ياسمينيات
أعانكِ الله يا «رولا»
ياسمين خلف
في الوقت الذي ستقرأون هذه السطور ستكون رئيسة جمعية التمريض البحرينية رولا الصفار محاطة بلجنة تحقيق وزارية تدينها تماما، كما لو كانت مجرمة من أرباب السوابق وارتكبت جريمة لمصلحة شخصية، بل جريمة لا تغتفر لدرجة أن وزارة الصحة تشكل لجنة تحقيق بسرعة البرق وكأنها أخيرا قد وجدت كبش الفداء الذي من خلاله تلقن أيا من موظفيها درسا في الخنوع وعدم المطالبة بالحقوق ”المشروعة”، ضاربة الديمقراطية التي تتشدق بها البلاد عرض الحائط وترفع ضمنيا شعار ”أنا ومن بعدي الطوفان”. المتتبع لهذه الأزمة التمريضية يستشعر كما لو كانت جميع أطرافها ”الجمعية ووزارتي الصحة والتنمية والخدمة المدنية” في وضعية تأهب واستعداد للانقضاض، اللهجة بدأت تستعر والوضع في تأزم مستمر ما لم تترو وزارة الصحة وتتخذ خطوات من شأنها أن تطلق سراح ”كادر التمريض”، الذي بقي لسنوات محبوسا رغم المطالبات المستمرة والمماطلات بل والتمطيط في إقراره. ممرضونا لا يطالبون بالمستحيل كي يواجهوا بالإرهاب لإرعابهم، يطالبون بتعديل أوضاعهم الوظيفية قبل حتى المعيشية، يطالبون بعلاوة خطر وعلاوة التخصص ليشعروا بالتقدير، الذي هو من حقهم ”كيف لا وهم من دون زملائهم الممرضين حتى في دول الخليج يحملون الشهادات التخصصية في التمريض بل وإن بعضهم يحمل البكالوريوس والماجستير”! يطالبون بحمايتهم من الأمراض التي قد تهاجمهم لترميهم كغيرهم من المرضى من دون أن يسأل عنهم أحد – أليسوا الأقرب إلى المرضى وأكثر احتكاكا بهم ولاسيما مرضى الأمراض المعدية والخطيرة؟ حتى عندما طالبوا بتوفير خدمة تعقيم الملابس الرسمية قوبل طلبهم بالرفض، فيضطرون مجبرين غير أبطال للعودة بها للمنزل معرضين أسرهم بالكامل للخطر، هل فكر أحدكم أن الأمهات منهن قد يرفعن أطفالهن على كتوفهن فتنتقل إليهم ما صغر وتنوع من الجراثيم ومن يعلم ما الأمراض التي سيصابون بها. بعيدا عن التفاصيل وأكثر قربا للوضع المتأزم فإن الممرضين ومن اليوم سيعلقون شارات حمر على صدورهم، ستتحول إلى سوداء بعد أسبوع ما لم يجد الكادر طريقه إلى التحرر من القيود، بل إنهم سيدعون إلى اعتصام جماهيري مرخص بعدها بأسبوع سيدعون إليه جميع الجمعيات الحقوقية والمهنية كأسلوب حضاري للمطالبة بحقوقهم بعيدا عن إرباك سير العمل الذي لم يفكروا به قط. ما حز في نفوس الممرضين فعلا كما قالوا، إن زملاءهم من ضباط الممرضين استعملوا معهم أسلوب القمع والترهيب والتهديد والوعيد بعد أن علقوا الشارات على صدورهم، في الوقت الذي تضامن معهم الأطباء في ذلك، بالله عليكم ما الضير في تعليق شارة تحمل شعار ”أطلقوا سراح الكادر” هل سيعطل العمل أم سيتسبب في موت المرضى وتوقف الأجهزة؟ أنصل لهذه الدرجة من الرجعية، العالم يركض نحو الديمقراطية ونحن نكتفي بالهمس بها بل ودعسها بأرجلنا إن طولبنا بها في الواقع، أتمنى مع نهاية قراءتكم لسطوري هذه تنتهي الأزمة وتعود البسمة على شفاه ملائكة الرحمة.
العدد 892 الخميس 27 رجب 1429 هـ – 31 يوليو 2008
ياسمينيات أعانكِ الله يا «رولا» ياسمين خلف في الوقت الذي ستقرأون هذه السطور ستكون رئيسة جمعية التمريض البحرينية رولا الص...
أحدث التعليقات