الخميس 06 مايو 2021
كلما تذكر بأن ابنه لم يسأل عنه، ولم يره منذ سنوات طويلة، تساقطت الدموع الحارة من عينيه، ضارباً كفاً بكف ندماً على ثقته العمياء بفلذة كبده، وأخذ يقول: “خدعني وضوءه”، في إشارة إلى مدى تدينه والتزامه بأداء صلواته في أوقاتها، لتكشف له الأيام أنه ابن عاق لا يرفع سماعة هاتفه للاطمئنان عليه، ولم يكلف نفسه عناء رؤيته أو السؤال عن أحواله لأكثر من 8 سنين! بل ولم يكتف بالورث الذي وهبه إياه قبل أوانه، ليستولي على أموال ليست من حقه! تاركاً والده على قارعة الحاجة وهو في سنه المتقدمة.
كُثر يجعلون من الدين ستاراً، يتسابقون على المساجد لأداء الصلوات في مواقيتها، ولا يكتفون بصوم شهر رمضان، بل يصومون في كل مناسبة وفي كل اثنين وخميس من كل أسبوع، ويحرصون على أداء مناسك الحج والعمرة سنوياً… وغيرها الكثير من العبادات التي في ظاهرها للبشر أن الملتزم بها حجز له مقعداً في الجنة، لكن ومن وراء الستار وكما يعرفه المقربون منه أو كما يعترف هو في قرارة نفسه “ربما”، هو إنسان لا يملك من الأخلاق ما تشفع له حتى للمرور أمام أبواب الجنة! كأخينا عاق والده، أو ذاك الهاضم لحقوق زوجته، أو الآكل للسحت، أو المتطاول على مال اليتيم، أو القاسط في الميزان والكثير الكثير من المعاملات التي تنسف كل ركعاته وسجداته نسفا.
لا يملك أحدنا صكوك الجنة والنار، لكن علينا أن لا ننخدع كذلك ونغتر بالمظاهر! فزمان الحُكم على الناس بأشكالهم الخارجية، أو هندامهم، أو الوقت الذي يمضيه أحدهم في صلاته قد ولى، كما أن من السذاجة أننا لا نتعلم من تجارب غيرنا، ونقع في حفرٍ سبق أن وقعوا فيها.. فعبارة “لا تغرنك المظاهر” لم يقلها القدماء عبثاً، إنما من تجارب مرة، أرادوا منا وتمنوا أن لا نتجرع مرارتها، لكننا للأسف مازلنا نغتر بكل بريق كاذب، فتمهل قبل أن تحكم من المظهر فتصدم وتندم.
ياسمينة: علاقة المرء بربه شأن خاص، والدين معاملة.
الخميس 06 مايو 2021كلما تذكر بأن ابنه لم يسأل عنه، ولم يره منذ سنوات طويلة، تساقطت الدموع الحارة من عينيه، ضارباً كفاً ب...
أحدث التعليقات