لا تكونوا من المستهزئين

بقلم : ياسمين خلف

“تحدث حتى أراك” عبارة قالها الفيلسوف اليوناني أرسطو منذ قرون، ولعمري تكشف حقيقة مستوى الشخص ليس فقط من الناحية الثقافيّة، بل حتى من الناحية الأخلاقية، ومستوى التربية والتهذب في المعاملة، فكل ذلك لا يُقاس بمستوى الشهادات التي يملكها الفرد، ولا من نوع المدارس والجامعات التي تخرج منها، فهناك الأميّ الذي يتفوّق على صاحب الشهادات العُليا في مستوى الأخلاق والمعاملة، كما أن الأمر لا يُقاس كون “هذا مسلم وهذا كافر أو هذا عابد للأصنام”، فهناك مسلمون بلا أخلاق إسلاميّة، وهناك كفار بأخلاق إسلاميّة.

كل ذلك عصف بذهني عندما أرسل أحد معارفي واتس آب لطفلة تعاني من مرض متلازمة الداون – منغولية – إذ وكغيرها من الناس نشرت صورتها الشخصية في حسابها في الإنستجرام لتقيس مدى تقبّل الناس لها، ليتكشف ليس لها فقط، بل للعالم مدى الفرق الواضح في أخلاق المسلمين العرب، وبين أخلاق الأجانب في التعامل مع الحالات الإنسانية. وكل ذلك كان جليًا واضحًا من التعليقات التي ذيلوها أسفل صورتها.

فالعرب ماذا قالوا؟ “يا ربي أول ما فتحت الصورة تخرعت!”، “اللهم اكفني شر خلقك”، “أعوذ بالله”، “في دكتور اسمه عبدالله للعيون تبونه؟”، “شكلها عطست وما صكت عينها”، “وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا”، “استغفر الله وش ذا؟”، “والله صدق، لو أختي كذا تبرأت منها”.

وماذا قال الأجانب؟ “لم تكوني قبيحة يومًا”، “أنت رائعة وأنا أعني ما أقول لا تلتفتي لمن يجرحك، هم يغارون منك.”، “عيناك جميلتان”، “جميلة أنت، أحببت لون عينيك، كوني قوية يا صديقتي”، “أنت جميلة جدًا يا فتاة”، “أنت ملهمة كبيرة، كوني قوية ولا تعيري المُحبطين أي اهتمام، صدقي أو لا تصدقي هم ينظرون إليك بأنك قائدة وملهمة”.

للأسف من يُحسبون على الإسلام، ومن يدعون قراءة القرآن جعلوا من تلك الطفلة التي تعاني من مرض جيني سخرية، هم لم يستهزئوا بها بل استهزؤوا بخلق الله، أليست هي خلق الله؟ أكان بيدها أن تُصاب بهذا المرض؟ وهل كان بيدها اختيار شكلها؟ طفلة بعمرها – حتى لو كانت بالغة وراشدة – وتعاني ما تعاني، بحاجة إلى من يدعمها نفسيًا، إلى من يقول لها أنت إنسانة كغيرك، عيشي حياتك بطولها وبعرضها، ولا تسمحي لليأس أو الشعور بالنقص أن يتسلل إليك، نحن معك ونتعلم منك. لا أن تُكال عليها عبارات السخرية والانتقاص من شأنها، ولعمري لو كانت الصورة لممثلة أو حتى لامرأة “ساقطة” – أكرمكم الله – لرأيت العرب أول من سيُعلق – وبآلاف – وبأجمل عبارات المديح والثناء ليس فقط على جمالها بل وعلى تعريها.

 

ياسمينة: لا شماتة ولا سخرية في موت أو مرض.

yasmeeniat@yasmeeniat.com

وصلة فيديو المقال

https://instagram.com/p/9-8CpZhbmiNo5U_GGuSaTO2qjjLfjcJJD2tOw0/

بقلم : ياسمين خلف

“تحدث حتى أراك” عبارة قالها الفيلسوف اليوناني أرسطو منذ قرون، ولعمري تكشف حقيقة مستوى الشخص ليس فقط من الناحية الثقافيّة، بل حتى من الناحية الأخلاقية، ومستوى التربية والتهذب في المعاملة، فكل ذلك لا يُقاس بمستوى الشهادات التي يملكها الفرد، ولا من نوع المدارس والجامعات التي تخرج منها، فهناك الأميّ الذي يتفوّق على صاحب الشهادات العُليا في مستوى الأخلاق والمعاملة، كما أن الأمر لا يُقاس كون “هذا مسلم وهذا كافر أو هذا عابد للأصنام”، فهناك مسلمون بلا أخلاق إسلاميّة، وهناك كفار بأخلاق إسلاميّة.

