العدد181- الأحد 26 رجب 1427 هـ -20 أغسطس 2006
يعيش بنصف رئة.. ويصعد الطابق الرابع
عبيدالله يستغيث من «الصحة» ويطلب مساعدة رئيس الوزراء
الوقت – ياسمين خلف:
عمره 15 عاما، ضاحك، مبتسم دائما، لم يتمكن المرض من قتل هذه الابتسامة الشابة المتدفقة، التي كلما اتسعت وأينعت، أحس بأنه ملك الدنيا وما عليها، لكنه سرعان ما يتراجع، فالمرض يضعفه.. يحبطه، ومع ذلك.. لم يتمكن من طعن إرادته في الحياة، عندما يرهقه التعب، ويجد صعوبة في التنفس، يتوقف عبيدالله عن كل شيء، حتى عن الضحك والكلام، فهو لا يملك سوى نصف رئة، تمكنه من التشبث بالحياة، والنظر في عيني أمه التي لا تفارقه أبدا.
بعد ولادته بـ 40 يوما، أصيب عبيدالله بتقلصات حادة في المعدة، سببت له تقيؤا مستمرا، شخص الأطباء حالته بوجود عيب خلقي يؤدي الى انسداد في الأمعاء.
مكث على السرير الأبيض أياما، بعدها عاد إلى المنزل، لكن فرحة أمه بولادته لم تدم طويلا، إذ سرعان ما عاد مرة أخرى إلى المستشفى، حينها اكتشف الأطباء أن ما يعاني منه، الرضيع عبيدالله هو ‘’صعوبة في التنفس بسبب تكيس رئوي’’، ومنة هنا كانت الفاجعة التي أصابت أهله، خصوصا أمه التي ما لبثت أن تخلصت من معاناة الحمل وآلام الولادة، لتصاب بالقلق الدائم على وليدها الجديد .
؟ واستأصلت رئته اليمنى
بدأت مرحلة العلاج التي لم تكن فعالة في مستهلها، حتى أصيبت رئته الغضة بتلف، استدعى استئصالها، ليعيش بعدها برئة واحدة، عاش عليها فترة، لكن ومن دون أن يلحظ الأطباء أخذت في التضخم شيئا فشيئا، حيث كانت المساحة التي تشغلها الرئة المستأصلة فارغة، ولم يقتصر التدهور عند هذه المرحلة، بل أدى التضخم إلى الضغط على القصبة الهوائية التي لم تتمكن من الصمود مستقيمة فترة طويلة، فأصيبت باعوجاج، عبرت عنه ‘’كحة خشنة’’ أطلقها عبيد الله المرباطي، وربما كانت هذه هي المقدمة التي أراد ان ينطلق منها، وهو يحكي لـ ‘’الوقت’’ بصوت طفولي عن معاناته، حيث أراد ان يعود إلى الوراء ‘’كنت حينها في الصف الأول الابتدائي، وكنت أتعب من أقل مجهود أبذله، لم أكن أنتظم في الصف، أسبوع على كرسي الدراسة، 3 في المستشفى، وبعد استئصال رئتي اليمنى، كنت أجد صعوبة في التنفس، كنت أكح بصوت شيخ كبير فيتعجب من أمري كل من حولي’’.
هنا أمسكت أمه بخيط الحديث لتوضح لنا أن ‘’عبيدالله خضع لـ 4 عمليات جراحية في البحرين، 3 في السعودية، تركت جميعها آثارا إلى الأبد على جسمه، يخجل من أن يراها الآخرون’’، وتضيف الأم بمرارة ‘’لم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب، فالصمام الذي أدخل في جسمه ما يلبث أن يخرج ويحتاج إلى عملية أخرى لإدخاله من حيث خرج’’.
في مستشفى الملك فيصل التخصصي، حيث صدر أمر ملكي في السعودية للتكفل بعلاجه، فوجئ الأطباء من حالة عبيد الله، ‘’كاد أن يموت ابنكم’’، هكذا علق الاستشاري، حيث إن التضخم كبير في الرئة، كما أن اعوجاج القصبة الهوائية أثر في قدرته على التنفس والكلام، فأجريت له عملية عاجلة، وضع له بموجبها كيس بلاستيكي مليء بالماء والغاز، مكان الرئة المستأصلة، حتى تمكن الأطباء من إعادة القصبة الهوائية إلى سابق عهدها، وطالب الطبيب ‘’ضرورة المراجعة والمتابعة المستمرة، للتأكد من مستوى الماء والغاز في الكيس البلاستيكي من جهة، ومن جهة أخرى لعدم وجود ذات العلاج في البحرين’’، حسب ما أوضحت الأم .
