الخميس الموافق 9/1/2014 م
متى نتأدب؟
هناك من الناس من تقول بينك وبين نفسك لو كان “أبكماً” لكان خيراً له وخيراً لمن حوله، فليس هناك أكثر ألماً من أن ترى من لا يزن كلامه، يحرج من أمامه، وليت الأمر يقف عند الإحراج وكفى، بل يتعداه إلى جرح الأحاسيس والمشاعر، وتقليب المواجع، التي بعضها لها فعل السكاكين في القلب، وفعل رش الملح على الجرح، فيترك الأخير ينزف، وهو يضحك دون مبالاة ويمضي، كمن رمى سهماً ونسيه!
الإحساس بالآخرين نعمة، بل هو خُلق عظيم، فما الذي سيجنيه المرء إن سأل من تأخر في الإنجاب عن عدم إنجابه للأطفال؟ وما الذي ستجنيه فلانة إن سألت عزباء في حفل زفاف متى سترتبط ؟ ولِما تأخرت عن بنات جيلها في الزواج؟ وكأن مقادير الله وحكمته في يدها! أو أن تسأل رجلاً عاطلاً عن العمل في مجلس للرجال “وأنت ليش ما تشتغل”؟ فيذهب ماء وجهه، ويحط من قدره وكرامته. أو أن تسأل أماً ثُكلى كيف مات ابنك؟ وأين كنتِ حينها؟ فيكفيها من الوجع والألم اللذين حرماها من لذة النوم والعيش بعده، وتقليب مواجعها، يذبحها ويعيد شعور الفقد لديها كما لو كانت للتو تتلقى خبر موته.
احفظوا ألسنتكم ولا داعي لأن تسألوا مشوهاً أو صاحب ندبة في الوجه عن سببها، فالوجه موضع العزة، فبلاشك حاول إخفاءها، وربما حفت قدماه من طبيب لآخر، ولكن دون جدوى! وإن لاقيتم يتيماً وعرفتم بذلك، فلا داعي لأن تطلقوا العنان لفضولكم وتسألوه عن سبب موتهما، ولا داعي للحديث عن آبائكم وأمهاتكم في حضرته، فيكفيه الحرمان والحنين لهما.
وإن أردت أن تتصدق وتساعد فقيراً، لا تسأله إن كان يريد نقوداً أم لا؟ إما أن تتحدث بالحسنى، وإما أن تفعل الخير وأنت صامت، ولا داعي للتجريح كأن تقول لما لا تذهب وتعمل بدلاً من أن تعيش على مساعدات غيرك؟ حتى ضيفك لا تسأله إن كان يريد شراباً أو طعاماً، ضيّفه دونما سؤال، فإن سألته فقد حرمته. وإياك إياك أن تُضحك الآخرين على صديق أو رفيق، فلا تستظرف دمك على حساب مشاعر غيرك، فبعض الجروح لا تندمل، والشروخ لا تخفى كلياً مهما فعلنا.
وإن رأيت معاقاً، أو مريضاً، فلا داعي لنظرات الشفقة التي لن تساعده، بل ستحطمه، وحاول أنك لا تطيل النظر إليه، وإن حدثته، حدثه كأي إنسان طبيعي لا يعاني من أي مشكلة، كي لا يشعر بالنقص.
لا تتدخل في حياة الآخرين، فلكل شخص – كما أنت- خصوصيات لا يحب أن يتطفل الآخرون عليها، وقبل أن تسأل لتكن ألفاظك مهذبة، وأسلوبك محترماً، كي لا تكون فظاً، منبوذاً، ثقيلاً في المجالس والحضور، فمتى نتأدب ونزن ألفاظنا، وكلماتنا، وحتى نظراتنا، لنرتقي بأخلاقنا، متى؟
ياسمينة: يُقال “لا تسأل المرأة عن عمرها، ولا تسأل الرجل عن راتبه”.