كل ذلك عصف بذهني عندما أرسل أحد معارفي واتس آب لطفلة تعاني من مرض متلازمة الداون – منغولية – إذ وكغيرها من الناس نشرت صورتها الشخصية في حسابها في الإنستجرام لتقيس مدى تقبّل الناس لها، ليتكشف ليس لها فقط، بل للعالم مدى الفرق الواضح في أخلاق المسلمين العرب، وبين أخلاق الأجانب في التعامل مع الحالات الإنسانية. وكل ذلك كان جليًا واضحًا من التعليقات التي ذيلوها أسفل صورتها.

فالعرب ماذا قالوا؟ “يا ربي أول ما فتحت الصورة تخرعت!”، “اللهم اكفني شر خلقك”، “أعوذ بالله”، “في دكتور اسمه عبدالله للعيون تبونه؟”، “شكلها عطست وما صكت عينها”، “وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا”، “استغفر الله وش ذا؟”، “والله صدق، لو أختي كذا تبرأت منها”.

وماذا قال الأجانب؟ “لم تكوني قبيحة يومًا”، “أنت رائعة وأنا أعني ما أقول لا تلتفتي لمن يجرحك، هم يغارون منك.”، “عيناك جميلتان”، “جميلة أنت، أحببت لون عينيك، كوني قوية يا صديقتي”، “أنت جميلة جدًا يا فتاة”، “أنت ملهمة كبيرة، كوني قوية ولا تعيري المُحبطين أي اهتمام، صدقي أو لا تصدقي هم ينظرون إليك بأنك قائدة وملهمة”.

للأسف من يُحسبون على الإسلام، ومن يدعون قراءة القرآن جعلوا من تلك الطفلة التي تعاني من مرض جيني سخرية، هم لم يستهزئوا بها بل استهزؤوا بخلق الله، أليست هي خلق الله؟ أكان بيدها أن تُصاب بهذا المرض؟ وهل كان بيدها اختيار شكلها؟ طفلة بعمرها – حتى لو كانت بالغة وراشدة – وتعاني ما تعاني، بحاجة إلى من يدعمها نفسيًا، إلى من يقول لها أنت إنسانة كغيرك، عيشي حياتك بطولها وبعرضها، ولا تسمحي لليأس أو الشعور بالنقص أن يتسلل إليك، نحن معك ونتعلم منك. لا أن تُكال عليها عبارات السخرية والانتقاص من شأنها، ولعمري لو كانت الصورة لممثلة أو حتى لامرأة “ساقطة” – أكرمكم الله – لرأيت العرب أول من سيُعلق – وبآلاف – وبأجمل عبارات المديح والثناء ليس فقط على جمالها بل وعلى تعريها.

 

ياسمينة: لا شماتة ولا سخرية في موت أو مرض.

yasmeeniat@yasmeeniat.com

وصلة فيديو المقال

https://instagram.com/p/9-8CpZhbmiNo5U_GGuSaTO2qjjLfjcJJD2tOw0/

عن الكاتب

ياسمينيات

ياسمين خلف حاصلة على درجة البكالوريوس في تخصص الإعلام مع تخصص مساند في علم النفس من جامعة الكويت عضو في جمعية الصحفيين بمملكة البحرين أمضت أكثر من 14 سنة في القطاع الصحافي والإعلامي ، ( سبتمبر 2000- 2005 / في صحيفة الأيام ) ( 2005 - 2010 في صحيفة الوقت ). (2008- حتى الان كاخصائية إعلام ومسئولة عن مجلة آفاق الجامعية التابعة لجامعة البحرين) (2013- حتى الان كاتبة عمود في جريدة الراية القطرية ) (2013 وحتى الان مراسلة مجلة هي وهو القطرية ) شاركت في العديد من دورات التطوير المهني في البحرين وخارجها ومنها : تأهيل و إعداد الصحافيين وزارة الأعلام – مملكة البحرين فن الكتابة الصحفية جامعة البحرين فن و مهارات المقابلة الصحفية و التحقيق الصحفي جامعة البحرين أساسيات المهنة و أخلاقياتها جمعية الصحفيين – البحرين الصحافة البرلمانية جمعية الصحفيين – البحرين فن كتابة الخبر الصحفي جمعية الصحفيين – البحرين فن كتابة التحقيق الصحفي جمعية الصحفيين – البحرين دورة في اللغة الإنجليزية (3) المركز الأمريكي للثقافة و التعليم – البحرين دورة تدريبية في تكنولوجيا المعلومات اتحاد الصحفيين العرب – مصر الكتابة الصحفية مؤسسة الأيام للصحافة – البحرين دورة في اللغة الإنجليزية (2) مركز الخليج الدولي – البحرين المشاركة في اللجنة المشتركة للشباب البرلمانيين وممثلي المؤسسات الحكومية لجمعية البحرين للصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة . المشاركة في دورة حول القانون الدولي الإنساني للجنة الدولية للصليب الأحمر . دورة تدريبية حول تكنولوجيا المعلومات في الإتحاد الصحفيين العرب في القاهرة . للتواصل: yasmeeniat@yasmeeniat.com

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.