ياسمينيات.. “فضفضة” غيرمقبولة

ما الذي يدفع بإنسان أن يبوح بكل أسرار بيته وحياته الشخصية إلى عابر سبيل التقاه في محل تجاري، أو جاوره في مقاعد الانتظار في عيادة طبية؟ كيف تبيح امرأة لنفسها أن تعري مشاكلها الحميمية مع زوجها لإنسانة لا تعرفها، فقط لأنها إحدى المتابعات لها في برنامج الانستقرام؟ وكيف لرجل قد عجنته خبرة الحياة وتجاربها أن يضع ثقته في رجل لم تتعد مدة التعرف عليه سوى سويعات فقط، فيختصر له كتاب حياته، بل ويركز على مساوئها، ذاكراً له كل أبطالها وبالأسماء الصريحة كذلك؟ والكثير الكثير من قصص البوح و”الفضفضة” لأناس لا حيز لهم في حياتهم سوى ذاك الذي حصلوا عليه في العالم الافتراضي، أو تعارف قصير سريع حدث في زحمة الحياة.

لا أحد منا خال من الهموم والمشاكل، ولا أحد منا كذلك يدّعي أنه لا يحتاج إلى أذن تسمعه، ولسان يرشده إن فقد القدرة على مواصلة حياته، وسقطت كل أسلحته في مواجهة مشاكله، فمهما كابر الواحد منا، سيبقى إنسان له سقطات، ويمر بمراحل ضعف تجبره على أن يستنجد ويطلب المساعدة، ولكن هل نترك عملية طلب المساعدة تلك عشوائيةً لدرجة تجيز لأي منا أن ينشر غسيل “حياته” لأي عابر سبيل؟

أعذر البعض أحياناً، وأقول بيني وبين نفسي “فاض به الكيل، ولم يعد يعي ما يقول ولا لمن يقول، فدعيه “يفضفض” ربما يتخلص من حمل أثقل ظهره وأتعب نفسيته طويلاً، لعله بعد تلك الفضفضة يرتاح”، ولكن مهلاً، هل جميع الناس ستعطي أخينا هذا العُذر؟ أم أن البعض سيستغل ضعفه، ويطعنه في ظهره، إن وجد فرصة لذلك ويشهر به إن عرف هويته؟ خصوصاً في مجتمعاتنا الخليجية، التي وكما نقول بلهجتنا الدارجة “الكل يعرف بعض” أو “الكل يعرف الكل”، فما إن تتحدث عن فلان حتى تجده يقرب لفلان، بل ربما يقرب لك أنت أيضاً دون أن تعرف ذلك، فجميعنا أهل إن بحثنا في الأصل والفصل!

في الدول الأجنبية هناك مراكز تستقبل اتصالات “من فاض بهم الكيل” وبحاجة إلى من يسمعهم، مراكز لو وجد لها “أخوة” في بلداننا الخليجية، لوجدنا جزءًا من حل هذه المشكلة، فالأبحاث النفسية تؤكد أن جزءًا كبيراً من حل المشكلة يكمن في البوح بها، خصوصاً عندما يجد صاحبها الأذن التي تسمعه، سواءً قدمت إليه الحل أم لا، المهم أن يخرج ما في قلبه. على الأقل ستكون هذه المراكز مزودة بأخصائيين اجتماعيين أو نفسيين مؤهلين قادرين على احتواء تلك المشاكل، والتعامل بحكمة مع تلك “الفضفضات”، ولا ضير أبداً أن يلجأ الواحد منا إلى من يعتقد بأنه يملك القدرة على التعامل مع تلك المشكلات، أو يملك خيطاً ولو كان رفيعاً رقيقاً يساعده في التوصل للحلول، ولكن ليس بالطبع لأي شخص، كأن يكون متابعاً لك على برنامج الفيسبوك، أو الإنستقرام. فلا ننسى أنه ليست كل الأسماء حقيقية، وليست الهويات هي ذاتها على أرض الواقع، فالحذر مطلوب.

