التصنيفات:مقالاتي في صحيفة الوقت

تحرشات وأمور أخـرى عـلى الطـريـــق

ياسمينيات
تحرشات وأمور أخـرى عـلى الطـريـــق
ياسمين خلف

ياسمين خلف لنكن صريحين جدا جدا، ودون محاباة لمدربي السياقة، لا أقول جميعهم فالظلم ظلمات يوم القيامة، ولكني سأقول أغلبهم وإن لم يكن ‘’فبعضهم’’، فحتى البعض القليل يؤثر حتما على سمعة البقية من زملاء المهنة خصوصا فيما يتعلق بقضايا التحرشات، وحتى لا يذهب تفكيركم إلى أكثر مما أريد، فالتحرشات التي أقصدها هي تلك التي تصل إلى لمس اليد أو الكتف أو حتى الفخذ بحجة منع التسبب في حادث على الطريق بتعديل السرعة، واللاتي غالبا ما يشكين الفتيات من جرأة معلمي السياقة، بل ووقاحة وتمادي البعض الآخر، لدرجة أن الفتيات يتناقلن الخبرة السيئة لبعضهن البعض ليحذرن قريباتهن من أولئك المعلمين.
ولأننا فتحنا باب مشاكل المتدربين مع معلمي السياقة ليتحملونا ‘’شويه’’ لنقول إنه من غير المعقول أن عددا كبيرا من المتدربين يذوقون الويل والويلات من بعض المعلمين والجميع يبقون على صمتهم المطبق، فالشكوى المتكررة جديرة بتعديل الأوضاع والساكت عن الحق شيطان أخرس، فمن تلك المشاكل أن البعض من المدربين لا يجدون غضاضة من إنهاء بعض أعمالهم وواجباتهم الأسرية أثناء حصة التدريب، كأن يقوم بشراء ‘’الماجلة’’ أو بعض الحاجيات للمدام وإيصالها للمنزل، وكل ذلك في الوقت المحتسب على المتدرب، إذ إن البعض منهم يحتسب على المتدرب الدقائق التي هو من تسبب في التأخير فيها. وأطرف شكاوى المتدربين تلك التي قالت إن مدربها يحاول في عدد من المرات أن يحتفظ بفكة الدنانير التي تدفعها لساعتي المتدريب، إلا أن المتدربة كانت أشطر كما نقول ودائما ما تحرج مدربها بطلب الفكة وكلما حاول التملص، تخصمها من الساعات التدريبية في الأيام التالية ‘’ يعني صكتها عليه من كل جانب’’.
كما أنه من غير المعقول أن يسجل مدربو السياقة عددا كبيرا من المتدريبن في الوقت ذاته، مما يؤخر التدرب لأشهر دون أن ينال حصته من التدريب، والتي غالبا ما تكون بين فترات متباعدة مما يسهم كذلك في نسيان التدريب الذي تلقاه، ودائما ما يردد المتدربون أنهم يلهثون وراء المتدرب بالاتصالات التي يواجهها بالتجاهل وكأن المتدرب يحصل على التدريب ‘’ببلاش’’، وكل ذلك في كوم ومحاولة تناسي تدريب الطلاب على السياقة للوراء أو كما نقول ‘’الريوس ‘’ حتى آخر يوم في التدريب قبيل الدخول إلى امتحان السياقة، والتي غالبا ما تكون من أصعب التدريبات في كوم آخر، وكأن مدربي السياقة يتقصدون إهمال هذا الجانب التدريبي ليسقط المتدرب ويعود لهم بعدد من الحصص الإضافية، والتي تعني مدخول ورزق إضافي ‘’اسألوا الطلاب لتقفوا على الحقيقة إن كنا نبالغ’’.
المعاملة الجافة والتمادي في استخدام الألفاظ المهينة للمتدرب مسألة لا يمكن التغاضي عنها كذلك، فإن تحملها الشباب لن يتحملنها الشابات أبدا، واللواتي ينفرطن في البكاء مرات أمام المدرب ومرات عندما يصلن إلى بيوتهن، بالله عليكم ما الداعي للصراخ ونعت المتدربة بالغبية وبأنها أسوأ متدربة رآها المدرب في حياته وكأن من الطبيعي أن يولد الواحد منا وهو يعرف كيف يقود السيارة، وأن من العار عدم اتقانها في الساعات الأولى’’ بالمناسبة هي كلمات غالبا ما يسمعنها المتدربات وكأنها اسطوانة مشروخة تعاد على الجميع’’. لا نلوم المدربين إن سكت المتدربون عن حقهم، ولكن على إدارة المرور أن تمحص تلك الشكاوى للمحافظة على حقوق المتدربين ومدربي السياقة على حد سواء إن كان المتدربون يتجنون عليهم

العدد 845 السبت 10 جمادة الثاني 1429 هـ – 14 يونيو 2008

ياسمينيات تحرشات وأمور أخـرى عـلى الطـريـــق ياسمين خلف لنكن صريحين جدا جدا، ودون محاباة لمدربي السياقة، لا أقول جميعهم...

