الخميس الموافق 24/7/2014 م
اغنياء من التعفف
من قال إن الدول الخليجية دول خالية من الفقراء؟ من قال إنها جميعًا مترفة، كمالياتها تفوق ضروريات عيش آخرين من جنسيات أخرى؟ مخطأ من يعتقد ذلك، وبيننا أسر تعيش تحت خط الفقر، لا تجد غير الماء المغلي المضاف إليه الملح وكسرات من الخبز فطورًا في شهر الخير والبركات!.
وكأني بالنافين للأمر أسمعهم يستنكرون، معتبرين الأمر مبالغة لا تتناسب مع مجتمع نفطي، تحسده كل دول العالم على خيراته! نعم هناك أسر تبيت ليلها جوعى، وتسترهم ملابس رثة سنوات طويلة، وترتعش أطرافهم بردًا شتاءً، وتلهب الشمس أجسادهم صيفًا، هم بيننا ولكن “تحسبهم أغنياء من التعفف”.
قبل عام، وفي الشهر الفضيل قامت إحدى المحسنات بزيارة مفاجئة لأحد البيوت الذي سمعت أن بين جدرانه أسرة محتاجة، فأخذت بعضًا من “التموين الغذائي” كسلة رمضانية لتسلمهم إياها، وكانت الصدمة الكبرى عندما لمحت أن الأم كانت تغلي الماء المضاف إليه الملح فقط، ولا شيء غير ذلك كوجبة للفطور لأسرتها، التي ستجتمع على سفرة قوامها “الماء المغلي وكسرات من الخبز”، ورغم الفقر المدقع الذي كانت فيه هذه الأسرة والتي لا تجد ما تأكله في شهر عُرف بخيراته بل وعُرف بما لذّ وطاب من المأكولات والأطعمة، إلا أنها ترفض أي صدقة كانت، إلا إذا قُدمت لها كهدية!.
أن ترى فقيرًا يمد يده متسولًا في الشارع وأمام أبواب المساجد فتساعده لكسب أجر إشباع جوعه، وسد أفواه عائلته، وستر أبدانهم، أسهل بكثير من أولئك المتعففين داخل البيوت وراء الأبواب الموصدة، والذين قد يكونون أكثر حاجة وأكثر فقرًا، ولكن عزة أنفسهم تحول بينهم وبين إراقة ماء وجههم لطلب المساعدة من هذا أو ذاك.
لا تقل إن الجمعيات أو الصناديق الخيرية تقوم بالواجب، فهناك من لا يعرف كيف يصل إليهما، وقد يعرف أبوابها ولكن تعففه هو من ينسيه طريق الوصول إليها.
تفقدوهم، ربما يكون تأوه طفلهم الصغير دليلًا على مكانهم، فالأطفال لا يعرفون كيف يكتمون ألم بطونهم عندما يقرصهم الجوع، ولا يسيطرون على نظراتهم البريئة عندما تجول بين ما يحمله أطفالكم من حلويات وألعاب، ولن يخفوا إعجابهم التلقائي عندما يقارنون بين حقائبهم المدرسية المهترئة وبين الجديد الذي يملكه أطفالكم كل عام، تفقدوهم في محلات البقالة عندما تتراكم عليهم الديون، وهي ريالات ودنانير زهيدة في نظركم، صعبة التوفير بالنسبة إليهم. تفقدوهم عندما يقفون طويلًا أمام محلات بيع المأكولات وهم يتأكدون من أسعارها ويعدون القطع النقدية المتوفرة عندهم، من يريد فعل الخير سيجد ألف طريقة وطريقة لكسب الأجر والثواب.
ياسمينة: الوصول لهذه الأسر ليس بالسهل، ولكنه ليس بالأمر المستحيل كذلك، التفتوا إليهم، وابحثوا عنهم إذ ما تطلب الأمر، فأجر مساعدتهم بلاشك مضاعف.
Yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال
الخميس الموافق 24/7/2014 م
اغنياء من التعفف
من قال إن الدول الخليجية دول خالية من الفقراء؟ من قال إنها جميعًا مترفة، كمالياتها تفوق ضروريات عيش آخرين من جنسيات أخرى؟ مخطأ من يعتقد ذلك، وبيننا أسر تعيش تحت خط الفقر، لا تجد غير الماء المغلي المضاف إليه الملح وكسرات من الخبز فطورًا في شهر الخير والبركات!.
وكأني بالنافين للأمر أسمعهم يستنكرون، معتبرين الأمر مبالغة لا تتناسب مع مجتمع نفطي، تحسده كل دول العالم على خيراته! نعم هناك أسر تبيت ليلها جوعى، وتسترهم ملابس رثة سنوات طويلة، وترتعش أطرافهم بردًا شتاءً، وتلهب الشمس أجسادهم صيفًا، هم بيننا ولكن “تحسبهم أغنياء من التعفف”.
قبل عام، وفي الشهر الفضيل قامت إحدى المحسنات بزيارة مفاجئة لأحد البيوت الذي سمعت أن بين جدرانه أسرة محتاجة، فأخذت بعضًا من “التموين الغذائي” كسلة رمضانية لتسلمهم إياها، وكانت الصدمة الكبرى عندما لمحت أن الأم كانت تغلي الماء المضاف إليه الملح فقط، ولا شيء غير ذلك كوجبة للفطور لأسرتها، التي ستجتمع على سفرة قوامها “الماء المغلي وكسرات من الخبز”، ورغم الفقر المدقع الذي كانت فيه هذه الأسرة والتي لا تجد ما تأكله في شهر عُرف بخيراته بل وعُرف بما لذّ وطاب من المأكولات والأطعمة، إلا أنها ترفض أي صدقة كانت، إلا إذا قُدمت لها كهدية!.
أن ترى فقيرًا يمد يده متسولًا في الشارع وأمام أبواب المساجد فتساعده لكسب أجر إشباع جوعه، وسد أفواه عائلته، وستر أبدانهم، أسهل بكثير من أولئك المتعففين داخل البيوت وراء الأبواب الموصدة، والذين قد يكونون أكثر حاجة وأكثر فقرًا، ولكن عزة أنفسهم تحول بينهم وبين إراقة ماء وجههم لطلب المساعدة من هذا أو ذاك.
لا تقل إن الجمعيات أو الصناديق الخيرية تقوم بالواجب، فهناك من لا يعرف كيف يصل إليهما، وقد يعرف أبوابها ولكن تعففه هو من ينسيه طريق الوصول إليها.
تفقدوهم، ربما يكون تأوه طفلهم الصغير دليلًا على مكانهم، فالأطفال لا يعرفون كيف يكتمون ألم بطونهم عندما يقرصهم الجوع، ولا يسيطرون على نظراتهم البريئة عندما تجول بين ما يحمله أطفالكم من حلويات وألعاب، ولن يخفوا إعجابهم التلقائي عندما يقارنون بين حقائبهم المدرسية المهترئة وبين الجديد الذي يملكه أطفالكم كل عام، تفقدوهم في محلات البقالة عندما تتراكم عليهم الديون، وهي ريالات ودنانير زهيدة في نظركم، صعبة التوفير بالنسبة إليهم. تفقدوهم عندما يقفون طويلًا أمام محلات بيع المأكولات وهم يتأكدون من أسعارها ويعدون القطع النقدية المتوفرة عندهم، من يريد فعل الخير سيجد ألف طريقة وطريقة لكسب الأجر والثواب.
ياسمينة: الوصول لهذه الأسر ليس بالسهل، ولكنه ليس بالأمر المستحيل كذلك، التفتوا إليهم، وابحثوا عنهم إذ ما تطلب الأمر، فأجر مساعدتهم بلاشك مضاعف.
Yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال
أحدث التعليقات