Written by: "yasmeen"

لا نحب الفقراء

يقولها بعضنا دون خجل، وبصراحة ودون كذب، «نحن لا نحب مساعدة الفقراء، وإن فعلنا ذلك فهو على مضض.. رياء أحيانا، وتجملاً أحياناً أخرى، بل في أحايين أخرى غروراً وإتيكيت». يده ثقيلة لو سأله محتاج عن فتات مما أغناه الله به، ومما لا يغني ولا يسمن من جوع، ولكنه لا يجد أية مشكلة لو ترك «بخشيشاً» لنادل في مطعم، بعد أن يدفع مبلغاً لا بأس به على وجبة لا تساوي أبداً ما أكله حقيقة، النادل هو الآخر موظف بأجر بسيط، وهو الآخر سيفرح كثيراً من تلك «البخاشيش» التي تأتيه كرزق يعينه على غلاء الحياة، لكن في نهاية المطاف هو يتسلم راتباً ثابتاً -ولو كان قليلاً – نهاية كل شهر، عكس ذاك المتسول أو حتى المتعفف الذي لا يجد عملاً يقتات منه، وكلنا يعلم حجم مشكلة البطالة، فلا داعي لتنهر من يسألك حاجة، وتطلب منه بدلاً من السؤال العمل، فتلك قضية أخرى.

يشتري هدايا فاخرة بمبالغ عالية لأنه سيهدي غنياً، ومن العيب أن يهديه شيئا رمزيا أو بسيطا، لكنه عندما يفكر أن يهدي ذاك الفقير فإنه سيبحث عن أرخص هدية، وإن لم يكن كذلك وضع أي شيء لا يريده، زائدا عن حاجته في كيس وأهداه إياه، فهو فقير وإنسان بسيط وكثير عليه أي شيء، رغم أن الأول قد يركن تلك الهدية ولا تملأ عينه، ولن يتوانى أصلاً عن رميها إن لم تعجبه، والثاني يمكن أن نكسب من ورائه الأجر إن غلفنا الهدية بنية الصدقة، وأهديناه ما يمكن أن يسعده أولاً، ويعينه ويساعده ثانياً.

في المحلات وخصوصا عندنا نحن معشر النساء قصة، فلا نتوقف من ترديد “كم آخر، آخر كم” للبائع البسيط ذي البضائع الأبسط، ونفرح وكأنما كسبنا جولة إن هو رضخ وقبل بتخفيض السعر رغبة في البيع، وبدون أن ننبس بأية كلمة نخرج بطاقتنا الائتمانية عند محاسب المحلات الكبرى، حتى دون أن نسأل عن قيمة ما سندفعه، وندفع المبالغ الفلانية… فكم نحن فقراء في تفكيرنا، وكم نحن منافقون في تصرفاتنا وأخلاقنا، فالمظاهر سلبتنا إنسانيتنا.

ياسمينة:

الفقراء ليسوا بحاجة إليك، بقدر ما أنت بحاجة إليهم.

وصلة فيديو المقال https://www.instagram.com/p/Bi3pzv6ne9W/

يقولها بعضنا دون خجل، وبصراحة ودون كذب، «نحن لا نحب مساعدة الفقراء، وإن فعلنا ذلك فهو على مضض.. رياء أحيانا، وتجملاً أحي...

إقرأ المزيد »

إحمد ربك أنك عزوبي

جملة لا ريب أنها تتردد على مسامعك كل حين إن كنت عازباً ولم تدخل بعد عُش الزوجية، خصوصاً إن أحاطك قوم من المتزوجين المتذمرين والساخطين على أزواجهم، أو ممن يحنون إلى حياة العزوبية، وما اقترن بمفهومها من الحياة بدون مسؤولية. متى تتزوج؟ سؤال هو الآخر يحمل وجهين، إما من محب يتمنى أن تكون سعيداً بوجود شريك – أو هكذا يظن – أو من حاسد وغيور يتمنى أن تقع في فخ كان قد سبقك إليه.

تقول: سئمت من سؤالها المتكرر عن زواجي، حتى اعتدت عليه، إلا أنها ذات مرة قالت عكس ما أتوقعه منها دائماً: “لا تتزوجي، ابقي هكذا أفضل”! فعندما سألتها عن سبب تغير قناعاتها قالت مازحة بجد: “لم أكن أحبك، والآن أحبك، كنت أريدك أن تذوقي مما نذوق من تعب وسهر وقهر، واليوم وبعد أن أحببتك أريد لك السعادة فلا تتزوجي”، هي تحب صديقتها بلاشك، ولكن مزجت الحقيقة بالكذب الذي أرادت أن توصل من خلاله فكرتها، وزادت بالقول إنها لو لم تتزوج باكراً لكانت اليوم أكثر رشاقة وجمالا، ولكانت تقتني أحدث السيارات، ولكان راتبها لها لا لزوجها وأبنائها الذين لا يتركون لها فلساً نهاية الشهر.