إقرأ المزيد »

عروس طال انتظار زفافها

ياسمينيات
عروس طال انتظار زفافها
ياسمين خلف

ياسمين خلف ساعات، ودبت الحياة في أرض بيروت بعيد التوصل إلى الحل التوافقي للقادة وانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية. المسيرات المستبشرة بعهد جديد وحياة آمنة خرجت للشوارع مهللة فرحة، شارك فيها الجميع كما لو كانوا يحتفلون بعروستهم «بيروت الآمنة» التي طال انتظار زفافها، وها هي اليوم تخرج بأبهى حلتها وبقلب مطمئن، جميع سكان لبنان بلا استثناء من جميع الطوائف الدينية التي تصل إلى 18 طائفة أبدوا ارتياحهم من القرارات المنبثقة من حوار الدوحة. الشوارع اكتست بصور العماد ميشال سليمان قبل أن يتولى تنصيبه رسميا ويدلي بالقسم في قصر بعبدا.
«شكرا لقطر، شكرا لقادة وشعب قطر» هكذا كانت اللافتات تقول وهكذا كان اللبنانيون يردودن في كل مكان بعد أن أنهكتهتم الحروب. يريد هذا الشعب أن يعيش، يريد أن يتمتع بحياته بلا خوف وبلا صاص وبلا تدمير لأرضهم ومساكنهم، وبلا فقد لأحبائهم وبلا فجيعة لأقرب أقربائهم. لم يخفِ اللبنانيون دعواتهم على السياسيين في بلادهم، حتى أنهم باتوا يدعون عليهم بعدم العودة إلى أرضهم إن لم يتوصلوا إلى اتفاق يحمي البلد من حرب جديدة قد تكون أكثر ضراوة وأقسى من سابقاتها. لم يتوقعوا حقا أن تصل بيروت إلى شاطئ الأمان فكانت فرحتهم كبيرة.
ولأنها بلد المتناقضات وبلد الديمقراطية خطب سماحة السيد حسن نصر الله في ساحة الشهداء في جنوب لبنان، وكان صوته يصدح في أرجاء لبنان عامة. مكبرات الصوت كانت تنقل خطبته في الأسواق وكذلك كانت في جميع المحلات وفي جميع السيارات وبالطبع كذلك في البيوت، لتطرب بعدها سيدة الإغراء الأولى في لبنان هيفاء وهبي الناس في السولدير وسط بيروت في احتفال عام جماهيري أغلقت فيها الشوارع وبالطبع ليس بالسواتر الرمالية كما كانت قبل أيام وإنما لاستقبال هيفاء التي حاربها نوابنا في البحرين. الفرحة بعودة الآمان إلى بيروت ستستمر لأسبوع كامل يشارك فيها عدد من الفنانين حبا في بيروت وحبا لحياة كانوا يحلمون بها أو تمنوها لأبنائهم بعيدا عن الحروب التي لا يجني المواطن منها غير الخسارة والعيش في خوف.

العدد 832 الأحد 27 جمادة الأولى 1429 هـ – 01 يونيو 2008

ياسمينيات عروس طال انتظار زفافها ياسمين خلف ساعات، ودبت الحياة في أرض بيروت بعيد التوصل إلى الحل التوافقي للقادة وانتخاب...

إقرأ المزيد »