الخميس الموافق 9/1/2014 م
متى نتأدب؟
هناك من الناس من تقول بينك وبين نفسك لو كان “أبكماً” لكان خيراً له وخيراً لمن حوله، فليس هناك أكثر ألماً من أن ترى من لا يزن كلامه، يحرج من أمامه، وليت الأمر يقف عند الإحراج وكفى، بل يتعداه إلى جرح الأحاسيس والمشاعر، وتقليب المواجع، التي بعضها لها فعل السكاكين في القلب، وفعل رش الملح على الجرح، فيترك الأخير ينزف، وهو يضحك دون مبالاة ويمضي، كمن رمى سهماً ونسيه!
الإحساس بالآخرين نعمة، بل هو خُلق عظيم، فما الذي سيجنيه المرء إن سأل من تأخر في الإنجاب عن عدم إنجابه للأطفال؟ وما الذي ستجنيه فلانة إن سألت عزباء في حفل زفاف متى سترتبط ؟ ولِما تأخرت عن بنات جيلها في الزواج؟ وكأن مقادير الله وحكمته في يدها! أو أن تسأل رجلاً عاطلاً عن العمل في مجلس للرجال “وأنت ليش ما تشتغل”؟ فيذهب ماء وجهه، ويحط من قدره وكرامته. أو أن تسأل أماً ثُكلى كيف مات ابنك؟ وأين كنتِ حينها؟ فيكفيها من الوجع والألم اللذين حرماها من لذة النوم والعيش بعده، وتقليب مواجعها، يذبحها ويعيد شعور الفقد لديها كما لو كانت للتو تتلقى خبر موته.
احفظوا ألسنتكم ولا داعي لأن تسألوا مشوهاً أو صاحب ندبة في الوجه عن سببها، فالوجه موضع العزة، فبلاشك حاول إخفاءها، وربما حفت قدماه من طبيب لآخر، ولكن دون جدوى! وإن لاقيتم يتيماً وعرفتم بذلك، فلا داعي لأن تطلقوا العنان لفضولكم وتسألوه عن سبب موتهما، ولا داعي للحديث عن آبائكم وأمهاتكم في حضرته، فيكفيه الحرمان والحنين لهما.
وإن أردت أن تتصدق وتساعد فقيراً، لا تسأله إن كان يريد نقوداً أم لا؟ إما أن تتحدث بالحسنى، وإما أن تفعل الخير وأنت صامت، ولا داعي للتجريح كأن تقول لما لا تذهب وتعمل بدلاً من أن تعيش على مساعدات غيرك؟ حتى ضيفك لا تسأله إن كان يريد شراباً أو طعاماً، ضيّفه دونما سؤال، فإن سألته فقد حرمته. وإياك إياك أن تُضحك الآخرين على صديق أو رفيق، فلا تستظرف دمك على حساب مشاعر غيرك، فبعض الجروح لا تندمل، والشروخ لا تخفى كلياً مهما فعلنا.
وإن رأيت معاقاً، أو مريضاً، فلا داعي لنظرات الشفقة التي لن تساعده، بل ستحطمه، وحاول أنك لا تطيل النظر إليه، وإن حدثته، حدثه كأي إنسان طبيعي لا يعاني من أي مشكلة، كي لا يشعر بالنقص.
لا تتدخل في حياة الآخرين، فلكل شخص – كما أنت- خصوصيات لا يحب أن يتطفل الآخرون عليها، وقبل أن تسأل لتكن ألفاظك مهذبة، وأسلوبك محترماً، كي لا تكون فظاً، منبوذاً، ثقيلاً في المجالس والحضور، فمتى نتأدب ونزن ألفاظنا، وكلماتنا، وحتى نظراتنا، لنرتقي بأخلاقنا، متى؟
ياسمينة: يُقال “لا تسأل المرأة عن عمرها، ولا تسأل الرجل عن راتبه”.
أحدث التعليقات