Written by: "tarradah"

هاني.. المأسوف على شبابه والسكلر

ياسمينيات
هاني.. المأسوف على شبابه والسكلر
ياسمين خلف

ياسمين خلف لا اعتراض على قضاء الله وقدره، فالموت حق، وتعددت الأسباب والموت واحد، ولكن أن تزهق نفس نتيجة إهمال وداخل صرح طبي كبير بحجم مجمع السلمانية الطبي في قسم يعد العمود الفقري للخدمة الطبية باعتباره قسم للطوارئ، لهي الجريمة التي لا يمكن السكوت عنها، فرغم أن قضية المرحوم هاني ذي الستة والعشرين ربيعاً المأسوف على شبابه والذي توفي بحسب إدعاءات أهله في الطوارئ نتيجة الإهمال لم يفصل فيها بعد، خصوصاً أن التحقيق المزمع تشكيله على الأرجح لم يبدأ ما يعطي البعض فرصة التفكير بأن في نية الوزارة المماطلة، ولأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، فإننا لن نلقي جزافاً اللوم على الوزارة أو الأطباء العاملين فيها في قضية المرحوم هاني بذاتها، ولكن من حقنا أن ننبش في تاريخها وعلى أقل تقدير الإهمال المستمر لفئة مرضى السكلر داخل السلمانية.
لا يحكي الصدق من يقول إن مرضى السكلر يحصلون على العناية والاهتمام في السلمانية بالمستوى اللائق أو حتى المقبول، ومن يخالف هذا الرأي فليجتمع ببعض من هؤلاء المرضى أو ليأخذ له جولة قصيرة بين أسرّتهم في الأجنحة ليعرف حجم المعاناة التي يلاقونها. نوبات السكلر كما يعرفها مرضاه أو من له قريب يعاني منه، وهم بالمناسبة كثر، فأعداد المصابين بالسكلر بالآلاف في البحرين.
وتسبب آلام المصابين الشديدة التي لا تعرف مكاناً محدداً، في احتكاك المفاصل، فهي تنتقل من مكان إلى آخر في الجسم، ويصل مداها لدرجة أنها تنخر العظم.
باختصار، الألم الذي ينتابهم ليس «لعب أطفال» كما يدعي الأطباء، و«اسأل مجرب ولا تسأل طبيب»، وبالتالي فإن همّ المريض

ياسمينيات هاني.. المأسوف على شبابه والسكلر ياسمين خلف  لا اعتراض على قضاء الله وقدره، فالموت حق، وتعددت الأسباب والموت و...

إقرأ المزيد »

أهل عالي ما فكروا إلا ..