أن تكون صحافياً يعني أن تقابلك الكثير من حالات “الفضفضة”، أبطالها لا يسعون وراء النشر بقدر ما يسعون إلى شخص يثقون به، حتى وإن لم يقابلوه قط في حياتهم، وعلاقتهم بالصحافي لا تتعدى أحرف تُكتب وراء الكيبورد، أو أحرف يقرأونها له في وسيلته الإعلامية ووسائل التواصل الإجتماعي، فغالباً ما يرفع القارئ سماعة هاتفه ليحكي قصة حياته، ويختتمها بقوله “ما قلته ليس للنشر، فقط كنت قد أحببت أن أفضفض وأنا أثق بك”!

ولكل قرائي أقول “بابي مفتوح لكم، ولفضفضاتكم التي ربما تكون طوق نجاة لكم أو لكثيرين يعانون ويخجلون من الفضفضة، أو لا يجدون من يثقون به ليفضفضوا، ويحملون المعاناة ذاتها، وسأرحب دائماً بكم على إيميلي الخاص.

yasmeeniat@yasmeeniat.com

 

ما الذي يدفع بإنسان أن يبوح بكل أسرار بيته وحياته الشخصية إلى عابر سبيل التقاه في محل تجاري، أو جاوره في مقاعد الانتظار في عيادة طبية؟ كيف تبيح امرأة لنفسها أن تعري مشاكلها الحميمية مع زوجها لإنسانة لا تعرفها، فقط لأنها إحدى المتابعات لها في برنامج الانستقرام؟ وكيف لرجل قد عجنته خبرة الحياة وتجاربها أن يضع ثقته في رجل لم تتعد مدة التعرف عليه سوى سويعات فقط، فيختصر له كتاب حياته، بل ويركز على مساوئها، ذاكراً له كل أبطالها وبالأسماء الصريحة كذلك؟ والكثير الكثير من قصص البوح و”الفضفضة” لأناس لا حيز لهم في حياتهم سوى ذاك الذي حصلوا عليه في العالم الافتراضي، أو تعارف قصير سريع حدث في زحمة الحياة.

لا أحد منا خال من الهموم والمشاكل، ولا أحد منا كذلك يدّعي أنه لا يحتاج إلى أذن تسمعه، ولسان يرشده إن فقد القدرة على مواصلة حياته، وسقطت كل أسلحته في مواجهة مشاكله، فمهما كابر الواحد منا، سيبقى إنسان له سقطات، ويمر بمراحل ضعف تجبره على أن يستنجد ويطلب المساعدة، ولكن هل نترك عملية طلب المساعدة تلك عشوائيةً لدرجة تجيز لأي منا أن ينشر غسيل “حياته” لأي عابر سبيل؟

أعذر البعض أحياناً، وأقول بيني وبين نفسي “فاض به الكيل، ولم يعد يعي ما يقول ولا لمن يقول، فدعيه “يفضفض” ربما يتخلص من حمل أثقل ظهره وأتعب نفسيته طويلاً، لعله بعد تلك الفضفضة يرتاح”، ولكن مهلاً، هل جميع الناس ستعطي أخينا هذا العُذر؟ أم أن البعض سيستغل ضعفه، ويطعنه في ظهره، إن وجد فرصة لذلك ويشهر به إن عرف هويته؟ خصوصاً في مجتمعاتنا الخليجية، التي وكما نقول بلهجتنا الدارجة “الكل يعرف بعض” أو “الكل يعرف الكل”، فما إن تتحدث عن فلان حتى تجده يقرب لفلان، بل ربما يقرب لك أنت أيضاً دون أن تعرف ذلك، فجميعنا أهل إن بحثنا في الأصل والفصل!

