نشرت فى : أبريل 30, 2015

“الفتّان” وابن فلان

بقلم : ياسمين خلف

من قال إن من جَد وجد ومن زرع حصد؟، ففي زمن الواسطة هذا الذي نعيشه لا قيمة لهذا المثل القديم سوى أنه يُلقي اللوم على الفاشل ليشعره أن التقصير ليس إلا منه وحده، وإلا لكان قد وصل إلى حيث وصل الآخرون، دون أن يخبره بحقيقة الواقع الذي يقول إنك ربما لا تملك من الكفاءة ولا الخبرة ولا حتى المؤهلات العلمية التي تسعفك للوصول إلى أي مُبتغى، ولكنك ستصل إلى أعلى المناصب والمراكز إذا ما كنت تعرف فلانًا ولك قرابة لفلان أو علان، وإن لم تكن لك تلك الواسطة، فحيلة أن تكون وصوليًا، منافقًا، و”فتانًا” وتنقل القيل والقال ستوصلك إلى مراكز ما كنت يومًا تحلم بها، وستحصد ما تعب الآخرون في زرعه، منافسًا حملة الشهادات، وأصحاب الخبرات الطويلة.

هناك من تُفصل لهم المناصب والمسمّيات الوظيفية فقط لإعلاء شأنهم، وإرضاءً لمن أوصى عليهم وزكّاهم. وهناك من يزيح من لهم باع طويلة في العمل، وخبرة عشرات السنين، لأنه من القبيلة الفلانية وذاك لا قبيلة له ولا عشيرة!، وأن تكون ممن يُقبلون “الخشوم” فلن ترهق نفسك في العمل، ولن تجد داعيًا لطلب زيادة في الراتب ولا حتى الحوافز فستصلك تلك الزيادات والترقيات دون تعب ولا هم يحزنون.

كثيرون هم من يعملون في صمت، ويعملون بإخلاص وتفانٍ، ولا يلتفت إليهم أحد، ويرزحون في درجاتهم سنوات طوالاً دون ترقية ولا تعديل بالمناصب أو تغيير للمسمّيات الوظيفية، بل حتى دون أن يتصدّق عليهم أحدٌ بالشكر أو المديح نظير كلّ ما يفعلونه، بينما ينال زملاؤهم كل التقدير والمديح على أعمال ربما لم يقوموا بها، ولكنهم آثروا اتباع أسلوب الضجيج في العمل، فيبدون كلّ عمل صغير عملاً جبارًا وكبيرًا.

حري بأصحاب الأعمال والرؤساء أن يتذكّروا أنهم مُساءلون على ظلمهم الموظفين، فعليهم أن يتفقدوا من يعمل في الظلّ ولا يُلتفت إليه فيُبخس حقه، خصوصًا أولئك ممن يعملون وراء مسؤول ظالم، وحوله من الوصوليين المنافقين وحتى الكذابين الكثير ممن يكيدون ويحفرون لكل متميّز عنهم ونشيط، لكيلا يُلتفت إليه، وليسرقوا منه الأضواء، ولكي لا يستشعر الفرق بينهم وبينه، ولكي لا يجد ذاك الموظف المجدّ ما جدّ لأجله ولا يحصد ما زرعه، مادام هم يحصدون من وراء عمله ويلمع نجمهم لا نجمه.

ياسمينة: هناك من يزرع، وهناك من يحصد الثمر دون عناء.

yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال

https://instagram.com/p/2F6JuHhbqU/

بقلم : ياسمين خلف من قال إن من جَد وجد ومن زرع حصد؟، ففي زمن الواسطة هذا الذي نعيشه لا قيمة لهذا المثل القديم سوى أنه يُ...

إقرأ المزيد »