نشرت فى : يناير 5, 2009

من القلب إلى القلب

ياسمينيات
من القلب إلى القلب
ياسمين خلف

ياسمين خلف

لمحتها تنتقل من مريضة لأخرى في الجناح تضحك معهم تساعدهم في الذهاب إلى دورات المياه، تتبادل معهم أطراف الحديث، لم تكن مريضة في الجناح ولم تكن ممرضة، قادني الفضول لأعرف من هي فقالت وهي تبتسم ”أنا أعمل منظفة في المستشفى وبعد أن أنهي نوبة عملي أقصد الأجنحة لأساعد المرضى، أكسب الأجر من خلالهم فهم يكسرون الخاطر ويستحقون يدا تساعدهم فيكفيهم ما فيهم ” بصراحة دهشت وفرحت في ذات الوقت من جوابها، فثقافة التطوع ولاسيما في المستشفيات لم نعتد على رؤيتها في مجتمعنا البحريني ولو كانت منتعشة كما هي في بعض البلدان الأجنبية وحتى بعض الدول العربية والتي منها لبنان لساعدت في سد نواقص في الخدمات ولاسيما النقص في عدد الممرضات، إذ مع توافر متطوعين يمكن أن تسند إليهم بعض المهام التي لا تعتبر خطيرة أو صعبة ويمكن لأي منا القيام بها، كما أن وجودهم بين المرضى يمكن أن يساعد في رفع مستوى معنوياتهم خصوصا أنهم ”المتطوعين” يأتون بمحض أرادتهم بمعنى أنهم أحبوا عمل الخير دون مقابل وغير مرغمين عليه فتكون مساعدتهم من القلب إلى القلب ولن يتذمروا على العمل الذي يقومون به.
ما رأيته في هذه المتطوعة أعاد ذاكرتي لأحدى البلدان التي زرتها و استغربت من وجود عدد من كبيرات السن يعملن في إحدى المحلات التابعة للمستشفى، بصراحة ضحكت مع أختي وقلنا متندرات ”ما شاء الله لو كن هؤلاء العواجيز في البحرين لرأيتهن في دار العجزة لا يتمكن حتى من الحركة” وتبين لنا بعد أن سألن عن سر السماح لهن للعمل وهن في أرذل العمر، بأنهن متطوعات وما يجنينه من العمل يذهب ريعه للمستشفى! وهذا يقودنا إلى مسألة أخرى ألا وهي أن تطوع المتقاعدين عن العمل في أي من الأعمال الخيرية يمكن أن يكون له مرود مضاعف، أولا سيعيدون بذلك العمل التطوعي الحيوية إلى أنفسهم التي غالبا ما تصاب بالهرم والموت أن ما قاتلها الفراغ والملل وثانيا تطوعهم يعني تقديم المساعدات التي يمكن تدعم العمل وتعزز الخدمات.
للأسف رغم أن ديننا الإسلامي يحثنا على عمل الخير إلا أن الأجانب يتفوقون علينا وبمراحل في مسألة تقديم الدعم والمساعدة للغير دون انتظار المقابل، وأن أحببنا أن نزرع هذه الروح في الأجيال القادمة علينا أن نعزز روح تقديم المساعدة في أطفالنا ليكبروا وهم يقبلون على عمل الخير دون أن يشعروا بأنه عمل ثقيل على النفس، إحدى المتطوعات من طالبات جامعة البحرين والتي دأبت على مساعدة المعاقين من الطلبة قالتها ذات مرة بأن حبها للمساعدة جاء لحب والدتها ومن قبلها جدتها لمساعدة من حولهن حتى كبرت على هذه الروح بل وتخاف من اليوم الذي لا تجد فيه الفرصة لتقديم المساعدة لمن يحتاجها.

العدد 1047 الجمعة 5 محرم 1430 هـ – 2 يناير 2009

ياسمينيات من القلب إلى القلب ياسمين خلف لمحتها تنتقل من مريضة لأخرى في الجناح تضحك معهم تساعدهم في الذهاب إلى دورات المي...

إقرأ المزيد »