نشرت فى : أغسطس 12, 2021

الصدق العاري

الجمعة 13 أغسطس 2021

تقول الأسطورة في الأدب الروسي إن الصدق والكذب التقيا من غير ميعاد، فنادى الكذب على الصدق قائلاً “اليوم الطقس جميل”، نظر الصدق حوله، نظر إلى السماء، وكان الطقس جميلاً حقاً، وقضيا معا بعض الوقت، حتى وصلا إلى بحيرة ماء، أنزل الكذب يده في الماء ثم نظر إلى الصدق وقال: “الماء دافئ وجيد، وإذا أردت يمكننا أن نسبح معاً”، ويا للغرابة، كان الكذب محقاً هذه المرة كذلك، فقد وضع الصدق يده في الماء ووجده دافئاً وجيداً، قاموا بالسباحة بعض الوقت، وفجأة خرج الكذب من الماء، ثم ارتدى ثوب الصدق وولى هارباً واختفى! خرج الصدق من الماء غاضباً، عارياً، وبدأ يركض في كل الاتجاهات بحثاً عن الكذب لاسترداد ملابسه، العالم الذي رأى الصدق عارياً، أدار نظره من الخجل والعار، أما الصدق المسكين فمن شدة خجله من نظرة الناس إليه، عاد إلى البحيرة واختفى هناك إلى الأبد، ومنذ ذلك الحين، يتجول الكذب في كل العالم، مرتدياً ثياب الصدق، محققاً كل رغبات العالم، والعالم لا يريد بأي حال أن يرى الصدق عارياً!

الكذب من حولنا وبيننا يعيش، تجده في كل الوجوه، فلا فرق بين أحد منها، أصبح الصدق غريباً بيننا ومنبوذاً ولا يتحمل أحد كلمة منه، فإما أن يهجرك أو حمل عليك سيف العداء. تطلب من طفلك أن يكون صادقاً ويراك تكذب على هذا وذاك! ويُوبخ المدرس تلميذه على كذبه وهو يمارسه على مديره، ولا يمكن أن يتكّسب البعض من تجارة إلا إذا جعل من الكذب إحدى أدواته، ولا يجد كل أولئك غضاضة في القسم على كتاب الله وهم يعرفون أنهم كاذبون!

الصادق اليوم لا يحقق أهدافه، الصادق اليوم لا يربح من تجارته، ولا يمكن أن يواجه بصدقه جيش الكذابين المقبولين عند المجتمع رغم عريهم، ويجدون من يصفق لهم ومن يشجعهم على المواصلة.

ياسمينة: متى يلقى الصدق رداءه لنراه بيننا دون خجل؟.

وصلة فيديو المقال

الجمعة 13 أغسطس 2021تقول الأسطورة في الأدب الروسي إن الصدق والكذب التقيا من غير ميعاد، فنادى الكذب على الصدق قائلاً “الي...

إقرأ المزيد »