بيروت.. مدينة الأشباح

ياسمينيات
بيروت.. مدينة الأشباح
ياسمين خلف

ياسمين خلف حالة من الهدوء التي تسبق العاصفة كما نقول، سادت الأراضي اللبنانية، الظلام دامس والشوارع خالية إلا من الدبابات ورجال الجيش أو عناصر حزب الله، وبعض السيارات المدنية التي أجبرتها ظروفها للخروج للشارع الذي لم يكن آمنا بتاتا، أعاد الوضع ذاكرتي للفيلم المصري ”آدم بدون غطاء”، حيث يجسد الممثل محمد صبحي دور إنسان يعيش في بلدة خلت من أي بشر، وهكذا كانت الطرقات، خالية إلى درجة أن سائق التاكسي لم يجد غضاضة من السير في الشوارع وبعكس اتجاه السير للوصول للفندق خصوصا أن أغلب الطرق المؤدية إلى بيروت ”العاصمة” كانت مغلقة.
الحياة مشلولة في لبنان، أغلب الفنادق أخليت، بل هجرها السياح كافة، وباتت ظلماء مهجورة، والفنادق التي لا تزال مفتوحة ارتفعت أسعار استئجار غرفها، ولم يعد الفندق الذي نسكنه ويعج برواد حمامات السباحة في يوم الأحد يوم الإجازة الأسبوعية للبنانيين يغص بطالبي البشرة البرونزية عبر الحمامات الشمسية، المطاعم القليلة المفتوحة اكتفت ببعض المأكولات ولم تعد توفر القائمة الطويلة للوجبات، المدارس أغلبها أقفلت أبوابها والأطفال أرجعوهم لمنازلهم، سيارات التاكسي باتت نادرة ” هم أرواح ويخافون على أنفسهم كما غيرهم ” فاللبنانيون آثروا البقاء في منازلهم ليتابعوا تفاصيل المستجدات السياسية وابتعدوا عن المواجهات والرصاصات الطائشة.
المئات من السوريين العمال هجروا الأراضي اللبنانية وتوجهوا إلى موطنهم مشيا على الأقدام،رعايا الدول الخليجية ولا سيما السعوديين عادوا إلى بلادهم، حتى السفير السعودي وموظفو السفارة عادوا لبلادهم عبر البحر بعد أن أقفلت السفارة أبوابها، وكأن نواقيس الحرب قد دقت وطبولها حمت لبدء القرع، وبين هذا وذاك لم نتلق من سفارتنا أي تحذير من الوضع الأمني السياسي المتأزم ولم يدعونا أحد للعودة إلى أرضنا الآمنة، وبقينا حيث نحن، وحتى اللبنانيون كانوا مستغربين لرباطة جأشنا ”وي أبظايات انتوا والله” هكذا كانوا يقولون باستغراب.
وما كنا نخشاه حدث، المصارف لم تعد توفر الدولارات، فقد أوقفت تماما ولم نجد بدا من تداول الليرات اللبنانية والاحتفاظ بما تبقى من الدولارات تحسبا لأي طارئ قد تكون فيه الدولارات بقيمة الذهب إذا ما شنت الحرب أو على أقل تقدير تأزم الوضع أكثر ووجدنا طريقنا للفرار برا أو حتى بحرا إذا ما استمر إغلاق المطار.
الملفت أن أغلب اللبنانيين من جميع الطوائف الدينية تكرر وجهات النظر نفسها، بأنهم ملوا من الحروب وضاقوا ذرعا من السياسيين الذين أحرقوا البلاد بتوجهاتهم وتعنتهم، والمواطن العادي لا يجني إلا الخسارة متجرعا ويلات الوضع الاقتصادي المنهك، أحدهم قال إنه لم يعد يسمح لطفلته ذات الثمان سنوات بمشاهدة التلفاز كي لا ترسخ الذكريات السيئة في عقليتها ”يكفي ما حصل في تموز وآثار الحرب لا تزال بمخيلتها” ولم يخف عزمه على إرسال زوجته وابنته لأي دولة أخرى لتتربى وتكبر بعيدا عن الأزمات السياسية والحروب لتعيش كأقرانها في الدول الآمنة.
ترى هل ستكون مثل هذه الصور من التي لا تعود إلى لبنان بعدما صار للبنان رئيس؟ أتمنى ذلك من كل قلبي.

العدد 828 الاربعاء 23 جمادة الأولى 1429 هـ – 28 مايو 2008

 

ياسمينيات بيروت.. مدينة الأشباح ياسمين خلف حالة من الهدوء التي تسبق العاصفة كما نقول، سادت الأراضي اللبنانية، الظلام دام...

إقرأ المزيد »

الرصاص عندما يمتزج بالرعد

ياسمينيات
الرصاص عندما يمتزج بالرعد
ياسمين خلف

ياسمين خلف كانت ليلة مخيفة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، أمطار ورياح شديدة أقرب ما تكون إلى العاصفة منها إلى الرياح، البحر هائج وكأنما هو ثائر على الوضع المتأزم في لبنان، كانت أصوات البرق والرعد تمتزج مع أصوات الانفجارات وطلقات الرصاص، كان ذلك في الثالثة فجرا من يوم الجمعة التاسع من شهر مايو/ آيار الجاري، الوضع الأمني كان حتى تلك الساعات متأججا في بيروت خاصة، وبوادر الانفراج كانت خجولة، النوم كان صعبا رغم المحاولات المستميتة التي لا تخلو من الدعاء وطلب المغفرة والعودة إلى الوطن بالسلامة، الوضع كان أشبه بالحصار، حتى موظفو الفندق لم يجدوا مفرا من البقاء ومواصلة العمل ليومين دون توقف، كيف لا وزملاؤهم قطع بهم الطريق ولا مجال لهم للوصول إلى مقار عملهم لسد الطرقات من جهة، وخوفا على سلامتهم من جهة أخرى، كما أنهم ”موظفو الفندق” مجبرون على البقاء بعد أن أصبح أمر وصولهم لمنازلهم صعبا، وان كان غير ذلك فهي مجازفة قد يدفعون ثمنها باهظا، تتساوى فيها مع أعمارهم. كثيرون آثروا الابتعاد عن ساحة الحرب المحتملة، حاولوا رغم سد الطرق المؤدية إلى الحدود السورية ولو لمجرد المحاولة للخروج من لبنان الجريح بعدما أخفقوا من الفرار جوا بعد إغلاق مطار الشهيد رفيق الحريري، ولا سيما رعايا الدول العربية المستثمرون والسياح منهم أو طلاب الجامعات، حتى أبناء لبنان حاولوا الخروج، منهم من تمكن لحسن حظه رغم تكبد عناء حمل الشنط لمسافة تتجاوز الخمسمئة كيلومتر للوصول إلى السيارات التي تنتظرهم في الضفة الأخرى من الحدود السورية وبعضهم من عاد أدراجه يجر ذيول الخيبة وهو يصفق يداً بيد خوفا من مستقبل قد يعيد ذكرى الحرب الأخيرة، ولا يعلم غير الله ان كان سيكون من عداد الموتى والشهداء أو من الأحياء.
هم ”أبناء لبنان” أو كما نقول نحن معشر الصحافيين الشارع اللبناني لم يعد يملك النفس الطويل الذي كانوا عليه، الحروب السابقة أنهكتهم وسلبتهم الأمن والأمان وحرمتهم من أعز أقربائهم وأبنائهم، خسروا الكثير، وان كانوا قد نالوا الكرامة والعزة ”ألم ينتصر السيد حسن نصر الله لهم وللبنان وللأمة العربية جمعاء عندما انتصر انتصارا ساحقا على إسرائيل في حرب تموز؟ لم يعد أهل لبنان يهتمون لمن الغلبة والانتصار اليوم، يريدون العيش بسلام، برخاء، وبأمان، يجدون أن الوضع بات صراعا بين رؤوس كثيرة، وأن الوضع الطبيعي وان طال الزمان ينصر رأسا واحد ليدير دفة الأمور، أحدهم قال ساخرا على مصير البلد الذي بات على شفير حفرة لا يعي عمقها غير السياسيين المحنكين قال ”هُمه وعدونا أن بعد مية سنة راح تتعدل الأمور منو مشكلة راح ننتظر” فهل حقا سيطول انتظار هذا الوعد لتبقى لبنان جريحة طوال أعمارنا القصيرة.

