بقلم : ياسمين خلف
ماذا يعني أنك لا تستطيع رؤية من تحب مريضاً ملازماً لفراشه الأبيض في المستشفى فلا تزوره؟، ماذا يعني أنك لا تتمكن من رؤية أيتام أخيك أو صديقك كي لا تتذكر من سكن المقابر ورحل عنك فتذرف الدمع عليه حنيناً وشوقاً فتقطع صلتك بهم؟، ماذا يعني أنك لا تحبّذ أجواء الحزن فلا تذهب لمجالس عزاء الموتى فلا تواسي أهاليهم ولا تعظم لهم الأجر في من فقدوا؟، أليس كل ذلك ترجمة لأناس أنانيين يحبون أنفسهم أكثر مما يدَّعون حبهم لأهاليهم أو أصدقائهم؟، فهم لا يريدون أن يُعرِّضوا أنفسهم لأجواء الحزن والفقد، حتى وإن اضطر الوضع ببعضهم إلى التخلي عن مسؤولياتهم، غافلين بأن الحب الحقيقي -لأي كان- هو الوقوف معه في الشدة والحزن، لا في الرخاء والفرح.
يترك أباه في المستشفى يخوض العملية تلو العملية في الغربة، يدّعي أنه لا يملك قلباً قوياً ليرى والده على فراش المرض، فيترك مسؤولية العناية به والوقوف أمام احتياجاته لغيره ولا يزوره إلا بعد أن يتماثل للشفاء!. بالله عليك، أباك هذا أهو بحاجة إليك وهو في كامل صحته أم في ضعفه ومرضه؟.
ليس من بيننا من تستهويه مجالس العزاء أو البقاء لأيام أو أشهر في المستشفيات، ولكن هناك واجبات يتحتم على الواحد منا القيام بها للوقوف سنداً لمن يقع، لا أن يكون هو والظروف عليه. فجروح النفس أقسى وأمرّ بكثير من جروح البدن، فذاك المريض يتوقع من أهله، وأبنائه وأصدقائه أن يكونوا متحلّقين حول سريره لا أن يجد نفسه وحيداً بين أجهزة وأبر تنخر جسمه، بحجة أن أبناءه وأهله ومن يدّعون صداقته وأخوته لا يقوون على رؤيته مريضاً طريحاً لفراشه!. فكم من مريض تعافى لارتفاع معنوياته بعدما وجد أحباءه حوله يشدّون من أزره وعزيمته لقهر المرض، وكم من مريض أشتد عليه مرضه، وربما فقد حياته لتسرّب اليأس والحزن إلى قلبه فهزمه المرض فأقبره!.
لا مبرّر ولا عذر لمن يشاركك في فرحك دون حزنك، ويريدك في صحتك ويبتعد عنك في مرضك. ومن يريدك للفرح وقضاء الأوقات السعيدة ويتخلى عنك في أيامك العصيبة، إنسان خسارة فيه تلك الساعات التي تقضيها معه، وخسارة فيه التربية إن كان فلذة كبدك.
ياسمينة: أحياناً البلاء نعمة، يكشف لنا من رحم المحن معادن البشر من حولنا.
yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال
https://instagram.com/p/64PysuBbrhTlqj99FayHUQLom8m7NDM-efBxk0/
بقلم : ياسمين خلف
ماذا يعني أنك لا تستطيع رؤية من تحب مريضاً ملازماً لفراشه الأبيض في المستشفى فلا تزوره؟، ماذا يعني أنك لا تتمكن من رؤية أيتام أخيك أو صديقك كي لا تتذكر من سكن المقابر ورحل عنك فتذرف الدمع عليه حنيناً وشوقاً فتقطع صلتك بهم؟، ماذا يعني أنك لا تحبّذ أجواء الحزن فلا تذهب لمجالس عزاء الموتى فلا تواسي أهاليهم ولا تعظم لهم الأجر في من فقدوا؟، أليس كل ذلك ترجمة لأناس أنانيين يحبون أنفسهم أكثر مما يدَّعون حبهم لأهاليهم أو أصدقائهم؟، فهم لا يريدون أن يُعرِّضوا أنفسهم لأجواء الحزن والفقد، حتى وإن اضطر الوضع ببعضهم إلى التخلي عن مسؤولياتهم، غافلين بأن الحب الحقيقي -لأي كان- هو الوقوف معه في الشدة والحزن، لا في الرخاء والفرح.
يترك أباه في المستشفى يخوض العملية تلو العملية في الغربة، يدّعي أنه لا يملك قلباً قوياً ليرى والده على فراش المرض، فيترك مسؤولية العناية به والوقوف أمام احتياجاته لغيره ولا يزوره إلا بعد أن يتماثل للشفاء!. بالله عليك، أباك هذا أهو بحاجة إليك وهو في كامل صحته أم في ضعفه ومرضه؟.
ليس من بيننا من تستهويه مجالس العزاء أو البقاء لأيام أو أشهر في المستشفيات، ولكن هناك واجبات يتحتم على الواحد منا القيام بها للوقوف سنداً لمن يقع، لا أن يكون هو والظروف عليه. فجروح النفس أقسى وأمرّ بكثير من جروح البدن، فذاك المريض يتوقع من أهله، وأبنائه وأصدقائه أن يكونوا متحلّقين حول سريره لا أن يجد نفسه وحيداً بين أجهزة وأبر تنخر جسمه، بحجة أن أبناءه وأهله ومن يدّعون صداقته وأخوته لا يقوون على رؤيته مريضاً طريحاً لفراشه!. فكم من مريض تعافى لارتفاع معنوياته بعدما وجد أحباءه حوله يشدّون من أزره وعزيمته لقهر المرض، وكم من مريض أشتد عليه مرضه، وربما فقد حياته لتسرّب اليأس والحزن إلى قلبه فهزمه المرض فأقبره!.
لا مبرّر ولا عذر لمن يشاركك في فرحك دون حزنك، ويريدك في صحتك ويبتعد عنك في مرضك. ومن يريدك للفرح وقضاء الأوقات السعيدة ويتخلى عنك في أيامك العصيبة، إنسان خسارة فيه تلك الساعات التي تقضيها معه، وخسارة فيه التربية إن كان فلذة كبدك.
ياسمينة: أحياناً البلاء نعمة، يكشف لنا من رحم المحن معادن البشر من حولنا.
yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال
https://instagram.com/p/64PysuBbrhTlqj99FayHUQLom8m7NDM-efBxk0/
أحدث التعليقات