ياسمين خلف زيارتي قبل أيام لمصنع الفخار في قرية عالي أرجعتني لسنوات عمري الأولى حين كنت في المرحلة الابتدائية، حيث نزور المصانع هناك كإحدى الزيارات المدرسية التعريفية لأنواع الحرف التراثية، كنا نحن الصغار نركض هنا وهناك مستمتعين، مشدوهين بحركة يدي صانع الفخار وطرق تشكيله للطين، ولا نخرج من عنده إلا بعد أن نشتري منه عينة كي نلعب بها ونشكلها ونلونها بألوان الطيف، وكم تفاخرنا نحن الطالبات بما نشتريه من ”حصالات وجداريات” تحمل النقوش الدلمونية.
رغم الذكريات التي تسارعت أمامي عندما وطأت قدمي مدخل القرية التي زينت بجرة فخارية كعنوان لهذه القرية التي عرفت بمهنة الفخار، إلا أنها سرعان ما جعلتني أتحسر بحسرات أصحاب تلك المصانع، وكيف لا؟ وهم يقولون إن الحرفة التي توارثوها أبا عن جد وأحبوها حتى النخاع آيلة للاندثار، لا بسبب عزوفهم أو أبنائهم عنها، بل لمنع الطين عنهم، فكيف لفخار أن ينتج من دون ”الطين” أيعقل هذا؟ فأين ذهبت ترانيم المسؤولين بأنهم يسعون للمحافظة على التراث؟ وإن كان، لم لا نرى دعما لهذه الحرفة التي حتما لا ينكر أي منا أنها تنعش السياحة وتحافظ على تاريخ أرادوس ودلمون القديمة، ألا يكفي ما يحدث للقبور والتلال في قرية عالي ليأتي الدور على حرفة تقتات منها أكثر من 05 أسرة اليوم هي مهددة في رزقها.
أحد أصحاب تلك المصانع قال بألم إنه ترك مقعده الدراسي لشغفه بمهنة والده وجده من قبله، ولم يندم قبل سنوات من الآن على ذلك، إذ وجد أنه يبني وطنه بمحافظته على تاريخها، ولكنه اليوم نادم بل إنه يصرخ في وجه ابنه متى ما حاول تقليده والجلوس على آلة صنع الفخار اليدوية، فإن توقفت هذه الأجيال عن ممارسة هذه المهنة التراثية أنتوقع من غيرهم ممارستها؟ المخيف في الأمر أن أصحاب هذه المصانع دقوا جرس الإنذار بأن ما يملكونه من الطين القليل سينفد في أيام بعدما منعوا من أخذ الطين من وادي الحنينية كما تعودوا في السنوات الماضية، بل إن مصنعين من أصل سبعة أغلقوا أبوابهم فعلا ولم يعد بإمكانهم مواصلة العمل بعد اليوم، وكالعادة جميع المسؤولين الذين طرقوا أبوابهم أعطوهم الوعود الضبابية، التي لن تشفع لهم إن أصبحت هذه المهنة من التاريخ وتشتت عائلات كانت تعتمد عليها في رزقها ردحا من الزمن.
ولا يتوقف الأمر على ذلك، فالمصائب لا تأتي فردا كما أقول دائماً، فحتى الأراضي التي تقوم عليها تلك المصانع لم تعد ملكا لأهلها بعدما استملكتها وزارة الإعلام بحجة أنها من الأراضي التراثية ومن حق الدولة، الأهالي يملكون الوثائق التي تؤكد أحقيتهم فيها، ويعني ذلك إن كانت الدولة تغازل هذه الأراضي فعليها أن تعوض أصحابها وليس أي تعويض وإنما تعويضا مجزياً، ويكفي أن أصحاب هذه المصانع يقولون وبقهر إن آباءهم آثروا شراء الأرض لبناء تلك المصانع للمحافظة على مهنة آبائهم بدلاً من شراء أراضٍ لبناء منازل لهم، حتى أنهم لايزالون وأبناؤهم يعيشون في بيوت بالإيجار، ويعني ذلك أنهم خرجوا من المعادلة ”صفر” الأيدي، فلا أرض ولا مهنة ولا بيوت ملك وكأنهم وكما يقول المثل العامي ”أهل عالي ما فكروا إلا تالي” أي أنهم لم يدركوا الأمر إلا متأخراً.
احدهم قال إنه يصاب بالخجل إذا ما امتنع عن إعطاء طلبة المدارس القليل من الطين ليدخل الفرحة في قلوبهم لعدم توافر الطين وشحه، وكأنه يقول لن يخرج الطلبة بأي ذكريات كما كانت! هموم هؤلاء البحرينيين كثيرة ونتمنى أن تسمع أصواتهم قبل أن نكون جميعا كأهل عالي الذين لم يفكروا إلا بعد فوات الأوان.

 زيارتي قبل أيام لمصنع الفخار في قرية عالي أرجعتني لسنوات عمري الأولى حين كنت في المرحلة الابتدائية، حيث نزور المصانع هن...

إقرأ المزيد »