ياسمينيات الرصاص عندما يمتزج بالرعد ياسمين خلف كانت ليلة مخيفة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، أمطار ورياح شديدة أقرب ما تك...

إقرأ المزيد »

من وسط ساحة الحرب

ياسمينيات
من وسط ساحة الحرب
ياسمين خلف

ياسمين خلف لم يكن الطريق من الحازمية، حيث كنت وأخواتي نتوجه إلى مقر الفندق في بيروت وبالتحديد على طريق الروشة ممهداً، ولم يكن كعادته يعاني من الاختناق المروري أو كما يقول أهل لبنان بلهجتهم ”عجأه”. فالشوارع على غير عادتها خالية، والشوارع مشلولة الحركة والطرقات مقطوعة وطلقات النار ودوي الانفجارات كانت تنبئ بحرب لا هوادة فيها. كنا نسمع قرع طبولها من خلال أحاديث الناس وتصريحات السياسيين، أرجعت ذاكرتنا إلى حرب تموز مع الفارق بين الأسباب وقوتي الحرب. الظلمة كانت سيدة الموقف ووميض الطلقات النارية كانت تنير السماء للحظات لتعقبها صرخات من هنا وهناك تدعوك إلى الاختباء والاحتماء بالمباني القريبة من الرصاصات الطائشة التي لا تعرف من معها أو ضدها.
مجازفة تلك التي أقدمنا عليها للوصول إلى الفندق بعد خروجنا من المستشفى، فحتى أهل البلد اختبأوا في منازلهم بعيد خطبة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله هم ”أهل لبنان” وأدرى بشعابها، ويعرفون متى وأين يختبئون إذا ما فروا من ساحة المعركة، ويدركون تماماً ما تعنيه الحرب وما يعنيه الرصاص والقذائف والقنابل. ألم يتربوا على الحروب التي أنهكتهم نفسياً قبل أن تنهك البلد اقتصادياً؟ لم نكن نعرف الحروب إلا ما نسمع عنها أو نشاهدها عبر الشاشة الفضية، إلا أننا لم نعِ حقيقة ما تعنيه تلك الرصاصات حين تخترق جسماً أو تحول تلك القنابل الأجساد إلى أشلاء وتدك المباني وتسطحها بالأرض.
بلا استثناء كان لبنان يصغي باهتمام إلى المؤتمر الصحافي للسيد حسن نصر الله، من كان في الشارع وهم قلة كانوا ينصتون إلى المذياع أو حتى من خلال هواتفهم النقالة للمؤتمر، والأغلبية الساحقة كانت تتابعها من منازلهم، واثقون تماماً أن هذا الرجل لا يقول إلا الصدق، وأن ما قد يتفوه به من قرارات قد ترجعهم مرة أخرى إلى خيار الحرب الذي لا ثاني له. وقد أعلنها صراحة بأنها حرب ما بين الحزب والحكومة التي قررت أن تمد يدها إلى أسلحة المقاومة، مهدداً ومتوعداً إياها إذا ما تجرأت وتعدت على أسلحتها ”اليد التي تمتد إلى سلاح المقاومة ستقطع حتماً”.
وبعيداً عن السياسة وقريباً من الوضع في لبنان، فإن فتيل الأزمة السياسية الحالية بدأ من اليوم الثاني من وصولنا إلى أرض الأرَزْ، أرض لبنان، كان كل من يرانا يستغرب وجودنا في هذه الفترة المتأزمة بالذات ”شو جابكن بهي الأيام؟” كانوا يتساءلون. فالمطار الذي استقبلنا أغلق في اليوم الثاني في يوم احتجاج نقابة العمال و”شلل الحركة العمالية”، فلا محلات فتحت أبوابها ولا مطاعم قدمت أكلاتها اللبنانية المعهودة، قلة هم الموظفون من اختار طريقة للعمل في ذاك اليوم، فأصبح لبنان ومنذ الصباح حتى ”العشية” تشتعل، وطرقاته مغلقة بالإطارات المشتعلة والسيارات المحترقة، في ثورة عمالية ضد الغلاء وضد الأجور المنخفضة، تماماً كما يعاني شعبنها من موجة الغلاء التي لا يدرك حجمها إلا من يراقب التغير بالفلس الواحد للمنتجات والمواد الاستهلاكية، ووضع بعضاً مما يراه يوماً من الأساسيات في خانة الكماليات، ألم يستغنِ الكثيرون عن الفواكه لارتفاع سعرها؟
هكذا وبعد يوم من الاحتجاج العمالي اللبناني والذي تكاتف فيه الشعب كله من شيعي وسني ودرزي ومسيحي، فـ”الغلاء لا يفرق بين مذهب وطائفة”، أبدى الشعب استعداده أن يواصل احتجاجه ليومين أو أكثر إذا ما تتطلب الأمر، إلا أن التوتر والتأزم السياسي عاد ليفرض نفسه وبصورة أكثر جدية بعيد خطبة سماحة السيد حسن نصر الله ليزج لبنان في ليلة وضحاها في حرب جديدة قد تقرع طبولها فعلاً، وقد تخبو. هذا ما يترقبه الناس هنا في لبنان، بل في العالم أجمع.