في الدول الأجنبية هناك مراكز تستقبل اتصالات “من فاض بهم الكيل” وبحاجة إلى من يسمعهم، مراكز لو وجد لها “أخوة” في بلداننا الخليجية، لوجدنا جزءًا من حل هذه المشكلة، فالأبحاث النفسية تؤكد أن جزءًا كبيراً من حل المشكلة يكمن في البوح بها، خصوصاً عندما يجد صاحبها الأذن التي تسمعه، سواءً قدمت إليه الحل أم لا، المهم أن يخرج ما في قلبه. على الأقل ستكون هذه المراكز مزودة بأخصائيين اجتماعيين أو نفسيين مؤهلين قادرين على احتواء تلك المشاكل، والتعامل بحكمة مع تلك “الفضفضات”، ولا ضير أبداً أن يلجأ الواحد منا إلى من يعتقد بأنه يملك القدرة على التعامل مع تلك المشكلات، أو يملك خيطاً ولو كان رفيعاً رقيقاً يساعده في التوصل للحلول، ولكن ليس بالطبع لأي شخص، كأن يكون متابعاً لك على برنامج الفيسبوك، أو الإنستقرام. فلا ننسى أنه ليست كل الأسماء حقيقية، وليست الهويات هي ذاتها على أرض الواقع، فالحذر مطلوب.

أن تكون صحافياً يعني أن تقابلك الكثير من حالات “الفضفضة”، أبطالها لا يسعون وراء النشر بقدر ما يسعون إلى شخص يثقون به، حتى وإن لم يقابلوه قط في حياتهم، وعلاقتهم بالصحافي لا تتعدى أحرف تُكتب وراء الكيبورد، أو أحرف يقرأونها له في وسيلته الإعلامية ووسائل التواصل الإجتماعي، فغالباً ما يرفع القارئ سماعة هاتفه ليحكي قصة حياته، ويختتمها بقوله “ما قلته ليس للنشر، فقط كنت قد أحببت أن أفضفض وأنا أثق بك”!

ولكل قرائي أقول “بابي مفتوح لكم، ولفضفضاتكم التي ربما تكون طوق نجاة لكم أو لكثيرين يعانون ويخجلون من الفضفضة، أو لا يجدون من يثقون به ليفضفضوا، ويحملون المعاناة ذاتها، وسأرحب دائماً بكم على إيميلي الخاص.

yasmeeniat@yasmeeniat.com

 

عن الكاتب

ياسمينيات

ياسمين خلف حاصلة على درجة البكالوريوس في تخصص الإعلام مع تخصص مساند في علم النفس من جامعة الكويت عضو في جمعية الصحفيين بمملكة البحرين أمضت أكثر من 14 سنة في القطاع الصحافي والإعلامي ، ( سبتمبر 2000- 2005 / في صحيفة الأيام ) ( 2005 - 2010 في صحيفة الوقت ). (2008- حتى الان كاخصائية إعلام ومسئولة عن مجلة آفاق الجامعية التابعة لجامعة البحرين) (2013- حتى الان كاتبة عمود في جريدة الراية القطرية ) (2013 وحتى الان مراسلة مجلة هي وهو القطرية ) شاركت في العديد من دورات التطوير المهني في البحرين وخارجها ومنها : تأهيل و إعداد الصحافيين وزارة الأعلام – مملكة البحرين فن الكتابة الصحفية جامعة البحرين فن و مهارات المقابلة الصحفية و التحقيق الصحفي جامعة البحرين أساسيات المهنة و أخلاقياتها جمعية الصحفيين – البحرين الصحافة البرلمانية جمعية الصحفيين – البحرين فن كتابة الخبر الصحفي جمعية الصحفيين – البحرين فن كتابة التحقيق الصحفي جمعية الصحفيين – البحرين دورة في اللغة الإنجليزية (3) المركز الأمريكي للثقافة و التعليم – البحرين دورة تدريبية في تكنولوجيا المعلومات اتحاد الصحفيين العرب – مصر الكتابة الصحفية مؤسسة الأيام للصحافة – البحرين دورة في اللغة الإنجليزية (2) مركز الخليج الدولي – البحرين المشاركة في اللجنة المشتركة للشباب البرلمانيين وممثلي المؤسسات الحكومية لجمعية البحرين للصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة . المشاركة في دورة حول القانون الدولي الإنساني للجنة الدولية للصليب الأحمر . دورة تدريبية حول تكنولوجيا المعلومات في الإتحاد الصحفيين العرب في القاهرة . للتواصل: yasmeeniat@yasmeeniat.com

تدوينات متعلقة

اكتب تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.