ياسمينيات
لا أسمع.. لا أرى.. لا أتكلم
ياسمين خلف
يبدو أن متوسط أعمار البحرينيين في طريقه إلى الانخفاض بل سيشهدون حالات الموت المبكر والمفاجئ بشكل مضاعف خلال السنوات القليلة المقبلة، فما يواجهونه من متطلبات والتزامات تفوق مرات رواتبهم التي يخفي الكثيرون حقيقتها خجلا لا خوفا من الحسد، والذي وإن زاد بضعة دنانير قابلها سيل من الالتزامات التي لا ترحم، فلا يجدون حلا عندها غير الاقتراض، وكلنا يعلم ما يحمله الاقتراض من أهوال.
الحرب العشوائية التي قامت بها هيئة الكهرباء والماء على المواطنين وإلزام المتخلفين منهم عن الدفع بتسديد المتأخرات وتهديدها بقطع الخدمة ودفع تكاليف إرجاعها والتي تصل في بعضها إلى 300 دينار، قضّ مضاجع الناس بل وأرعبهم حقا، لأنهم يعلمون حق اليقين بأن الهيئة ”جادة” فيما تقول، وطبقت فعلا كلامها على عدد من المنازل وقطعت الخدمة عنهم ليعيشوا لياليهم بظلمتها ”الخرمس”، وهل في تحصيل الأموال مزحة؟
لكن الهيئة في قرارها هذا تسرعت و ظلمت فلم تمهل الناس ولم تعطهم الفرصة الكافية لتدبير أمورهم، وهي تعلم أن السواد الأعظم من المتخلفين عن الدفع هم بصريح العبارة ”فقراء” وإن كان البعض الآخر يتخلف لا لضنك عيشه وإنما أملا في إسقاط تلك المستحقات بمكرمة، وإن كانوا بينهم وبين أنفسهم يعلمون أنها حدثت لمرة وتكرارها أمر أشبه بالمستحيل، فكان حري منها ”الهيئة” أن تحصر على الأقل المعدمين من المشتركين وتسقط عنهم ما تخلف من المستحقات لتبدأ معهم صفحة جديدة، وتلزم بالشكل الذي تريده المقتدرين منهم على الدفع، فأصابع اليد ليست متساوية.
”بس” وهي كلمة حق لا يمكن لأحد نكرانها، الهيئة تعرف حقها ولا يمكن أن تفرط فيه حتى وإن كانت ”10 فلوس” – لست أمزح طبعا!- ولكنها تغض الطرف وتجعل من نفسها ”لا أسمع لا أرى لا أتكلم” عندما يأتي الدور عليها ويطالبها المواطنون بخدمات نظير ”هبشة” الأموال التي تتحصلها منهم، هل تذكرون الانقطاعات المستمرة في الكهرباء في عز الحر ولساعات طويلة ومبيت الناس في الشوارع ”وسياسة الحكران” التي تتبعها عندما تنهال عليها المكالمات؟ هل عوضت أيا منهم عن ”ماجلة” البيت التي فسدت وكان مصيرها القمامة حتى وإن لم يمضِ على شرائها ساعات قليلة؟ ماذا فعلت عندما تأثرت درجات الطلبة في الامتحانات والاختبارات إثر قطع الخدمة؟ ومن من المواطنين حصل على تعويض عن الأجهزة الكهربائية التي عطبت جراء القطع والفتح المفاجئ للتيار الكهربائي؟ وهل فكرت في المرضى الذين لا يزالون يتنفسون بمساعدة الأجهزة الكهربائية ؟ أم أن ”الحق حق” إذ ما جاء الأمر على مصالحها، وتدير ظهرها عن التزاماتها. لن نختلف، عوّضي الناس يا هيئة عن تلك الأضرار بعدها أقطعي على من ترينه لا يستحق خدماتك.
العدد 991 الجمعة 9 ذو القعدة 1429 هـ – 7 نوفمبر 2008
ياسمينيات لا أسمع.. لا أرى.. لا أتكلم ياسمين خلف يبدو أن متوسط أعمار البحرينيين في طريقه إلى الانخفاض بل سيشهدون حالات ا...
أحدث التعليقات