ياسمينيات من وسط ساحة الحرب ياسمين خلف لم يكن الطريق من الحازمية، حيث كنت وأخواتي نتوجه إلى مقر الفندق في بيروت وبالتحدي...

إقرأ المزيد »

حوامل كالفراشات وكالفيلة

ياسمينيات
حوامل كالفراشات وكالفيلة
ياسمين خلف

ياسمين خلف المرأة العاملة في القطاع الخاص أشبه ما تكون بالـ ”سوبر وومن”، فما تحظى به من امتيازات أقل بكثير مما تحظى به المرأة العاملة في القطاع الحكومي، حتى كاد عملها يشبه بالأعمال الشاقة التي تأخذ منها أكثر مما تعطيها، فتخرج من اللعبة خسرانة وبامتياز أيضا، فمن ناحية ساعات العمل فهي تعمل لساعات أطول وفي أحايين كثيرة من دون حتى تعويض مالي بحجة طبيعية العمل، ومن ناحية أخرى فهي تعمل بنظام النوبات، وما أدراك ما النوبات حيث تقلب موازين الحياة الطبيعية رأسا على عقب، فلا يقوى صاحبها على مسايرة الحياة الطبيعية فتجد ليله نهارا، ونهاره ليلا فيفقد حياته الاجتماعية وعلاقاته الشخصية وحتى علاقته مع أهله وأبنائه، كل ذلك ينطبق كذلك على الرجل، ولكن للمرأة خصوصية تجعل منها أقل تحملا مهما كابرت ومهما قالت بأنها قادرة على أن تعطي شأنها شأن شقيقها الرجل.
كثيرا ما تثير شفقتي العاملات في المحلات التجارية من النساء الحوامل، واللواتي تجدهن كالفراشات في تنقلهن وكالفيلة في أحجامهن من اثر الحمل، فتجدهن واقفات على أرجلهن ولمدة ثماني ساعات متواصلة من دون حتى تقدير لوضعهن الحرج، فيمنعن من الجلوس شأنهن شأن العاملات الأخريات غير الحوامل، أذكر أني مرة لمحت إحدى العاملات وهي تطلب من زميلتها الحامل أن تسرع لتجلس قليلا في غرفة التبديل قبل أن يرجع المسؤول الأجنبي ويراها غير واقفة في مكانها، وهي الحامل في أشهرها الأخيرة كما يبدو واضحا من حجم بطنها الأشبه بالبالونة التي تكاد أن تنفجر، موقف قد يتكرر مرات ومرات دون أدنى تحرك بالمطالبة بحقوق هذه الفئة من العاملات، فأن كن قادرات على الوقوف لمدة 8 ساعات يوميا ولستة أيام أسبوعيا وهن فتيات أو نساء غير حوامل فإنهن عاجزات عن ذلك وهن يحملن في أحشائهن طفلاً يركل ويرفس من دون هوادة.
حتى عندما يلدن تجدهن ”العاملات في القطاع الخاص ” يحصلن على إجازة وضع أقل من حيث الأيام بل حتى ساعات الرضاعة التي هي الأخرى أقل، وكأنما طفلها هو الآخر ليس بطفل، وكأنه ولد ولا يحتاج إلى رعاية واهتمام كقرينه طفل المرأة العاملة في القطاع الحكومي، فتظلم الأم وطفلها في آن واحد.
من يقول إن المرأة هي من وضعت نفسها في هذا الموقف، فالكلام مردود عليه، فالمرأة لا تقبل لنفسها المهانة تلك ولكنها تؤثر راحة أسرتها على نفسها، فهي لم تخرج لمعركة العمل وما بها من أهوال إلا لوقفتها الشهمة مع زوجها، قلة من الأزواج اليوم من يكونون قادرين على تحمل تكاليف الحياة الآخذة في الاشتعال، وأكاد أن أجزم لو خيرت النساء ما بين العمل والجلوس في مملكتهن ” بيوتهن ” لفضلن الثانية بشرط أن تضمن حياة كريمة ومستقرة لا تزعزعها مطالب الحياة والتي هي الوحيدة التي لا تفرق بين العاملين في القاطع الحكومي من العاملين في القطاع الخاص.