كثيرون يعتقدون أن حياة “العزوبي” بلا مسؤولية، وهل منا في هذه الحياة من يكون بلا مسؤولية؟ فحتى الطفل الصغير له مسؤوليات بما يتناسب مع سنه ووضعه، ربما هناك أزواج متهاونون لا يتحملون أية مسؤولية، وربما هناك عزوبي يحمل مسؤولية أسرة، فليست حياة الجميع متساوية، والحكم جزافاً واعتباطاً على أن كل عزوبي بلا مسؤولية حكم غير عقلاني أبداً.

المشكلة ليست في كونك متزوجا أو عزوبيا، فالسعادة والهناء والراحة غير مرتبطة بتاتاً بحالة الفرد الاجتماعية، رغم أن أكثر الدراسات العلمية تؤكد أن الزواج يطيل العمر وأن المتزوجين أكثر سعادة من العزاب، بل إن المشكلة في عدم الرضا عن الواقع وعدم تقبله، وتوقع أن لو عاش عكس وضعه لكان أسعد وأكثر استمتاعاً بالحياة، وكل ذلك نابع من جحود نعمة في اليد، ومد العين لما في يد الآخرين.

كن قانعاً حامداً ما أنت عليه، فلو كانت العزوبية أكثر نفعاً لك من جميع النواحي لما كتب الله لك الزواج وإنجاب الأبناء، ولو كان الزواج أسعد لك لكنت من المتزوجين، لابد أن تؤمن بأن الله ليس بظلام للعبيد، وأن كل ما كُتب لك في هذه الحياة خير لك.

ياسمينة:

“لمن يرى أن زواجه غلطة، فالله حلل الطلاق، ولمن يتحسر على الزواج فالدنيا مليانة عرسان”.

وصلة فيديو المقال

وصلة فيديو المقال

جملة لا ريب أنها تتردد على مسامعك كل حين إن كنت عازباً ولم تدخل بعد عُش الزوجية، خصوصاً إن أحاطك قوم من المتزوجين المتذم...

إقرأ المزيد »

ستسعد أهل السماء

ياسمين خلف/ كاتبة بحرينية  
ليت الموت يمزح. ليته يتحدى عبدالحسين عبدالرضا في فن الدعابة، لنصحو على مزحة الموت الثقيلة ليخبرنا أنه حاول أن يكذب على العالم ولم يفلح، ليته كابوس وينجلي يا أبوعدنان ولم ترحل.
من أضحك الملايين خلال خمسون عاماً تمكن اليوم بحرقة أن يُبكيهم. أن يُبكي الصغير والكبير كما لو كان واحداً من أقرب المقربين إليهم. أن يجعل دموعهم تتساقط بحرارة لا لشيء سوى إنه قرر الرحيل إلى هناك…حيث “الوعد بالجنة”. رغم أنه باقٍ في قلوب كل محبيه في كل العالم العربي، وفي ذاكرة الزمن الجميل الذي لن يتكرر.
عبدالحسين عبدالرضا لم يكن ممثلاً عادياً وكذلك هم رفاق دربه، سعاد عبدالله، وحياة الفهد، والمرحوم غانم الصالح، وسعد الفرج، والمرحوم خالد النفيسي، وإبراهيم الصلال،والمرحوم عبدالعزيز النمش، ومريم الصالح والمرحومة مريم الغضبان. كوكبة لن تتكرر ولن تستنسخ. استلوا ابتساماتنا بل قهقهاتنا مرة ومرات رغم مشاهدة أعمالهم عشرات المرات. هؤلاء من علمونا أن الحياة نكته وعلينا الضحك عليها. علمونا بأنه مهما اثقلتنا الهموم والأحزان علينا مواجهتها بالضحك. علمونا بأن لا فرق بين هذا وذاك، وبين تلك وتلك فكلهم كانوا أعز الإخوان والأصدقاء، ووجودهم معاً يعني القوة، وما أضعفهم للأسف اليوم برحيل الواحد منهم تلو الآخر بقضاء الله وقدره.
أتعلم يا عبدالحسين؟ كانت مجرد فكرة رحيلك عنا تألمنا، فكيف بنا اليوم ونحن نعيش غصة فراقك؟ فتمهل علينا تمهل فقد استعجلت علينا  بالرحيل، ونحن وربك أكثر جيل بحاجة إلى ابتسامتك، بحاجة إلى من يقنعنا أن الدنيا ضعيفة أمام الضحكة، وأن الهموم تُهزم بالنكتة.
عذراً فنانو جيلنا، وعذراً فنانو الأجيال القادمة، لم يصل ولن يصل أحداً منكم إلى ما وصل إليه هذا الإنسان الراقي بفنه. ليس انتقاصاً من شأن أحد، وليس فقداً للأمل، بل لأن هذا الإنسان الفنان ملك قلوب الناس بعفويته الذكية، وبضحكته التي توهمنا دوماً إنه لا يشبه أي إنسان، وإنه كما يخيل إلينا أنه لا يعاني مثلنا من أية أحزان، وأن أي ازمة يمكن تجاوزها ما دمنا نحمل سلاح الضحك، وأن “درب الزلق” مهما كان قدراً من “الأقدار” يمكن التفوق عليه والأمان من مطباته.
كم كنت عظيماً يا عبدالحسين عبدالرضا… أرقد بسلام فأهل الجنة بانتظار ابتسامتك بانتظار فكاهتك، فكما أسعدت أهل الأرض حتماً ستسعد أهل السماء… فوداعاً يا عبدالحسين عبدالرضا.
ياسمينة: لو كان الأمر بيدي، لأعلنت الحداد ونكست جميع الأعلام في كل العالم العربي، ولنصبت له في كل بلد تمثال، فرحمك الله يا أبا عدنان.  