وبصوته الطفولي، ونبرته المبحوحة، قال عبيد الله ‘’بعد العملية شعرت بتحسن كبير، (ارتحت) كنت دائما أصطحب معي (بخاخ)، يمكنني من التنفس حال أي ضيق أشعر به، وكان جهاز الأكسجين يرافقني في المنزل وعند السفر، فالسفر بالطائرة يتعبني كثيرا’’.
؟ ظروف اعتقال والده أغلقت ملفه الطبي
عندما يصطدم المرض بالصدمة، قطعا سيزداد حدة، وهذا ما حدث مع عبيدالله والذي أغلق ملفه في المستشفى ليواجه حياة من دون علاج وبنصف رئة، حيث يعاني حاليا من تكيس في الجزء الأسفل من الرئة الوحيدة المتبقية، تقول أمه وهي تتوجس خيفة من تدهور حالة ابنها ‘’ألا تعرفون المعتقل عبدالرحيم المرباطي، والذي جرى اعتقاله في السعودية منذ 3 سنوات 4 أشهر؟’’، وعلى الفور أحضرت ابنتها عائشة (11عاما) صورته، تنهدت الأم ‘’كان زوجي يرافق عبيدالله للعلاج في السعودية، حيث كانت وزارة الصحة البحرينية تتكفل بمصاريف الإقامة وتذاكر السفر، فيما قدمت الحكومة السعودية مشكورة لنا العلاج’’. وأضافت ‘’كنا نتابع العلاج كل 8 أشهر تقريبا، وبعض الأحيان يغلق ملف ابني في المستشفى، وبالتواصل مع السفارة البحرينية في السعودية يتم فتحه مرة أخرى، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان’’.
وتابعت ‘’اعتقل زوجي بتهمة الاشتراك في تفجيرات الرياض، وسحب من أمام أطفالي إلى المعتقل، على رغم أنه لا ناقة له ولا جمل بأي شأن سياسي يذكر’’. وبمرارة تقول ‘’ابني عبيدالله هو المتضرر الأكثر مما حصل، فقد أقفل ملفه الطبي في المستشفى وتوقف علاجه’’.
ومضت في حديثها، والحزن يعلو وجهها ‘’علاج ابني لا يتوافر في البحرين، وهو بالكاد يتمسك بالحياة عبر نصف رئته الباقية، فأي ذنب اقترف وما ذنبه في هذا كله؟’’.
تقول ‘’كلما استفسرنا قالوا إن ملفه أغلق بعد اعتقال والده، ابني يصارع الموت وهم يحملونه ذنبا لا أساس له أصلا’’، وتكمل ‘’بعد مراجعات مع القنصل البحريني في السعودية، أفادنا بأننا لسنا الوحيدين الذين نعاني فهناك 70 ملفا آخر أغلق، وكلما طالبت السفارة فتحها، يفتح اثنان أو أكثر من بين العشرات من الطلبات’’.
؟ «الصحة عورت قلبنا»
تواصل الأم حديثها ‘’جو البحرين الرطب الحار لا يتناسب بتاتا مع حالة ابني، ونصحني الأطباء بالانتقال إلى المدينة المنورة حيث الجو الجاف، وها أنا ذا أتنقل بين البحرين والسعودية خوفا على حياة ابني المهددة’’.
تتابع ‘’خاطبنا وزارة الصحة البحرينية للنظر في قضيتنا ولا مجيب، وعلى رغم تكفلها بكلفة السفر من تذاكر وإقامة إلا أنها تتأخر في صرفها لأشهر’’، موضحة ‘’ظروف معيشتنا قاهرة، رب الأسرة معتقل، وأنا لا أعمل وأبنائي مازالوا على مقاعد الدراسة، وكل ما أحصل عليه هو مساعدة من جمعية الإصلاح’’ .
هنا يتدخل عبيدالله، ليدلي بدلوه، وهو مركز المعاناة ‘’تصوروا، نطالب الوزارة بكلفة 5 زيارات علاج في السعودية، ولم تصرفهم حتى الآن (عورت الوزارة قلبنا)’’.