ياسمينيات حوامل كالفراشات وكالفيلة ياسمين خلف المرأة العاملة في القطاع الخاص أشبه ما تكون بالـ ''سوبر وومن''، فما تحظى ب...

إقرأ المزيد »

هـــل إبليســـه حاضر أم شيطانه شاطر؟

ياسمينيات
هـــل إبليســـه حاضر أم شيطانه شاطر؟
ياسمين خلف

ياسمين خلف «سألتك يا قاضي توها، عن امرأة تزوجتها، هي أمي وأنا ولد توها»، تلك كانت أحجية من أحجيات الطفولة التي أعيتني وأنا طفلة حتى بقيت في ذاكرتي إلى اليوم. لم تكن الإجابة صعبة ولكنها تربك من يسمعها للوهلة الأولى، واليوم الأحجية اختلفت لتصبح حياتنا هي الأحجية في حد ذاتها، ومنها أحجية إصدار الأحكام المختلفة على المتهمين في قضايا الشيكات المرتجعة، القانون يقول إن الحكم يتراوح ما بين الحبس «لا يزيد عن 3 سنوات» وما بين الكفالة.. لا نعترض على القانون، فكما يقول الممثل الكويتي القدير عبدالحسين عبدالرضا في مسرحيته «مطلوب زوج حالاً»، «إذا حجا الشرع الكل ياكل تبن»، فالحكم واضح «إما الحبس وإما الكفالة»، ولكن المحير فعلاً وما يستدعي التفكير ملياً في حل «الأحجية» أن يحكم على البحريني بالحبس ولا مناص له من الحكم، فيما يحكم على الأجانب بكفالة؟ وإن حدث وحكم على بحريني بالكفالة فلا تستغرب إن كان من أحد المذاهب من دون الأخرى. تلك هي الأحجية التي أتمنى أن نحلها جميعاً، خصوصا أنها أعيتني لفترة، وإن كنت قد توصلت إلى الحل وبشهادة من هم في المحكمة ذاتها، وكما نقول «شهد شاهد من أهلها».
القاضي إنسان في الأخير، وقد يكون «إبليسه» حاضراً والشيطان شاطر، وكأنما على رأسه الطير من كون المتهم بحرينياً فتجده وبلا تردد، يرده للسجن أشهراً، وللمحكمة الرجوع إلى الأحكام السابقة التي هي خير شاهد ودليل على كل ما قيل. ولكن من الإنصاف أن يلقى المجرم والمتخطي للقانون جزاءه سواء كان بحرينياً أو أجنبياً، وأن يكون الجميع سواسية أمام القانون، إنْ كان جزاؤه السجن فليسجن، وإن كان جزاؤه الكفالة فليخرج بكفالة وهنيئاً له.. لا أن ينزل عليه الغضب ويسجن من دون تردد إذا ما كان بحرينياً.
منذ صغرنا ونحن نرى في- الأفلام طبعا -، تلك المرأة المعصوبة العينين والتي تحمل ميزان العدالة كرمز للعدل في المحكمة، ويكتب عليها قوله تعالى «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل» صدق الله العلي العظيم. ما أصعب أن يصدر أي منا أحكاماً، فظلم النفس يغفر ولكن ظلم الناس لا يغتفر، هكذا تعلمنا من ديننا الإسلامي الحنيف، وإنْ أردنا أن نكون قضاة نفصل بين الحق والباطل فعلينا أن نجرد أنفسنا من الأهواء والمصالح الشخصية، حتى لا يصطف لنا من ظلمناهم يوم الفصل يطالبون بحقهم الذي اغتصب في الحياة الدنيا. وبعد كل ذلك، أيعقل أن يكون المجرم قاضياً على المجرمين؟

ياسمينيات هـــل إبليســـه حاضر أم شيطانه شاطر؟ ياسمين خلف «سألتك يا قاضي توها، عن امرأة تزوجتها، هي أمي وأنا ولد توها»،...

إقرأ المزيد »

الحـــال « أعوج»

