بقلم : ياسمين خلف
مازلت أتذكر ذاك الشاب المتدرب في الصحيفة – التي أعمل فيها آنذاك – وهو يشكو متذمراً بغضب من مسؤوله الذي يسرق أفكاره وجهده. كان يعمل في قسم التحقيقات، وكان كلما انتهى من أحد التحقيقات الصحافية يؤجل مسؤوله نشره، ويركنه في الأدراج، لحين يقرأه ويستخلص منه زبدة الموضوع، ويطرحه في عموده اليومي، وبعد فترة ينشر تحقيق ذاك الصحافي المتدرب، وكأن من يقرأ التحقيق يظن بأن هذا الصحافي لم يتحرك على فكرة التحقيق إلا بعد أن قرأ عمود الرأي لذاك الصحافي المتمرس!.
بح صوت ذاك المتدرب من الشكوى، ولا من أذن سمعته، فكيف يقف هذا الصحافي المتدرب ويدعي بأن رئيس قسمه يسرق أفكاره؟ إلى أن فاض به الكيل ونشب خلاف كبير بينهما، سمع كل من في الجريدة صوتهما عالياً، وترك ذاك المتدرب العمل الصحافي بعدها!.
سرقة الجهود والأفكار تكاد توجد في كل المؤسسات والوزارات، وتجد لها بيئة خصبة كلما كان الموظف من النوع الذي تؤكل حقوقه ولا يتكلم خوفاً من خسارة لقمة عيشه، وكلما كان المسؤول من أصحاب “الذمم الواسعة”، ممن لا يفرق عندهم لو تسلق على أكتاف غيره، ونال ما لا يستحقه.
وتزداد المشكلة كلما أُبعد الموظفون عن دائرة صَّناع القرار والمديرين، ووضعت الحواجز البيروقراطية أمامهم، والتي وإن تخطاها الموظف عُوقب بتخطي مسؤوليه، والذين بدورهم قد يتفاخرون أمام المديرين بأنهم هم أصحاب الاقتراحات والأفكار التي أسهمت في تطوير العمل وارتقائه، فيحصلون على الحوافز، والمكافآت، والدرجات والمناصب تلو المناصب، ويبقى ذاك الموظف البسيط صاحب “الأفكار والمقترحات” طوال عمره موظفاً بسيطاً لا يُلتفت إليه، هذا إن لم يُنظر إليه بنصف عين، وبأن وجوده في المؤسسة أو الشركة من عدمه سواء.
الكثير من أولئك الموظفين والذين غالباً ما يكونون في مقتبل العمر، يفقدون مع الوقت حماسهم الوظيفي، فتتبلد عقولهم وتتجمد أفكارهم، لعدم وجود التقدير الذي يحفزهم على تقديم الجديد، والغريب، والمبتكر الخلاق، خصوصاً إذا وجدوا ثمرة جهودهم يحصدها غيرهم!، وتنسب أفكارهم لرؤسائهم ولا يكاد تُذكر أسماؤهم عليها، فسرقة تلو سرقة للأفكار كفيلة بأن تمنع الموظف عن الإفصاح عن أفكاره، ومن يلومه على ذلك؟!.
لابد من فتح قنوات للتواصل بين الموظفين وبين المديرين، وإلغاء البيروقراطية التي تؤخر ولا تطور في العمل، وتبخس حق الكثير من الموظفين.
ياسمينة: سراقو الأفكار والجهود كثر، ولا محكمة تقتص منهم.
yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال
https://www.instagram.com/p/_q1F0kBbqvYeiSmi7Ua2GTHg_iAtBiTiAUQD40/
بقلم : ياسمين خلف
مازلت أتذكر ذاك الشاب المتدرب في الصحيفة – التي أعمل فيها آنذاك – وهو يشكو متذمراً بغضب من مسؤوله الذي يسرق أفكاره وجهده. كان يعمل في قسم التحقيقات، وكان كلما انتهى من أحد التحقيقات الصحافية يؤجل مسؤوله نشره، ويركنه في الأدراج، لحين يقرأه ويستخلص منه زبدة الموضوع، ويطرحه في عموده اليومي، وبعد فترة ينشر تحقيق ذاك الصحافي المتدرب، وكأن من يقرأ التحقيق يظن بأن هذا الصحافي لم يتحرك على فكرة التحقيق إلا بعد أن قرأ عمود الرأي لذاك الصحافي المتمرس!.
بح صوت ذاك المتدرب من الشكوى، ولا من أذن سمعته، فكيف يقف هذا الصحافي المتدرب ويدعي بأن رئيس قسمه يسرق أفكاره؟ إلى أن فاض به الكيل ونشب خلاف كبير بينهما، سمع كل من في الجريدة صوتهما عالياً، وترك ذاك المتدرب العمل الصحافي بعدها!.
سرقة الجهود والأفكار تكاد توجد في كل المؤسسات والوزارات، وتجد لها بيئة خصبة كلما كان الموظف من النوع الذي تؤكل حقوقه ولا يتكلم خوفاً من خسارة لقمة عيشه، وكلما كان المسؤول من أصحاب “الذمم الواسعة”، ممن لا يفرق عندهم لو تسلق على أكتاف غيره، ونال ما لا يستحقه.
وتزداد المشكلة كلما أُبعد الموظفون عن دائرة صَّناع القرار والمديرين، ووضعت الحواجز البيروقراطية أمامهم، والتي وإن تخطاها الموظف عُوقب بتخطي مسؤوليه، والذين بدورهم قد يتفاخرون أمام المديرين بأنهم هم أصحاب الاقتراحات والأفكار التي أسهمت في تطوير العمل وارتقائه، فيحصلون على الحوافز، والمكافآت، والدرجات والمناصب تلو المناصب، ويبقى ذاك الموظف البسيط صاحب “الأفكار والمقترحات” طوال عمره موظفاً بسيطاً لا يُلتفت إليه، هذا إن لم يُنظر إليه بنصف عين، وبأن وجوده في المؤسسة أو الشركة من عدمه سواء.
الكثير من أولئك الموظفين والذين غالباً ما يكونون في مقتبل العمر، يفقدون مع الوقت حماسهم الوظيفي، فتتبلد عقولهم وتتجمد أفكارهم، لعدم وجود التقدير الذي يحفزهم على تقديم الجديد، والغريب، والمبتكر الخلاق، خصوصاً إذا وجدوا ثمرة جهودهم يحصدها غيرهم!، وتنسب أفكارهم لرؤسائهم ولا يكاد تُذكر أسماؤهم عليها، فسرقة تلو سرقة للأفكار كفيلة بأن تمنع الموظف عن الإفصاح عن أفكاره، ومن يلومه على ذلك؟!.
لابد من فتح قنوات للتواصل بين الموظفين وبين المديرين، وإلغاء البيروقراطية التي تؤخر ولا تطور في العمل، وتبخس حق الكثير من الموظفين.
ياسمينة: سراقو الأفكار والجهود كثر، ولا محكمة تقتص منهم.
yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال
https://www.instagram.com/p/_q1F0kBbqvYeiSmi7Ua2GTHg_iAtBiTiAUQD40/
أحدث التعليقات