ناس بطرانه

بقلم: ياسمين خلف
ما بين النقيض والنقيض، مشاهد تُحزن قلبك وأخرى تشمئز منها نفسك. طفلة سورية في العاشرة من عمرها مع أخيها الأصغر يبحثان بين حبات الرمل عن فتات الخبز ليسدا به جوعهما، وآخرون بيننا يتفاخرون بوضع الذبائح على الطاولات في بذخ تقشعر منه الجلود، وترجف منه القلوب من فرط ما يحمله من تبذير في نعم الله التي أغلبها تجد طريقها إلى سلة المهملات.
تلك الطفلة التي شردتها الحرب، رغم كل ما تعانيه من فقر، وجوع، وعدم استقرار، وحرمان من والدتها، تعطي الكثيرون منا درساً في أهمية حفظ نعم الله التي قد لا تدوم، فهي كما كانت تقول من عائلة كبيرة إلا أن الحرب شتت شمل تلك العائلة، وإنها وبعد أن كانت تأكل ما لذ وطاب من الأكل، اليوم لا تجد ما تسد به جوع بطنها الذي يتضور كل حين، حيث لا تجد غير شوربة البهارات أو الأندومي لتسكت به مؤقتاً ذاك الجوع. تتحدث هذه الطفلة بلغة تجاوزت عمرها العشرات وهي تبحث عن فتات الخبز وتأكل منه في حينها، وتجمع ما يمكن جمعه لوقت لآحق، حيث تجد أن حتى ذاك الفتات يزيد عن حاجتها وستذخر الباقي منه لوقت جوعها! وتقول: “ناس بطرانه عم بتكب الأكل هون”، ولا تعلم أن هناك من يرمي نِعم تكفي المئات من العوائل وأكثر ولا يهتز له بذلك جفن.
نصوم شهر رمضان كل عام، أداءً لفريضة أساسية في ديننا – وقد تكون عند البعض عادةً ليس إلا – دون أن نتعلم من الصوم ما يربي أخلاقنا ويهذبها! نصوم ساعات، لنضع على موائد إفطارنا عشرات الأطباق التي تكفي عائلتين أو أكثر، فقط لنمتع نواظرنا بما تشتهيه أنفسنا! القلة القليلة منا من يطبخ المأكولات التي لا تزيد عن حاجته، وأغلبنا يأكل القليل ويرمي الكثير، فغداً تشتهي النفس مأكولات أخرى، ولا نأكل أكل بائت من ليلة البارحة، فالخير كثير، وخذ من هذه الحجج التي نتيجتها رمي ثلاثة أرباع الأكل في النفايات. في حين يتمنى غيرنا لقمة مما نأكل ولا يجدها. 
الغبقات، والتي اصبحت في مجتمعاتنا عادةً رمضانية تقيمها جهات العمل والجمعيات وجه من وجوه الإسراف في نعم الله في رمضان، فالضيوف والمشاركين فيها لم يمضي على تناولهم لوجبة الإفطار سوى ساعتين أو ثلاث فماذا سيأكلون؟ وأن اكلوا – وعليهم بألف عافية – لن يأكلوا الكم الهائل من تلك الأطعمة التي تجدها نهاية الحفل في أكياس سود للنفايات. فأحفظوا نعم الله في شهر الله.

ياسمينة: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”.
yasmeeniat@yasmeeniat.com