يقول ‘’في المرة السابقة تم علاجي في المستشفى من دون فتح الملف الصحي كمساعدة منهم، وعندي موعد الشهر المقبل، وإذ لم يفتح ملفي و لم أذهب لتلقي العلاج فسيغلق ملفي تماما في المستشفى’’، مضيفا بحسرة وحيرة ‘’لا أعلم بعدها كيف سأتلقى علاجي الذي هو أصلا غير متوافر في البحرين؟’’
؟ بنصف رئة إلى الدور الرابع
كان قد لفت انتباهنا أن عبيدالله لا يتواجد كثيرا في شقة أسرته الكائنة في شقق إسكان مدينة عيسى، ففي كل مرة نتصل، يكون في بيت عمه، لكن هذه الحيرة تبددت، عندما صعدنا الشقة التي تقع في الطابق الرابع، سألناه كيف، فأطلق آهات وزفرات معبرة وتقول كل ما تعجز عنه الكلمات ‘’والله .. أموت من التعب، أحاول قدر المستطاع أن أصعد مرة واحدة في اليوم إلا أن الأمر يرهقني جدا’’.
تقول أمه إنها تمسك بقلبها كلما أراد عبيدالله الصعود إلى الشقة أو النزول منها، موضحة أنها لا تكلفه بحمل أي أغراض حتى لا ترهقه.
وهنا ناشدت الأم وزارة الإسكان، الالتفات إلى حالتها الخاصة، وتحويلها إلى شقة في الدور الأرضي رأفة بحال ابنها.
؟ كلمة أخيرة من عبيدالله إلى رئيس الوزراء
وقبل أن نغادر، قال عبيدالله ‘’لي كلمة أخيرة، ممكن أستاذة’’، ضحكت من طريقته في الحديث، وأصغيت إليه ‘’أناشد والدي العزيز، رئيس الوزراء الموقر الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، النظر إلى حالتي، والسعي إلى فتح ملفي، لا أملك بعد الله إلا أن أطلب مساعدته، فالأيام تمر واقترب موعدي في المستشفى، وطرقت ألأبواب الممكنة كافة وكلها موصدة’’.
يواصل ‘’لا أعلم إذا ما كنت سأعيش أكثر أم لا برئتي الوحيدة، لكنني واثق بأنه لن يبخل علي، كما أتمنى أن أنتقل إلى شقة في الدور الأرضي، فقد تعبت من الصعود والنزول من الطابق الرابع’’.
وبعد فهذه هي الكلمة التي أراد أن يختم بها عبيد الله الحوار بشأن معاناته، والتي من الممكن أن يجد أقرانا له في بيوت بحرينية أخرى، وقد تكون لدى أعز من لدينا، فلنلتفت. |
العدد181- الأحد 26 رجب 1427 هـ -20 أغسطس 2006
يعيش بنصف رئة.. ويصعد الطابق الرابع
عبيدالله يستغيث من «الصحة» ويطلب مساعدة رئيس الوزراء
الوقت – ياسمين خلف:
عمره 15 عاما، ضاحك، مبتسم دائما، لم يتمكن المرض من قتل هذه الابتسامة الشابة المتدفقة، التي كلما اتسعت وأينعت، أحس بأنه ملك الدنيا وما عليها، لكنه سرعان ما يتراجع، فالمرض يضعفه.. يحبطه، ومع ذلك.. لم يتمكن من طعن إرادته في الحياة، عندما يرهقه التعب، ويجد صعوبة في التنفس، يتوقف عبيدالله عن كل شيء، حتى عن الضحك والكلام، فهو لا يملك سوى نصف رئة، تمكنه من التشبث بالحياة، والنظر في عيني أمه التي لا تفارقه أبدا.
بعد ولادته بـ 40 يوما، أصيب عبيدالله بتقلصات حادة في المعدة، سببت له تقيؤا مستمرا، شخص الأطباء حالته بوجود عيب خلقي يؤدي الى انسداد في الأمعاء.
مكث على السرير الأبيض أياما، بعدها عاد إلى المنزل، لكن فرحة أمه بولادته لم تدم طويلا، إذ سرعان ما عاد مرة أخرى إلى المستشفى، حينها اكتشف الأطباء أن ما يعاني منه، الرضيع عبيدالله هو ‘’صعوبة في التنفس بسبب تكيس رئوي’’، ومنة هنا كانت الفاجعة التي أصابت أهله، خصوصا أمه التي ما لبثت أن تخلصت من معاناة الحمل وآلام الولادة، لتصاب بالقلق الدائم على وليدها الجديد .