نستنكر ما تستنكرون

ياسمين خلف لسنا مع العنف بأي شكل من أشكاله، ولسنا مع من «يطبل» هنا وهناك ليتقرب من هذا وذاك، ولسنا مع من ينفخ ليشعل نار الفتنة ويؤجج الطائفية التي لا أعرف بالضبط كيف وجدت لها مكاناً بيننا اليوم، رغم التحضر والثقافة التي وصل إليها شعبنا، فالبحريني إنسان مسالم بطبعه ومتسامح مع الأديان الأخرى، فكيف بذاك المسلم مثله والذي يشهد بالشهادتين مثله، أينكر أحدنا ذلك؟ سلوا كبار السن اليوم إذا شهدوا في زمان شبابهم ما نشهده اليوم لتجيبوا على السؤال بحيادية وموضوعية بعيداً عن التشنج والعصبية.
ما حدث في الأيام الأخيرة أثر الحوادث التي مرت بها المملكة، فتحت شهية البعض من الكتاب في عدد من الصحف لنفث سمومهم، وكأنهم يريدون لهذا البلد أن يحترق، كيف لا وهم يرمون الحطب في النار المشتعلة، ويقفون موقف الشيطان يوم القيامة عندما يتبرأ من بني الإنسان الذي أغواه كما جاء في محكم كتاب الله الكريم «كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين» صدق الله العلي العظيم، فما يكتبه «البعض» استفزازي ومحط من قدر ومكانة شريحة واسعة في هذه المملكة، بل يندرج ضمن المزايدة على الولاء لهذا الوطن وتشكيك في ولاء الآخرين، وكأنهم هم وحدهم من يخافون على مصلحة الوطن وغيرهم يريدون النيل منه، «ما هكذا تورد الإبل» كما يقال، فالوضع لا يحتمل هذا التأجيج، فالشباب المستعدون للمشاركة في مثل هذه المظاهرات فقدوا كما يبدو صبرهم، ومثل هذه الكلمات لا أظنها ستعالج الأمر، بل ستزيده سوءاً على سوء، فعندما يستنكر هؤلاء الكتاب ما حدث بأسلوب غير موضوعي ولا يرمي إلى المعالجة بقدر ما يرمي إلى التأجيج والسب والقذف، حينها علينا أن نقول لهم «كفى، فنحن نستنكر ما تستنكرون».
لا أحد منا ينكر بأن المظاهرات وإشعال الحرائق هنا وهناك تثير الفوضى والخوف في نفوس الجميع، وأظن أن أهالي القرى هم الأكثر تضرراً باعتبار أنهم وحدهم من يحاصر في بيوتهم، ومن يختنق من الغازات المسيلة للدموع، ومن يكون خارج منزله ولم يشهد الحوادث بأم عينه حتماً لن يرجع إلى بيته إلا بعد فك الحصار الذي قد يمتد إلى الساعة الثانية أو الثالثة فجراً. لسنا مع المتسبب في ذلك، ولسنا مع الطرق التي تعالج فيها مثل هذه الأمور، خصوصاً أن من بين المتضررين مرضى يعيشون على الأجهزة وآخرون أطفال وعجزة، فلا أحد يتمنى أن يفقد عزيزاً له في طرفة عين، ولا أن تثكل أم بابنها أو حتى تبكيه ليلها مواصلة إياه بصباحها لتقر عينها ويعود من الحجز أو التوقيف.
بعض الشباب المشارك في المظاهرات الأخيرة قال إنه لا يتمنى المشاركة في التخريب والخروج عن القوانين، ولكنه لم يجد غيرها «مستنكرين» صمت علماء الدين الذين كما قالوا، أطبق عليهم السكون في الحوادث الأخيرة! ولاسيما بعد ما تعرضت إليه النساء أمام النيابة العامة.
من بين سطور كلام هؤلاء الشباب أجد شخصياً أن بالإمكان الوصول إليهم وإقناعهم بضرورة الالتزام بالقوانين عبر رجال الدين فكما يبدو فإن شباب اليوم أكثر إصغاء لهم من دون غيرهم، فلم لا يحدث ذلك، حينها فقط يمكنهم إحراج من يحاول «التصيد في الماء العكر».

 لسنا مع العنف بأي شكل من أشكاله، ولسنا مع من «يطبل» هنا وهناك ليتقرب من هذا وذاك، ولسنا مع من ينفخ ليشعل نار الفتنة ويؤ...

