طالما تعجبت وقبل سنوات من كثرة حملة الشهادات العليا من ماجستير ودكتوراه في البحرين، حتى وجدت أن من يحمل شهادة البكالوريوس شأنه لا يختلف عن شأن خريج الثانوية العامة إلا قليلا، وكأنما الشهادات العليا حلوى في يد الأغلبية! الوضع كان يشكل لغزاً أدخلني في موجة من التساؤلات، كيف أن فلانة التي خبرتها سنوات في المدرسة أو الجامعة بالكاد تنجح واليوم تحمل درجة الماجستير، ووضعت لها هدفاً لنيل درجة الدكتوراه؟ وذاك الذي قضى سبع سنوات لنيل درجة البكالوريوس، نال درجة الماجستير بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى؟ وليس هذا فحسب بل يؤكد أن إكمال الدراسات العليا ليس أمرا صعبا، وكأن الجميع مؤهل لنيل هذه الدرجات العلمية، وأن الدراسات العليا شأنها شأن الدراسة النظامية المدرسية!فضيحة الشهادات المزورة التي بدأت من الكويت وأخذت تتدحرج كرتها لتأخذ معها الآلاف في دول خليجية أخرى، فضيحة تأخر الكشف عنها سنوات طوال، ولكن الوقت لم يتأخر إن كانت هناك نيات صادقة للقضاء على هذه المفسدة العلمية، واجتثاث جذورها النتنة ورميها في مزابل كي لا تعود مرة أخرى على السطح، فنتيجة لهذه الشهادات المزورة، جلس الآلاف على “كراسي أكبر منهم”، ونال الآلاف درجات وظيفية غير مؤهلين لها، بل والطامة الكبرى مارسوا مهناً لا يفقهون فيها، وليست بعيدة عنا قصة ذاك الطبيب الذي مارس جراحة العيون في مركز طبي مشهور واكتشف أنه لا يملك أية شهادة تخوله لممارسة مهنة الطب، فعبث في أعين الناس! وأنا واحدة من الصحافيات اللواتي أجرين – قبل أن يكتشف أمره – مقابلة مع امرأة للأسف باتت عمياء بعد جراحة فاشلة في هذا المركز، وعُلق الأمر “لأنه خطأ طبي، وأنه أمر يحدث في أي مستشفى وفي أية دولة في العالم”، فمن سيعيد لها بصرها اليوم؟الرحمة في قضية الشهادات المزورة مرفوضة، فعلى الحكومة اليوم مهمة تنظيف كل وزاراتها ومؤسساتها وهيئاتها، وبالمثل في كل القطاعات الخاصة في المملكة، والتحقق من جميع الشهادات من البكالوريوس إلى الدكتوراه لكل الموظفين، ولتبدأ من المهن الحساسة وعلى رأسها المهن الطبية والتمريضية والعاملين في المجال الصحي، مروراً بالشهادات الهندسية وغيرها، ولتشمل الحملة الجميع، لا يستثنى منها أحد، على أن يحاسب كل مزور كذاب بالحبس والغرامة، والتجرد من المنصب، وإن كان بحرينياً حاملاً للجنسية يجرد منها، وإن كان أجنبياً يرحل ويوضع في قائمة سوداء لا عودة له بعدها للمملكة، على أن يعلن عن أسمائهم وصورهم بالصحف ليعتبر من يعتبر، وليكونوا درساً لأجيال بعدنا.ياسمينة:
كم من حامل لشهادة عليا وبجدارة يقبع في منزله عاطلاً عن العمل، وآخر مزور يهنأ في منصب غير كفء له.
وصلة فيديو المقال
https://www.instagram.com/p/Bl9-_iXBnH8/?utm_source=ig_share_sheet&igshid=wcqy6ya6budj
أحدث التعليقات