؟ واستأصلت رئته اليمنى
بدأت مرحلة العلاج التي لم تكن فعالة في مستهلها، حتى أصيبت رئته الغضة بتلف، استدعى استئصالها، ليعيش بعدها برئة واحدة، عاش عليها فترة، لكن ومن دون أن يلحظ الأطباء أخذت في التضخم شيئا فشيئا، حيث كانت المساحة التي تشغلها الرئة المستأصلة فارغة، ولم يقتصر التدهور عند هذه المرحلة، بل أدى التضخم إلى الضغط على القصبة الهوائية التي لم تتمكن من الصمود مستقيمة فترة طويلة، فأصيبت باعوجاج، عبرت عنه ‘’كحة خشنة’’ أطلقها عبيد الله المرباطي، وربما كانت هذه هي المقدمة التي أراد ان ينطلق منها، وهو يحكي لـ ‘’الوقت’’ بصوت طفولي عن معاناته، حيث أراد ان يعود إلى الوراء ‘’كنت حينها في الصف الأول الابتدائي، وكنت أتعب من أقل مجهود أبذله، لم أكن أنتظم في الصف، أسبوع على كرسي الدراسة، 3 في المستشفى، وبعد استئصال رئتي اليمنى، كنت أجد صعوبة في التنفس، كنت أكح بصوت شيخ كبير فيتعجب من أمري كل من حولي’’.
هنا أمسكت أمه بخيط الحديث لتوضح لنا أن ‘’عبيدالله خضع لـ 4 عمليات جراحية في البحرين، 3 في السعودية، تركت جميعها آثارا إلى الأبد على جسمه، يخجل من أن يراها الآخرون’’، وتضيف الأم بمرارة ‘’لم يتوقف الأمر عند ذلك فحسب، فالصمام الذي أدخل في جسمه ما يلبث أن يخرج ويحتاج إلى عملية أخرى لإدخاله من حيث خرج’’.
في مستشفى الملك فيصل التخصصي، حيث صدر أمر ملكي في السعودية للتكفل بعلاجه، فوجئ الأطباء من حالة عبيد الله، ‘’كاد أن يموت ابنكم’’، هكذا علق الاستشاري، حيث إن التضخم كبير في الرئة، كما أن اعوجاج القصبة الهوائية أثر في قدرته على التنفس والكلام، فأجريت له عملية عاجلة، وضع له بموجبها كيس بلاستيكي مليء بالماء والغاز، مكان الرئة المستأصلة، حتى تمكن الأطباء من إعادة القصبة الهوائية إلى سابق عهدها، وطالب الطبيب ‘’ضرورة المراجعة والمتابعة المستمرة، للتأكد من مستوى الماء والغاز في الكيس البلاستيكي من جهة، ومن جهة أخرى لعدم وجود ذات العلاج في البحرين’’، حسب ما أوضحت الأم .
وبصوته الطفولي، ونبرته المبحوحة، قال عبيد الله ‘’بعد العملية شعرت بتحسن كبير، (ارتحت) كنت دائما أصطحب معي (بخاخ)، يمكنني من التنفس حال أي ضيق أشعر به، وكان جهاز الأكسجين يرافقني في المنزل وعند السفر، فالسفر بالطائرة يتعبني كثيرا’’.
؟ ظروف اعتقال والده أغلقت ملفه الطبي
عندما يصطدم المرض بالصدمة، قطعا سيزداد حدة، وهذا ما حدث مع عبيدالله والذي أغلق ملفه في المستشفى ليواجه حياة من دون علاج وبنصف رئة، حيث يعاني حاليا من تكيس في الجزء الأسفل من الرئة الوحيدة المتبقية، تقول أمه وهي تتوجس خيفة من تدهور حالة ابنها ‘’ألا تعرفون المعتقل عبدالرحيم المرباطي، والذي جرى اعتقاله في السعودية منذ 3 سنوات 4 أشهر؟’’، وعلى الفور أحضرت ابنتها عائشة (11عاما) صورته، تنهدت الأم ‘’كان زوجي يرافق عبيدالله للعلاج في السعودية، حيث كانت وزارة الصحة البحرينية تتكفل بمصاريف الإقامة وتذاكر السفر، فيما قدمت الحكومة السعودية مشكورة لنا العلاج’’. وأضافت ‘’كنا نتابع العلاج كل 8 أشهر تقريبا، وبعض الأحيان يغلق ملف ابني في المستشفى، وبالتواصل مع السفارة البحرينية في السعودية يتم فتحه مرة أخرى، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان’’.
وتابعت ‘’اعتقل زوجي بتهمة الاشتراك في تفجيرات الرياض، وسحب من أمام أطفالي إلى المعتقل، على رغم أنه لا ناقة له ولا جمل بأي شأن سياسي يذكر’’. وبمرارة تقول ‘’ابني عبيدالله هو المتضرر الأكثر مما حصل، فقد أقفل ملفه الطبي في المستشفى وتوقف علاجه’’.
