاصة القول ان عدداً هائلاً من البلاغات لا داعي لها، وأن كانت هناك بلاغات عاجلة وضرورية فهي لا تتجاوز 10% فقط، بحسب ما يذكر مراقب قسم الإسعاف محمد عبدالرحيم الذي يؤكد ان نحو 90% من البلاغات لحالات غير طارئة ولكنها تحدث ارتباكا في عمل المسعفين. وتبقى مشكلة الإستخدام الخاطئ لخدمات الإسعاف قائمة حتى يتفهم الناس طبيعة الخدمة، والتى لا تتطلب سوى تحكيم الضمير قبل رفع سماعة الهاتف وإدارة الرقم.

عن الكاتب

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.