 
ياسمين خلف/ كاتبة بحرينية  
ليت الموت يمزح. ليته يتحدى عبدالحسين عبدالرضا في فن الدعابة، لنصحو على مزحة الموت الثقيلة ليخبرنا أنه حاول أن يكذب على العالم ولم يفلح، ليته كابوس وينجلي يا أبوعدنان ولم ترحل.
من أضحك الملايين خلال خمسون عاماً تمكن اليوم بحرقة أن يُبكيهم. أن يُبكي الصغير والكبير كما لو كان واحداً من أقرب المقربين إليهم. أن يجعل دموعهم تتساقط بحرارة لا لشيء سوى إنه قرر الرحيل إلى هناك…حيث “الوعد بالجنة”. رغم أنه باقٍ في قلوب كل محبيه في كل العالم العربي، وفي ذاكرة الزمن الجميل الذي لن يتكرر.
عبدالحسين عبدالرضا لم يكن ممثلاً عادياً وكذلك هم رفاق دربه، سعاد عبدالله، وحياة الفهد، والمرحوم غانم الصالح، وسعد الفرج، والمرحوم خالد النفيسي، وإبراهيم الصلال،والمرحوم عبدالعزيز النمش، ومريم الصالح والمرحومة مريم الغضبان. كوكبة لن تتكرر ولن تستنسخ. استلوا ابتساماتنا بل قهقهاتنا مرة ومرات رغم مشاهدة أعمالهم عشرات المرات. هؤلاء من علمونا أن الحياة نكته وعلينا الضحك عليها. علمونا بأنه مهما اثقلتنا الهموم والأحزان علينا مواجهتها بالضحك. علمونا بأن لا فرق بين هذا وذاك، وبين تلك وتلك فكلهم كانوا أعز الإخوان والأصدقاء، ووجودهم معاً يعني القوة، وما أضعفهم للأسف اليوم برحيل الواحد منهم تلو الآخر بقضاء الله وقدره.
أتعلم يا عبدالحسين؟ كانت مجرد فكرة رحيلك عنا تألمنا، فكيف بنا اليوم ونحن نعيش غصة فراقك؟ فتمهل علينا تمهل فقد استعجلت علينا  بالرحيل، ونحن وربك أكثر جيل بحاجة إلى ابتسامتك، بحاجة إلى من يقنعنا أن الدنيا ضعيفة أمام الضحكة، وأن الهموم تُهزم بالنكتة.
عذراً فنانو جيلنا، وعذراً فنانو الأجيال القادمة، لم يصل ولن يصل أحداً منكم إلى ما وصل إليه هذا الإنسان الراقي بفنه. ليس انتقاصاً من شأن أحد، وليس فقداً للأمل، بل لأن هذا الإنسان الفنان ملك قلوب الناس بعفويته الذكية، وبضحكته التي توهمنا دوماً إنه لا يشبه أي إنسان، وإنه كما يخيل إلينا أنه لا يعاني مثلنا من أية أحزان، وأن أي ازمة يمكن تجاوزها ما دمنا نحمل سلاح الضحك، وأن “درب الزلق” مهما كان قدراً من “الأقدار” يمكن التفوق عليه والأمان من مطباته.
كم كنت عظيماً يا عبدالحسين عبدالرضا… أرقد بسلام فأهل الجنة بانتظار ابتسامتك بانتظار فكاهتك، فكما أسعدت أهل الأرض حتماً ستسعد أهل السماء… فوداعاً يا عبدالحسين عبدالرضا.
ياسمينة: لو كان الأمر بيدي، لأعلنت الحداد ونكست جميع الأعلام في كل العالم العربي، ولنصبت له في كل بلد تمثال، فرحمك الله يا أبا عدنان. 
وصلة فيديو المقال

https://www.instagram.com/p/BXu7Ey0jFZE/

ياسمين خلف/ كاتبة بحرينية   ليت الموت يمزح. ليته يتحدى عبدالحسين عبدالرضا في فن الدعابة، لنصحو على مزحة الموت الثقي...

إقرأ المزيد »