ياسمينيات
الحـــال « أعوج»
ياسمين خلف

ياسمين خلف شباب اليوم مثقل بالهموم الحياتية ولم يعودوا كما شباب الأمس بشهادة الجيل الذي سبقنا، والذي يتحسر على شباب أبنائه المهدور في التفكير في يومه وغده وحتى أمسه، لم يعد يهنأ بشبابه الذي حتما لن يعود، فهل نتوقع منه أن يهنأ بغده؟
حالة من الإحباط والتشاؤم تسود شباب اليوم، منهم وهم الأصغر سنا وجدوا بأن مواصلة الدراسة لم تعد تجدي ما دام خريجو الثانوية وخريجو الجامعات يصطفون جنبا إلى جنب في طابور العاطلين، ومنهم من هم الأكبر سنا بقليل أصيبوا بيأس أضاف إلى أعمارهم عشر سنين، وأخذوا يرددون المثل الشعبي ”كل ما أطقها عوجة ”خصوصا فيما يتعلق بالخدمات الإسكانية، وما أدراك ما الخدمات الإسكانية والتي شيبت شباب، وأماتت العشرات بحسراتهم.
البعض أجل فكرة الزواج إلى أجل غير مسمى، بعد أن اكتظ المنزل بساكنيه، فالأخوة الأكبر سنا كان لهم الحظوة في السكن ولم يعد للإخوة الأصغر سنا مكان سوى غرفهم الشخصية إن لم يتقاسموها مع غيرهم، ومنهم من وجد أن الحل المتاح هو الانتقال إلى بيت زوجته، في عرف جديد على المجتمع البحريني، أما من وجد أن راحته وراحة أسرته هو ما ينشده فاستأجر شقة، والتي غالبا ما تكون أقرب إلى أن تكون علبة سردين من أن تكون سكنا لآدميين، فيكوى بنار الإيجارات التي لم تعد ترحم أحد، ليلعن اليوم الذي قرر فيه الزواج من أصله.
لنبقى على هم الشباب في السكن، فقوانين الإسكان هي الأخرى لا ترحم، والتي منها أن لا يستفيد الزوجان ممن تعدى راتبهما 1200 دينار من أي خدمة إسكانية، رغم علم الإسكان أن هذا الراتب لم يعد قادرا على مواجهة غلاء الحياة المعيشية وبالتالي مسألة توفير جزء منه للسكن أمرا يكاد يكون مستحيلا، والغريب حقا أن القانون يسري على البعض دون الآخر، فأحد الشباب تقدم نهاية العام 2006 لقرض إسكان حيث إن راتبه مع زوجته لا يتعدى التسعمئة دينار، وبعد أن ذهب للوزارة لتجديد البيانات اكتشف أن طلبه قد ألغي باعتبار أن مجموع الراتب تعدى 1200 دينار، دونما حتى إشعاره بذلك الإلغاء، والتناقض أن حاله كما حال أحد أصدقائه الذي أوضح له الموظف إمكان تحويل القرض إلى قسيمة أرض، والسؤال الذي يفرض نفسه، خطأ الوزارة في عدم توضيح المسألة للمواطن من يتحمله؟ فهل تضيع السنوات تلك على المواطن، ألا يكفيه أنه سيبقى سنوات ينتظر وينتظر بارقة الأمل والحظ المبتسم ليجد اسمه وقد نشر في الصحف بعد أن تخطى الخمسين من عمره؟! يقول الشاب إنه تقدم بتظلم في الوزارة وطلبوا منه رسالة للوزير قد يوافق عليها وقد لا يوافق، يعني طلبه ”على المحك” والتأخير طبعا لن يكون في صالحه خصوصا أن سوق العقار نار ولا يقوى على مواجهة حرارته غير المقتدر أو ذاك صاحب العقارات، لابد من وزارة الإسكان أن توضح الأمور للمستفيدين من خدماتها، وأن تحاسب المقصرين من موظفيها فغلطة موظف كذاك الذي لم يوضح للمواطن إمكان تحويل القرض إلى قسيمة سيتكبد المواطن وحده النتائج وإلا بقي الحال ”أعوج ” ويكفيه اعوجاجا أصلا.

ياسمينيات الحـــال « أعوج» ياسمين خلف شباب اليوم مثقل بالهموم الحياتية ولم يعودوا كما شباب الأمس بشهادة الجيل الذي سبقنا...

إقرأ المزيد »

لي أخ في إفريقيا

ياسمينيات
لي أخ في إفريقيا
ياسمين خلف

ياسمين خلف كم يعجبني حقاً تفكير وسلوك الغرب عندما يتعلق الأمر بتبني الأطفال اليتامى، فتجدهم لا يتوانون من تبني طفلين أو ثلاثة من دول مختلفة ليربوهم جنباً إلى جنب مع أطفالهم من أصلابهم، فليس كل ما يأتي من الغرب «شين» فتجدهم يرسمون البسمة على وجوه كادت أن تنسى هذه اللغة التعبيرية نتيجة الحياة غير الطبيعية التي ينشؤون فيها في دور الأيتام والتي مهما وفرت لهم من رعاية واهتمام، فلن تكون حياتهم أبداً سوية إذا ما قضوا جل حياتهم هناك بعيدين عن صدر حنون كالأم وإن كانت لم تحملهم في أحشائها، فالمربية مهما حاولت في دُور الأيتام التعويض، لن تتمكن في ظل وجود العشرات من الأطفال، ويكفي الطفل أنه يعيش في منزل وليس في مؤسسة ترعاه.
أذكر فيما أذكر أن أحد البرامج عرض حياة طفلة إفريقية فاقدة لأطرافها الأربع، وفقيرة ويتيمة ولا يتمكن من يرعاها حتى من توفير ملابسها وأكلها فكيف به سيوفر أطرافاً صناعية لها تمكنها من العيش بشكل شبه طبيعي؟ فانهالت المكالمات الهاتفية على البرنامج من أسر بريطانية تعرض تبني الطفلة، وحقاً حصلت إحداهن على هذه الفرصة والتي أعتقد شخصياً أنها ستنال من ورائها مقعداً في الجنة إن ما هي أحسنت تربيتها ومعاملتها، ويكفي أنها أدخلت الفرحة على قلب هذه الطفلة التي بدت كإحدى بنات تلك السيدة فستنال فرح أحد الأنبياء «من فرّح طفل فرّح نبي».
هناك من يقول إن عملية تبني الطفل وخصوصاً إذا ما كان ذكراً وتربيته في المنزل لا تجوز شرعاً، كونه سيطلع على عورة النساء في المنزل عند بلوغه «واللي يبغي الصلاة ما تفوته» كما نقول بالعامية، فهناك طرق عدة تمكننا من التبني أيسرها دفع راتب شهري لأحد الأطفال اليتامى ولو كان في أقصى الأرض وأبعدها، وحتى لا يقول البعض إننا لا نقوى على سد رمق أطفالنا فكيف بنا بدفع راتب لطفل «وأنا أقول إن 5 دنانير في الشهر لن تفقرك أو تهز موازنتك، أليست الصدقة تبارك المال؟ فما بالك لو كانت صدقة لكفالة يتيم؟».
بصراحة، كم أعجبت حقاً بمنهج أهل الكويت في أيام دراستي هناك، عندما كانت زميلاتي يقلن إن أمهاتهن يكفلن عشرات اليتامى في عدد من الدول، ولا أخفي استغرابي عندما قالت إحداهن إن لها أخاً في إفريقيا وآخر في السنغال وثالث في العراق، لتبدده بضحكة وهي تفسر قولها إنهم جميعاً تكفلهم والدتها منذ ولادتهم وحتى يكبروا ويتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم ويحصلوا على عمل ليكسبوا قوتهم بأنفسهم.

