ياسمينيات
كان يا ما كان
ياسمين خلف
يحكى أنه ومنذ قديم الزمان كانت هناك جزيرة قليلة السكان، عاش أهلها في أمان، إلى أن أصبحت بين عام وعام، مأهولة بالسكان، أضحى أهلها في ذل ومهان، ولم تنفعهم حتى علاوة غلاء المعيشة والتي ستصبح ومن اليوم الأول من استلامها في خبر كان، فكان الله لهم والمستعان.
الحكاية لم تنته وإن كانت قصة ألف ليلة وليلة تنتهي، فبعد مداولات ما بين مجلسي الشورى والنواب، وبقاء أعصاب الناس مشدودة على الآخر لمعرفة متى ستصرف ”الإعانة” وكيف ستصرف وعلى من، جاءتهم المفارقة كضريبة عندما نشرت أسماؤهم (الأربعة والثلاثون ألف) في الصحف وبخط ”واضح” وعندما قامت الناس ولم تقعد، أخذت منحى آخر بنشر الرقم السكاني لأرباب العوائل للعشرة آلاف، والتي تحتاج هذه المرة إلى مكبر من النوع ”الإسبشل” للتدقيق على الأرقام، والتي أضحكت من أضحكت عندما وجدوا من بينها رب عائلة لم يتجاوز عمره العام الواحد، ومعمرين انتهى العمر الافتراضي لهم حيث تجاوزت أعمارهم المئة، وأحزنت من أحزنت عندما لم يجدوا أرقامهم من بينها ”العجلة من الشيطان يا جماعة الحكومة الإلكترونية تعدكم بقوائم جديدة”، يا ترى كم من قائمة ستضم آلافاً أخرى من فقارة البحرين ”يعني ما غلطنا يوم قلنا أن أكثر من نصف البحرينيين يعانون من الفقر ومع ذلك يخرج إليك أحدهم ليقول البحرين لاتزال بخير ولا فقراء إلا ثلة كحال أية دولة في العالم.
المسؤولون استغربوا ولم يتوقعوا مراجعة العشرات فقط لمراكز التسجيل التي شابها الإرباك الواضح في العمل فلا قوائم أصلية ولا موظفون مدربون ”هذا بعد عشرات اللي راجعت ما الذي سيفعلونه إن ما توافد عليهم المئات إن لم نقل الآلاف” والذي لا يعرفه المسؤولون ”ربما” أن الكثير من المواطنين تمنعهم عزة أنفسهم من المراجعة، فليس من الهين أن يقف أب أو زوج في طابور والجميع من حوله يتفحصون شكله، كما أن مسألة إدخال البيانات في استمارة للتسجيل الموجودة على موقع خاص في الإنترنت عملية قد لا تكون مرنة، خصوصا أن عددا ليس بالقليل من المواطنين لا يملكون أصلا خدمة الإنترنت، كما أن فئة ليست قليلة أيضا لا تجيد استخدام الجهاز، منهم كبار السن مثلا ولا نستبعد أيضا أن يكونوا وحيدين في منازلهم لا عائل لهم ولا دخل ولا أقارب يسألون عنهم، فستصبح المسألة ”تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي” فيخرجون من المولد بلا حمص، الحكاية لم تنته ودخول الناس في دوامة طويلة لم تخل من تعليقات ”مهينة” في حقهم أفسدت فرحتهم بتلك الدنانير، وكما هي جميلة من الحكومة أن تفاجئ المواطنين ولو مرة في تاريخها لتبث وعلى الهواء خبر إدخال تلك الدنانير في حسابات المواطنين البنكية ”لا من شاف ولا من دري” وأجزم أنها حركة لو طبقت حقا لكتبت في التاريخ وتناقلتها الأجيال، وإن كنت أجزم كذلك أن ما يحدث للبحريني اليوم من إذلال سينقله لأبنائه وأحفاده جيلاً وراء جيل.
ياسمينيات كان يا ما كان ياسمين خلف يحكى أنه ومنذ قديم الزمان كانت هناك جزيرة قليلة السكان، عاش أهلها في أمان، إلى أن أصب...
أحدث التعليقات