بقلم : ياسمين خلف
عايشت فصول هذه الزيجة المرغمة عليها صديقتي العربية من ابن عمها بكل تفاصيلها، وبغض النظر عن كونه لا يتوافق معها في المستوى التعليمي والثقافي، إلا أن اعتراضها عليه حتى الاستماتة كان بسبب قرابتهما في الدم والنسب. رفضته مرارًا وتكرارًا خوفًا من انتقال الأمراض الوراثية لأبنائهما، خصوصًا أن أختها الكبرى قد زُوجت هي الأخرى لأخيه، ونتج عن تلك الزيجة طفلة معاقة فقدت حواسها الواحدة تلو الأخرى إلى أن توفاها الله في عمر الزهور.
أبدت لوالدها رفضها للزيجة، وواجهت ابن عمها، وصارحته عن مخاوفها، إلا أنه ولعادات قبيلتهم رفضا رفضها، وعُرض عليها إجراء فحوصات الجينات الوراثية، إن لم يكن فحص ما قبل الزواج الاعتيادي يبدّد من هواجسها ومخاوفها. سلّمت الأمر لله وقالت: “سيكون لفحص الجينات كلمته الأخيرة في هذا النزاع”، إلا أن الأمور لم تسر بالشكل الذي توقعت، وجاءت الفحوصات مطمئنة، فكان الزفاف على ابن عمها الواقع الذي لا مناص منه!.
لا يزال زواج الأقارب يُحكم قبضته على العديد من العوائل والقبائل، البنت لابن عمها، وابن الخال أولى ببنت خاله، وكأن الرجل لا يصون من سيتزوج بها إلا إذا كانت من سلالة عائلته، وأن المرأة لن تحصل على حقوقها الزوجية ولن تحفظ كرامتها إلا إذا تزوجت من ابن عمها!. متناسين بأن لزواج الأقارب سلبيات ومساوئ أكثرها ظلمًا للأبناء هو توارث الأمراض التي في بعضها خطيرة ومميتة، هذا إن لم يكن سببًا للتشوّهات الخلقية والأمراض العقلية، وإن كان مؤيدوه يرون إيجابياته أكثر كتماسك العائلة والمحافظة على خيراتها وأموالها داخل العائلة لمنع تبدّدها لعوائل الأخرى، و”دهنا في مكبتنا” كما يقال في الأمثال الشعبية المؤيدة لزواج الأقارب.
في حين الواقع يحدّثنا بأنه في حال عدم توافق الزوجين القريبين، لا يتوقف النزاع والاختلاف بين الزوجين فقط فيحدث الانفصال بينهما، بل تمتد النزاعات والخلافات لتتخطاهما وتصل إلى التناحر بين العائلة وقطيعة الرحم بينهما، وما أكثر الشواهد من حولنا، فيقطع الأخ علاقته بأخيه بعد طلاق ابنته من ابنه، أو حال زواج الابن بأخرى على ابنة عمه، وكأن لو كانت الزوجة من عائلة أخرى فمحلل الزواج عليها، ومحرّم على ابنة العم أن تكون زوجة أولى ولها ضُره!.
بالمناسبة، نسيت أن أقول لكم عن مصير صديقتي المتزوجة من ابن عمها. أنجبت طفلين، الأولى توفيت بعد أن عانت من إعاقات متعدّدة، والآخر بدأت تظهر عليه الإعاقات ذاتها، وهي اعتزلت العالم وبقيت أسيرة لدموعها وهمومها، مذكرة أهلها كل حين بالجريمة التي اقترفوها بحقها بإرغامها على الزواج من ابن عمها.
ياسمينة: إن كان لزواج الأقارب إيجابيات فإن سلبياته أكثر، فلا تجبورا أبناءكم عليه، فتتسببوا بهلاكهم وهلاك ذريتهم.
yasmeeniat@yasmeeniat.com
وصلة فيديو المقال
https://instagram.com/p/9slHzyBbmZt7XLFUGrzG7kBrXKTF8qBzJ2plc0/
بقلم : ياسمين خلف عايشت فصول هذه الزيجة المرغمة عليها صديقتي العربية من ابن عمها بكل تفاصيلها، وبغض النظر عن كونه لا يتو...
أحدث التعليقات