ياسمينيات لي أخ في إفريقيا ياسمين خلف كم يعجبني حقاً تفكير وسلوك الغرب عندما يتعلق الأمر بتبني الأطفال اليتامى، فتجدهم ل...

إقرأ المزيد »

«تسرق» ولا على بالك

ياسمينيات
«تسرق» ولا على بالك
ياسمين خلف

ياسمين خلف ليس منا من لا يضطر في أحايين كثيرة إلى استخدام بطاقته البنكية لدفع فواتير المحلات والمتاجر أو أي مدفوعات أخرى عندما تنفد أو لا تكفي النقود ”الكاش”، وليس منا كذلك من لا يبلغه الموظف بأن المعاملة لم تتم ليعيد تمرير البطاقة البنكية على الجهاز مرة ثانية وربما ثالثة ورابعة، المسألة إلى هنا عادية جدا، إلا أن عددا وليس بقليل من المواطنين اكتشفوا خلال مراجعتهم لرصيدهم البنكي أن المبلغ المسحوب في المرة الواحدة تضاعف مرات، ويعني أن ما اشتروه بخمسين دينارا يصبح بقدرة قادر 150 دينارا، هكذا وببساطة، وعندما يراجعون البنك، منهم من يسترد حقه ومنهم من يدوخ السبع دوخات لاسترداد دنانيره ”المسروقة”. كثيرون منا من لا يلاحظ تلك المسألة، خصوصا إذا ما كانت المبالغ المسحوبة دنانير قليلة، فزحمة الحياة تلهي الإنسان عن التفكير، وهناك البعض ممن لا يعرف أصلا حسابه البنكي بالضبط، فتمر عليه المسألة وكأن شيئا لم يكن، ليس لعدم اهتمامه بتلك الدنانير وإنما لجهله بما حدث بتعب عمره وشقائه.
ليس من المعقول أن يبقى الواحد منا يعد ويحسب رصيده وما سحبه من تلك الآلة ”النصابة”، فعلى البنوك أن تكون أكثر دقة في تلك السحوبات، فليس من المعقول أيضا أن يسحب المراجع المبلغ ذاته في المحل ذاته وفي الدقائق ذاتها، وإن كان فلابد من آلية تحفظ حقوق المراجعين، وإلا لجأ الناس إلى ادخار ”عرق جبينهم” في بيوتهم. ألا تكفي الأسعار المشتعلة والغلاء الذي لا يرحم لتأتي البنوك ”وتلهف” الباقي المتبقي منها؟ أم أن المسألة تطبق المثل القائل ”من عنده حيلة فليحتال”، عدد من المواطنين قالوا إنهم لجأوا إلى الاحتفاظ بجميع الفواتير والأرصدة ليرجعوا فيها للبنك حال شكهم في المبالغ المدخرة عندهم، ولكن حتى هذه الطريقة لا تجدي، فلربما نسي المراجع، أو ضاعت تلك الأرصدة، أيكون رزقه على الله ”ونعم بالله”، البنوك لا تغفل الفلس الواحد من حقوقها، وليس هي الجهة المستحقة للتصدق عليها، وكما هي تطالب بحقوقها والتي تصل في أحايين كثيرة إلى المطالبة بها عند أبواب المحاكم، عليها ألا تعرّض أموال الناس عندها للضياع وهي بوصفها الخزينة ”الأمينة” أو هكذا كنا نفترض، المسألة شائكة وربما أفضل نصيحة يمكن أن أقدمها للمواطن ألا يشتري بعد اليوم عبر البطاقة البنكية، وإن احتجت إلى أي مبلغ إضافي اسحب من أي جهاز صراف آلي قريب، وإن كان بعيدا بعض الشيء ”تعنى إليه”، فما سيتم سحبه منك من دون وجه حق أكثر بكثير.

ياسمينيات «تسرق» ولا على بالك ياسمين خلف ليس منا من لا يضطر في أحايين كثيرة إلى استخدام بطاقته البنكية لدفع فواتير المحل...

إقرأ المزيد »