وصلة فيديو المقال

https://www.instagram.com/p/BHRpRUJA97YUySXcc33YvJ89aUYyn2Or7nEhbg0/

بقلم: ياسمين خلف
ما بين النقيض والنقيض، مشاهد تُحزن قلبك وأخرى تشمئز منها نفسك. طفلة سورية في العاشرة من عمرها مع أخيها الأصغر يبحثان بين حبات الرمل عن فتات الخبز ليسدا به جوعهما، وآخرون بيننا يتفاخرون بوضع الذبائح على الطاولات في بذخ تقشعر منه الجلود، وترجف منه القلوب من فرط ما يحمله من تبذير في نعم الله التي أغلبها تجد طريقها إلى سلة المهملات.
تلك الطفلة التي شردتها الحرب، رغم كل ما تعانيه من فقر، وجوع، وعدم استقرار، وحرمان من والدتها، تعطي الكثيرون منا درساً في أهمية حفظ نعم الله التي قد لا تدوم، فهي كما كانت تقول من عائلة كبيرة إلا أن الحرب شتت شمل تلك العائلة، وإنها وبعد أن كانت تأكل ما لذ وطاب من الأكل، اليوم لا تجد ما تسد به جوع بطنها الذي يتضور كل حين، حيث لا تجد غير شوربة البهارات أو الأندومي لتسكت به مؤقتاً ذاك الجوع. تتحدث هذه الطفلة بلغة تجاوزت عمرها العشرات وهي تبحث عن فتات الخبز وتأكل منه في حينها، وتجمع ما يمكن جمعه لوقت لآحق، حيث تجد أن حتى ذاك الفتات يزيد عن حاجتها وستذخر الباقي منه لوقت جوعها! وتقول: “ناس بطرانه عم بتكب الأكل هون”، ولا تعلم أن هناك من يرمي نِعم تكفي المئات من العوائل وأكثر ولا يهتز له بذلك جفن.
نصوم شهر رمضان كل عام، أداءً لفريضة أساسية في ديننا – وقد تكون عند البعض عادةً ليس إلا – دون أن نتعلم من الصوم ما يربي أخلاقنا ويهذبها! نصوم ساعات، لنضع على موائد إفطارنا عشرات الأطباق التي تكفي عائلتين أو أكثر، فقط لنمتع نواظرنا بما تشتهيه أنفسنا! القلة القليلة منا من يطبخ المأكولات التي لا تزيد عن حاجته، وأغلبنا يأكل القليل ويرمي الكثير، فغداً تشتهي النفس مأكولات أخرى، ولا نأكل أكل بائت من ليلة البارحة، فالخير كثير، وخذ من هذه الحجج التي نتيجتها رمي ثلاثة أرباع الأكل في النفايات. في حين يتمنى غيرنا لقمة مما نأكل ولا يجدها. 
الغبقات، والتي اصبحت في مجتمعاتنا عادةً رمضانية تقيمها جهات العمل والجمعيات وجه من وجوه الإسراف في نعم الله في رمضان، فالضيوف والمشاركين فيها لم يمضي على تناولهم لوجبة الإفطار سوى ساعتين أو ثلاث فماذا سيأكلون؟ وأن اكلوا – وعليهم بألف عافية – لن يأكلوا الكم الهائل من تلك الأطعمة التي تجدها نهاية الحفل في أكياس سود للنفايات. فأحفظوا نعم الله في شهر الله.

ياسمينة: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”.
yasmeeniat@yasmeeniat.com

وصلة فيديو المقال

https://www.instagram.com/p/BHRpRUJA97YUySXcc33YvJ89aUYyn2Or7nEhbg0/

عن الكاتب

ياسمينيات

ياسمين خلف حاصلة على درجة البكالوريوس في تخصص الإعلام مع تخصص مساند في علم النفس من جامعة الكويت عضو في جمعية الصحفيين بمملكة البحرين أمضت أكثر من 14 سنة في القطاع الصحافي والإعلامي ، ( سبتمبر 2000- 2005 / في صحيفة الأيام ) ( 2005 - 2010 في صحيفة الوقت ). (2008- حتى الان كاخصائية إعلام ومسئولة عن مجلة آفاق الجامعية التابعة لجامعة البحرين) (2013- حتى الان كاتبة عمود في جريدة الراية القطرية ) (2013 وحتى الان مراسلة مجلة هي وهو القطرية ) شاركت في العديد من دورات التطوير المهني في البحرين وخارجها ومنها : تأهيل و إعداد الصحافيين وزارة الأعلام – مملكة البحرين فن الكتابة الصحفية جامعة البحرين فن و مهارات المقابلة الصحفية و التحقيق الصحفي جامعة البحرين أساسيات المهنة و أخلاقياتها جمعية الصحفيين – البحرين الصحافة البرلمانية جمعية الصحفيين – البحرين فن كتابة الخبر الصحفي جمعية الصحفيين – البحرين فن كتابة التحقيق الصحفي جمعية الصحفيين – البحرين دورة في اللغة الإنجليزية (3) المركز الأمريكي للثقافة و التعليم – البحرين دورة تدريبية في تكنولوجيا المعلومات اتحاد الصحفيين العرب – مصر الكتابة الصحفية مؤسسة الأيام للصحافة – البحرين دورة في اللغة الإنجليزية (2) مركز الخليج الدولي – البحرين المشاركة في اللجنة المشتركة للشباب البرلمانيين وممثلي المؤسسات الحكومية لجمعية البحرين للصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة . المشاركة في دورة حول القانون الدولي الإنساني للجنة الدولية للصليب الأحمر . دورة تدريبية حول تكنولوجيا المعلومات في الإتحاد الصحفيين العرب في القاهرة . للتواصل: yasmeeniat@yasmeeniat.com

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.