ومضت في حديثها، والحزن يعلو وجهها ‘’علاج ابني لا يتوافر في البحرين، وهو بالكاد يتمسك بالحياة عبر نصف رئته الباقية، فأي ذنب اقترف وما ذنبه في هذا كله؟’’.
تقول ‘’كلما استفسرنا قالوا إن ملفه أغلق بعد اعتقال والده، ابني يصارع الموت وهم يحملونه ذنبا لا أساس له أصلا’’، وتكمل ‘’بعد مراجعات مع القنصل البحريني في السعودية، أفادنا بأننا لسنا الوحيدين الذين نعاني فهناك 70 ملفا آخر أغلق، وكلما طالبت السفارة فتحها، يفتح اثنان أو أكثر من بين العشرات من الطلبات’’.
؟ «الصحة عورت قلبنا»
تواصل الأم حديثها ‘’جو البحرين الرطب الحار لا يتناسب بتاتا مع حالة ابني، ونصحني الأطباء بالانتقال إلى المدينة المنورة حيث الجو الجاف، وها أنا ذا أتنقل بين البحرين والسعودية خوفا على حياة ابني المهددة’’.
تتابع ‘’خاطبنا وزارة الصحة البحرينية للنظر في قضيتنا ولا مجيب، وعلى رغم تكفلها بكلفة السفر من تذاكر وإقامة إلا أنها تتأخر في صرفها لأشهر’’، موضحة ‘’ظروف معيشتنا قاهرة، رب الأسرة معتقل، وأنا لا أعمل وأبنائي مازالوا على مقاعد الدراسة، وكل ما أحصل عليه هو مساعدة من جمعية الإصلاح’’ .
هنا يتدخل عبيدالله، ليدلي بدلوه، وهو مركز المعاناة ‘’تصوروا، نطالب الوزارة بكلفة 5 زيارات علاج في السعودية، ولم تصرفهم حتى الآن (عورت الوزارة قلبنا)’’.
يقول ‘’في المرة السابقة تم علاجي في المستشفى من دون فتح الملف الصحي كمساعدة منهم، وعندي موعد الشهر المقبل، وإذ لم يفتح ملفي و لم أذهب لتلقي العلاج فسيغلق ملفي تماما في المستشفى’’، مضيفا بحسرة وحيرة ‘’لا أعلم بعدها كيف سأتلقى علاجي الذي هو أصلا غير متوافر في البحرين؟’’
؟ بنصف رئة إلى الدور الرابع
كان قد لفت انتباهنا أن عبيدالله لا يتواجد كثيرا في شقة أسرته الكائنة في شقق إسكان مدينة عيسى، ففي كل مرة نتصل، يكون في بيت عمه، لكن هذه الحيرة تبددت، عندما صعدنا الشقة التي تقع في الطابق الرابع، سألناه كيف، فأطلق آهات وزفرات معبرة وتقول كل ما تعجز عنه الكلمات ‘’والله .. أموت من التعب، أحاول قدر المستطاع أن أصعد مرة واحدة في اليوم إلا أن الأمر يرهقني جدا’’.
تقول أمه إنها تمسك بقلبها كلما أراد عبيدالله الصعود إلى الشقة أو النزول منها، موضحة أنها لا تكلفه بحمل أي أغراض حتى لا ترهقه.
وهنا ناشدت الأم وزارة الإسكان، الالتفات إلى حالتها الخاصة، وتحويلها إلى شقة في الدور الأرضي رأفة بحال ابنها.
؟ كلمة أخيرة من عبيدالله إلى رئيس الوزراء
وقبل أن نغادر، قال عبيدالله ‘’لي كلمة أخيرة، ممكن أستاذة’’، ضحكت من طريقته في الحديث، وأصغيت إليه ‘’أناشد والدي العزيز، رئيس الوزراء الموقر الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، النظر إلى حالتي، والسعي إلى فتح ملفي، لا أملك بعد الله إلا أن أطلب مساعدته، فالأيام تمر واقترب موعدي في المستشفى، وطرقت ألأبواب الممكنة كافة وكلها موصدة’’.
يواصل ‘’لا أعلم إذا ما كنت سأعيش أكثر أم لا برئتي الوحيدة، لكنني واثق بأنه لن يبخل علي، كما أتمنى أن أنتقل إلى شقة في الدور الأرضي، فقد تعبت من الصعود والنزول من الطابق الرابع’’.
وبعد فهذه هي الكلمة التي أراد أن يختم بها عبيد الله الحوار بشأن معاناته، والتي من الممكن أن يجد أقرانا له في بيوت بحرينية أخرى، وقد تكون لدى أعز من لدينا، فلنلتفت. |
أحدث التعليقات