إقرأ المزيد »

ثلاثة.. أو أربعة حروف

ياسمين خلف 
ثلاثة حروف أو أربعة عسيرة على اللسان، سهلة إذا ما أراد أحدنا أن يقرب المسافات ويكسر جليد الغضب أو حتى «الزعل» وسوء الفهم، إلا أن قلة من الناس من يكونون شجعاناً ويقولونها. «آسف» أو «آسفة»، لا أظنها بالكلمة المستحيلة التي في كثير من الأحيان قولها يكون نتاج تربية حميدة والتغاضي عنها يندرج في خانة العيب.
حياتنا تزخر بنماذج لم تعرف في عمرها كله هذه الكلمة، بل تعتبرها إنقاصاً في الشأن أو حتى دعساً للكرامة، فيتعنتون وآخر ما يفكرون فيه هو نطق هذه الحروف، بل قد يدركون في قرارة أنفسهم بأنهم مخطئون، ولكن آخر ما يفكرون فيه هو الوقوف أمام يدي الطرف الآخر ليعترفوا أمامه بأنهم كذلك ويقولون مثلاً «آسف، لك كل الحق في الزعل».
قد يقول قائل إن هذا الموضوع لا يستحق الطرح، وإن كنت حقاً أجد عكس ذلك، فهناك من الناس من يغفل هذه الجزئية ويحتاج إلى تذكير أو حتى الاستيقاظ من نومه الطويل.
أحدهم وقبل أيام قليلة وأمثاله كثر، سد بسيارته منفذ الخروج وظللت لأكثر من نصف ساعة أنتظر وعدد من العمال الآسيويين يبحثون عن صاحب السيارة الذي «ولا على باله»، فهمه الوحيد أن يحصل على موقف في الظل بعيداً عن أشعة الشمس، ليذهب الآخرون إلى الجحيم، رغم أن المواقف الأخرى شاغرة، إلى أن جاء أحد العمال وعرف صاحب السيارة ليدلنا على منزله. طرقت الباب وكنت متوقعة أن يفتحه ويعتذر عما بدر منه، ولكن المفاجأة التي ألجمت فمي أنه كما الحائط هز رأسه كتعبير عن قدومه لتحريك سيارته ولا شيء آخر. لا أخفي إنْ قلت إن النار اشتعلت في داخلي، فنصف ساعة وأنا واقفة في الشارع وتأخرت عن عملي وحتى كلمة «آسف» لم يقلها وكأنه لم يخطئ ولم يفعل شيئاً يتطلب منه الاعتذار، ورغم ذلك قلت في نفسي: لربما يأتي أثناء تحريك سيارته ويعتذر، ليحطم كل توقعاتي.. وعندما دخل سيارته كما لو كان يعاني من البكم.
ما أردت قوله إن نطق هذه الكلمة لن يكلف الإنسان شيئاً، بل على العكس ستكون وسيط خير وستجعل الطرف الآخر يتنازل عن حقه، لا أن يتشبث برأيه بأن خصمه أخطأ في حقه ولا يستحق منه العفو، ويكون في نظره أنموذجاً للإنسان غير المحترم ولو كان كذلك لاحترم غيره. الغريب حقاً أن بعض الناس ينسى أو يتناسى أن الإسلام دين أخلاق وتعامل، وأن ليس من صفات المسلم إلحاق الضرر بالغير والتكبر على عباده، ففي مثل الحالة السابقة ماذا لو كانت هناك حالة طارئة وتحتاج إلى النقل وبسرعة إلى المستشفى، وكانت سيارة أحدهم كما أخينا واقفة في المكان الخطأ؟ أليس ذلك ضرراً ألحقه بأخيه المسلم؟
الأمر لا يقتصر على العلاقات بين المرء ومن حوله من الناس والأصدقاء، بل تتعمق حتى في علاقة المرء بأسرته وأقرب الناس إليه زوجته مثلاً أو إخوانه وأخواته، بل حتى والديه، وكم من علاقات تصدعت لمكابرة أحدهم وإصراره على ألا يعتذر كأن يرى أن من «العيب» أن يعتذر لأخيه الأصغر منه مثلاً، وينسى أن «العيب» هو الخطأ في حق الغير وعدم إبداء الندم ولو بكلمة لا تتعدى الحروف الثلاثة أو الأربعة.

  ثلاثة حروف أو أربعة عسيرة على اللسان، سهلة إذا ما أراد أحدنا أن يقرب المسافات ويكسر جليد الغضب أو حتى «الزعل» وسوء الف...

إقرأ المزيد »