الخميس الموافق 27/11/2014 م
وطارت “الشحرورة” للسماء
بحق لا يُمهل قضاء الله وقدره أحداً، فقبل يومين فقط، كنت في حديث مع أختي حول الصور المتداولة “للشحرورة” أو “صبوحه” كما اعتدنا على تسمية الفنانة الراحلة صباح، والتي انتشرت بكثافة خلال الأسبوع الماضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتطور شكلها ووصولها إلى أرذل العمر، وكنت قد نويت أن أكتب مقالاً حولها، لأفاجأ بخبر وفاتها صبيحة اليوم التالي، وحزنت فعلاً لسماع هذا الخبر، عن هذه الفنانة التي لم أسمع أغانيها إلا فيما ندر، وإن كنت قد شاهدت عدداً من أفلامها التي أمتعتنا حقاً بها، فرحمها الله.
كنت أتألم فعلاً من تلك النكت التي تتندر وتتفكه على “الشحرورة”، والتي دائماً ما تسخر من عمرها، الذي يجدونه مديداً، ويصورونها وكأنها الأكبر عمراً على وجه الكرة الأرضية، وأن لا أحد قبلها، ولا يتوقعون أن يأتي أحد بعدها يصل إلى ما وصلت إليه من عمر، ناهيك عن الصور التي تتداول لها، وكيف أصبحت بعد أن تقدم بها العمر، وكأن كل هؤلاء ممن سخر منها لن يمروا يوماً أو مر أحباؤهم وأقرباؤهم بدورة الحياة هذه!.
وها هي اليوم تغادر روحها للسماء وهي لم تتجاوز 87 عاماً، وأجزم أن هناك من هم في عمرها يتمتعون بصحة أفضل منها بكثير، وهي التي لزمت الفراش الأبيض منذ أعوام، يمشون، ويسافرون، ويتمتعون بشكل أصغر منها بكثير وإن كان بعضهم أكبر منها أيضاً.
هناك من تجاوزت أعمارهم المائة، والصحف تنقل لنا أخبارهم، لا أحد تشمت، أو تندر عليهم، فلم الشحرورة بالذات التي تعرضت لكل هذه النكت؟ ألأنها فقط شخصية “عامة”؟ عذر أقبح من ذنب، أن تكون شخصية عامة لا يعطي الآخرين الحق في التدخل في خصوصياتها، كأن تزوجت “خمسة أو ستة” أو حتى مائة شخص، أن تكون شخصية عامة لا يعطي الآخرين الحق في النبش في سجلاتها الرسمية للتحقق من عمرها، والتشهير بها، وكأن العمر عار أو عيب، هو دورة حياة، إن لم يمت الشخص فإنه لا محالة سيمر به، فطريق التقدم بالعمر لا مفر منه.
مهلاً، أليس الاعتراض على طول عمرها – كما يعتقد البعض – اعتراضا على قضاء الله وقدره؟ يعني أنهم يعترضون على الله، فهو من رزقها هذا العمر، وهي وحدها من لها الحق في أن تهدره بالشكل الذي تراه مناسباً، تزوجت أو تطلقت، أو تمادت في التزين فهذا شأنها الخاص، فهي وحدها من ستحاسب عليه أمام خالقها. أمِن بين هؤلاء ممن يتندر عليها يتكفل بمشربها ومأكلها ليتذمر على طول عمرها؟ أيقبل أحدهم أن تتداول صوره وهو مسجى على سرير المرض، أو بهندام لا يفضل أن يراه الآخرون عليه؟
أليس من بين كل هؤلاء من يصيغ تلك النكت أو يجمع تلك الصور وينشرها، فكر كيف سيكون لوقع ذلك على نفسية “الصبوحة” أو ابنتها أو المقربين إليها؟ فمعزة الأم كبيرة، ولا يرتضي أحدنا أن تمس بكلمة، ومهما طال عمرها فلا يتمنى امرؤ أن تتوفى، أو يسمع من يدعو عليها بالوفاة.
هي أحبت الحياة فأحبتها، ورغم ما قالوه عنها، قالت في إحدى مقابلاتها التلفزيونية الأخيرة جملة تختصر أخلاقها وطيبة قلبها بل وإيمانها بالله عندما قالت: “بس أودعكم ما تزعلوا قولوا راحت لمطرح كتير حلو”.
ياسمينة: لستم من يرزق الناس أعمارهم، تندركم، وتفكهكم، واعتراضكم على حكمة الله وقدره دليل على قلة إيمانكم.
Yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال
الخميس الموافق 27/11/2014 م
وطارت “الشحرورة” للسماء
بحق لا يُمهل قضاء الله وقدره أحداً، فقبل يومين فقط، كنت في حديث مع أختي حول الصور المتداولة “للشحرورة” أو “صبوحه” كما اعتدنا على تسمية الفنانة الراحلة صباح، والتي انتشرت بكثافة خلال الأسبوع الماضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتطور شكلها ووصولها إلى أرذل العمر، وكنت قد نويت أن أكتب مقالاً حولها، لأفاجأ بخبر وفاتها صبيحة اليوم التالي، وحزنت فعلاً لسماع هذا الخبر، عن هذه الفنانة التي لم أسمع أغانيها إلا فيما ندر، وإن كنت قد شاهدت عدداً من أفلامها التي أمتعتنا حقاً بها، فرحمها الله.
كنت أتألم فعلاً من تلك النكت التي تتندر وتتفكه على “الشحرورة”، والتي دائماً ما تسخر من عمرها، الذي يجدونه مديداً، ويصورونها وكأنها الأكبر عمراً على وجه الكرة الأرضية، وأن لا أحد قبلها، ولا يتوقعون أن يأتي أحد بعدها يصل إلى ما وصلت إليه من عمر، ناهيك عن الصور التي تتداول لها، وكيف أصبحت بعد أن تقدم بها العمر، وكأن كل هؤلاء ممن سخر منها لن يمروا يوماً أو مر أحباؤهم وأقرباؤهم بدورة الحياة هذه!.
وها هي اليوم تغادر روحها للسماء وهي لم تتجاوز 87 عاماً، وأجزم أن هناك من هم في عمرها يتمتعون بصحة أفضل منها بكثير، وهي التي لزمت الفراش الأبيض منذ أعوام، يمشون، ويسافرون، ويتمتعون بشكل أصغر منها بكثير وإن كان بعضهم أكبر منها أيضاً.
هناك من تجاوزت أعمارهم المائة، والصحف تنقل لنا أخبارهم، لا أحد تشمت، أو تندر عليهم، فلم الشحرورة بالذات التي تعرضت لكل هذه النكت؟ ألأنها فقط شخصية “عامة”؟ عذر أقبح من ذنب، أن تكون شخصية عامة لا يعطي الآخرين الحق في التدخل في خصوصياتها، كأن تزوجت “خمسة أو ستة” أو حتى مائة شخص، أن تكون شخصية عامة لا يعطي الآخرين الحق في النبش في سجلاتها الرسمية للتحقق من عمرها، والتشهير بها، وكأن العمر عار أو عيب، هو دورة حياة، إن لم يمت الشخص فإنه لا محالة سيمر به، فطريق التقدم بالعمر لا مفر منه.
مهلاً، أليس الاعتراض على طول عمرها – كما يعتقد البعض – اعتراضا على قضاء الله وقدره؟ يعني أنهم يعترضون على الله، فهو من رزقها هذا العمر، وهي وحدها من لها الحق في أن تهدره بالشكل الذي تراه مناسباً، تزوجت أو تطلقت، أو تمادت في التزين فهذا شأنها الخاص، فهي وحدها من ستحاسب عليه أمام خالقها. أمِن بين هؤلاء ممن يتندر عليها يتكفل بمشربها ومأكلها ليتذمر على طول عمرها؟ أيقبل أحدهم أن تتداول صوره وهو مسجى على سرير المرض، أو بهندام لا يفضل أن يراه الآخرون عليه؟
أليس من بين كل هؤلاء من يصيغ تلك النكت أو يجمع تلك الصور وينشرها، فكر كيف سيكون لوقع ذلك على نفسية “الصبوحة” أو ابنتها أو المقربين إليها؟ فمعزة الأم كبيرة، ولا يرتضي أحدنا أن تمس بكلمة، ومهما طال عمرها فلا يتمنى امرؤ أن تتوفى، أو يسمع من يدعو عليها بالوفاة.
هي أحبت الحياة فأحبتها، ورغم ما قالوه عنها، قالت في إحدى مقابلاتها التلفزيونية الأخيرة جملة تختصر أخلاقها وطيبة قلبها بل وإيمانها بالله عندما قالت: “بس أودعكم ما تزعلوا قولوا راحت لمطرح كتير حلو”.
ياسمينة: لستم من يرزق الناس أعمارهم، تندركم، وتفكهكم، واعتراضكم على حكمة الله وقدره دليل على قلة إيمانكم.
Yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال
أحدث التعليقات